لماذا يلتحق الأجانب بصفوف المقاتلين الأكراد في سوريا؟
أعلن في 19 مارس/آذار عن مقتل الشابة البريطانية آنا كامبل البالغة من العمر 26 عاما خلال المعارك في منطقة عفرين بسوريا، وبذلك ارتفع عدد البريطانيين الذين قتلوا هناك وهم يقاتلون الى جانب المقاتلين الأكراد إلى ثمانية.
البريطانيون ليسوا الوحيدين الذين يقاتلون إلى جانب وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، التنظيمان المسلحان التابعان لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، بل هناك عشرات المقاتلين من مختلف أنحاء العالم تقاطروا إلى جبهات القتال الى جانب المقاتلين والمقاتلات الكرديات. فما الذي يدفعهم إلى ذلك؟
“لحظة الحقيقة”
يشرح أحد أوائل المقاتلين الأجانب في صفوف وحدات حماية الشعب، البريطاني ميسر غيفورد في مقابلة معه عام 2017 سبب تركه عمله المريح في لندن والتحاقه بجبهات القتال قائلا: “بحكم عملي في حي المال في مجال البنوك كنت اقرأ الصحف اليومية لأن عملي له علاقة بالأوضاع السياسية في العالم فكنت أعرف ما يجري حول العالم لكن لحظة الحقيقة كانت عندما شاهدت فرار نحو عشرين ألف ايزيدي نحو جبل سنجار في العراق”.
وعندما لم يتحرك العالم لإيقاف المذبحة بحق الأيزيديين، ترك غيفورد عمله وألغى عملية شراء البيت التي كانت على وشك الاتمام وترك شريكته لينضم إلى وحدات حماية الشعب في سوريا.
ويضيف غيفورد الذي كان عضواً في حزب المحافظين في بريطانيا منذ السابعة عشرة إن تجربته في سوريا قد غيرت مسار حياته من الناحية الفكرية، موقف “الأكراد من قضايا الديمقراطية والمساواة والحياة بشكل عام أمر يدعو للبهجة. هناك مساواة حتى على جبهات القتال، القائد الذي يعتقد المقاتلون أنه غير جدير بالقيادة تتم الإطاحة به عبر التصويت”.
ويتحدث غيفورد عن تجربة أكراد سوريا في حكم المناطق التي يديرونها حاليا وفرصة نجاحها وتعميمها بقوله: “الإمبريالية هي التي خلقت الشرق الأوسط الحالي دون أي اعتبار للإختلافات الدينية والقومية في المنطقة ونحن في الغرب حاولنا من موقف الجاهل وبفوقية وغطرسة فرض أفكارنا ومثلنا على شعوب الشرق الأوسط وأمامنا تجربة غزو العراق 2003 التي تثبت فشل هذه السياسة”.
واجب” أممي”
أغلب المقاتلين الأجانب يرون أنهم يقومون بواجب أممي، دفاعا عن أكراد سوريا وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية التي كان معظمها ضحية التهميش لعقود، دون أن يلقى ذلك اهتماما لدى الرأي العام العالمي. ومن بين نتائج الصراع في سوريا إلقاء الضوء على واقع هذه المجموعات. ولفت هذا الأمر أنظار فئات من النشطاء السياسيين حول العالم من مشارب مختلفة من يساريين وتروتسكيين وأمميين ومدافعين عن حقوق النساء وفوضويين. كما تضم هذه المجموعة عددا من الغربيين المعادين للتطرف الاسلامي بصيغه المختلفة مثل “الدولة الاسلامية” و”القاعدة” وغيرها من الجماعات الجهادية.
متطوعة بريطانية مع الأكراد تقتل في عفرين
ونجح النشطاء الأكراد المرتبطون بوحدات حماية الشعب أو المرأة في تقديم صورة جذابة عن تجربة هاتين الجماعتين في قتال المتطرفين و”تحرير النساء والاطفال” من سيطرة “الدولة الاسلامية” وإقامة إدارات ذاتية في المناطق التي تتم السيطرة عليها تعتمد مبدأ الكومونات الصغيرة انتهاء بالمجالس المحلية وتخصيص نصف المناصب أو المقاعد في جميع المجالس للنساء والقيادة المشتركة للرجل والمرأة في كل المناصب القيادية.
وصفحات التواصل الإجتماعي بمختلف لغات العالم هي السلاح الفعال بيد أنصار تجربة أكراد سوريا لكسب مزيد من المؤيدين والأنصار والمتطوعين في الخارج.
البريطانية آنا كامبل قتلت في معارك عفرين ضد الجيش التركي والجماعات المتحالفة معه
ويقول الناطق باسم وحدات حماية الشعب في عفرين، بروسك حسكة، إن عشرات المقاتلين الأجانب التحقوا بجبهات القتال لمحاربة الجماعات المتطرفة وقد انتقل عدد منهم إلى عفرين للقتال ضد الجيش التركي والمسلحين السوريين الموالين لتركيا رغم المخاطر التي تواجههم أثناء السفر إلى سوريا وحتى إمكانية تعرضهم للاعتقال في بلدانهم الاصلية.
و أضاف حسكة: هناك حوالي 150 مقاتلا أجنبيا حاليا في صفوف وحدات حماية.
وفي ما يتعلق بالتدريب الذي يتلقاه المتطوعون الأجانب في سوريا يقول نوري محمود، الناطق باسم وحدات حماية الشعب، إن المتطوعين يخضعون للتدريب العسكري ودورات تثقيفية لاطلاعهم على عادات تقاليد وثقافة المنطقة وكيفية التعامل مع المجتمعات المحلية والاندماج فيها.
ورغم تحالف وحدات حماية الشعب مع القوات الأمريكية في محاربة “الدولة الاسلامية” إلا أنها تتبنى أفكاراً يسارية.
ويقول المحامي رون كوبي، أحد اصدقاء الأمريكي روبرت جرودت الذي قتل أثناء معارك مدينة الرقة 2017، إن الأخير انضم إلى هذه الجماعة بسبب تأثره بالفكر اليساري للأكراد وأضاف كوبي “إن روبرت شعر أن من واجبه الأخلاقي الدفاع عن العدل ومحاربة الظلم وإقامة عالم أكثر عدلا”.
بي بي سي