ضياء الدين بلال: (سيجارة برنجي) في كيغالي!
-1- حكى لي صديقٌ قصَّةً طريفة، لو كُنتُ استمعتُ إليها من شخصٍ آخر أو اطَّلعت عليها ضمن منقولات الواتساب، لظننتُها قصَّة خيالية أو نكتة مصنوعة، بحنكة مُبدِعة.
قال الصديق، في إحدى زياراتهم للعاصمة الرواندية كيغالي، ظلَّ لوقتٍ طويلٍ يُمتِّع نفسه بسياحة بصرية في جمال ونظافة المدينة.
لم تقع عيناه على أيِّ شيء في غير موضعه، لا يوجد كيسٌ طائرٌ مجهولٌ المصدر، أو ورقة جائلة تبحث عن عنوان في أقرب مكبِّ نفايات.
وأثناء جولته البصرية، لمح على بعد أمتار قليلة من بوابة الفندق قطعة بيضاء صغيرة على الإسفلت.
تحرَّك صديقي من مكانه بدافع الفضول نحو القطعة، وحينما وقف عليها وجدها سيجارة تم التخلص منها بإهمال مع انتهاء آخر نفس، وربما أجهَزَ عليها من ألقاها بكعب حذائه.
ضحك صديقي في سرِّه، وهمس لنفسه قائلاً: في أيِّ مكان، هناك شخصٌ ما، يُفسد اللوحات الجميلة بتصرُّف أخرق.
وعندما مدَّ صديقي يده لرفع بقايا السيجارة كانت المفاجأة، ضحك بأعلى صوته، وهو يجد السيجارة من ماركة (البرنجي) السودانية!
(البرنجي) يُفسِدُ جمال اللوحة.
استبدَّ الفضول بصديقي، فدخل إلى الفندق، ليعرف مصدر تلك السيجارة السودانية الغريبة عن المكان وعن ذائقة مُدخِّنيه.
وحينما طرح السؤال على أعضاء الوفد السوداني، وجد أن أحدهم قام بتلك الفعلة في أنظف عاصمة إفريقية وفق تصنيف الأُمم المتحدة لعام 2015.
السودانيون يضعون بصماتهم في كُلِّ الأماكن التي يزورونها.
-2-
المدير العام لصحيفة (السوداني) الأستاذ حاتم عبد الغفار، رئيس القطاع الرياضي السابق بنادي المريخ، كان رئيساً لبعثة المريخ في دورة سيكافا، عام 2014، التي حاز على كأسها. ظلَّ حاتم بعد عودته ظافراً لأيام، يحكي لي بإعجابٍ وانبهارٍ عن مستوى النظافة والجمال في كيغالي، التي لم يَرَ لها مثيلاً.
حاتم إلى اليوم، كلما أراد أن يُعدِّل مزاجه العكر، من هزائم المريخ وانتكاساته الإدارية، ويُروِّح عن نفسه من غمِّ المطابع وأعطالها، يقوم بتشغيل (سي دي) على جهاز الكومبيوتر، مُنِحَ لهم من وزارة الإعلام الرواندية أثناء زيارتهم لكيجالي، يحوي فيلماً تسجيلياً عن المدينة، طرقاتها ومعالمها ومبانيها وخُضرتها البديعة، وتصحب تلك المشاهد خلفيَّةٌ مُوسيقيَّة.
سيجارة البرنجي وسي دي حاتم، كانا معي وأنا أُنزل زجاج السيارة التي تُقلِّنا من المطار إلى الفندق، ومن الفندق إلى مقرِّ مؤتمر القمة الإفريقية الاستثنائية، لإنشاء المنطقة الحُرَّة القارِّيَّة.
-3-
النظافة في رواندا ليست مظهراً فقط، بل هي ثقافةٌ وسلوكٌ يمتدُّ من الطرقات إلى المُعاملات.
لا تُوجد دولة إفريقيَّة أنجزت مُهمَّة مُحاربة الفساد وترسيخ قيم الشفافية مثل رواندا.
ثقافة محاربة الفساد تبدأ من المدارس ومناهج التعليم.
رواندا نالت ثقة كُلَّ المؤسسات الاقتصادية الدولية نتيجةً للشفافية التي تُدارُ بها مشروعاتها المُموَّلة؛ فالنظام الإداري، دقيقٌ في المتابعة، حاسمٌ في المُساءلة، رادعٌ في العقاب.
198 ضابطاً، تم فصلهم ومُحاكمتهم بتهمة الفساد، وصلت بعض المحاكمات إلى الإعدام.
قال لي دبلوماسي سوداني، إن صديقاً له راهنه بعشرة آلاف دولار، إذا وجد مواطناً رواندياً واحداً يقود سيارته دون أن يربط حزام الأمان، أو آخر يمتطي دراجة نارية دون أن يكون على رأسه خوذة.
على رجل شرطة المرور في رواندا – بالقانون – أن يتحفظ بفاصل مسافة متر ونصف المتر، وهو يتحدَّث إلى السائق، حتى لا يدسَّ في جيبه رشوة.
-أخيراً-
سأظلُّ ضدَّ ثقافة لعن الظلام وجلد الذات، وزراعة اليأس وبيع مُثبِّطات الهمم.
بإمكاننا أن نكون مثلهم، وأفضل منهم، إن أردنا ذلك وعزمنا عليه.
النظافة مظهرٌ وجوهر، سلوكٌ وممارسة، تُرسِّخُها الثقافة، وتدعمها القُدوة، ويحميها القانون، ويصونها المُجتمع.
ضياء الدين بلال
قل لصديقك الدبلوماسي ماهو دور الدبلوماسية السودانية في وفي وفي رعاية مواطنها ورعاية اقتصاد بلدها الذي تقوم عليه كل الانظمة ،، دبلوماسية سودانية تتمتع بكل شيء ولاتقدم للوطن ،، وأنتم السلطة الرابعة ماهو دورها في ترقية وخدمةالمواطن والطلوع بالزول من عنق حكاية صديقي الدبلوماسي وحكاوي صديقي الوزير وحكاوي وحكاوي
وبالمره نطلب من الاستاذ ضياء الدين أن يضوي لنا على صحافة كيغالي وماذا تكتب أن يطالعنا بعناوين الصحف هناك .. الموضوع ليس صدقة ي استاذ ضياء هناك مراكز دراسات وابحاث وتخطيط وخطط والحساب والد .. وليس اللحس وأحلس
لا تنتظر من مجتمع بائس لا يستطيع وضع القمامة في مكانها المناسب. ان يضع لك الرجل المناسب في المكان المناسب