بعد التضارب في واشنطن .. ما عقبات لقاء ترامب بجونغ اون؟
أثارت موافقة الرئيس الأمريكية دونالد ترامب على دعوة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون للقائه والنفي اللاحق الذي أصدرته الخارجية الأمريكية جدلا واسعا داخل الإدارة الأمريكية.
ويرى مراقبون أن فكرة لقاء ترامب بجونغ أون تواجهها العديد من العقبات والعوائق خاصة بعد محاولة واشنطن وضع اشتراطات مسبقة في خطوة اعتبرت تنصلا من موافقة الرئيس على مبدأ اللقاء.
عقبات اللقاء
وبحسب تصريحات رئيس مكتب الأمن القومي في كوريا الجنوبية تشونغ يوي يونغ للصحفيين فإن كوريا الشمالية تعهدت بإيقاف تجاربها النووية والصاروخية، وهو ما كانت تطالب به واشنطن والمجتمع الدولي، فهل هذا العرض الكوري سيسهل عقد الاجتماع؟ وما الذي قد يعيق هذا اللقاء؟.
ويرى أستاذ العلوم السياسية والباحث أسامة أبو ارشيد أن أول عوائق عقد لقاء زعيمي كوريا الشمالية وأمريكا، حالة الفوضى التي تعيشها إدارة دونالد ترامب لأنه لا يبدو أن هناك توافقا داخلها على الاجتماع، دون تحضيرات أو أخذ تعهدات مسبقة من كوريا الشمالية بالنسبة لبرنامجها النووي، بحسب قوله.
وتابع أبو ارشيد في حديث لـ”عربي21″: “دونالد ترامب مضى في هذا القرار دون أخذ رأي من حوله من مستشارين وحتى وزير الخارجية لم يكن يعلم بالأمر، وكان تيلرسون صرح قبلها بيوم من أثيوبيا، بأنه لا توجد محادثات في المرحلة الحالية، ثم شاهدنا ترامب يعلن بأنه ستكون هناك محادثات”.
وأضاف: “الأمر الثاني هو ما الذي تريده كوريا الشمالية من هذا اللقاء، فهناك توقعات بأنها ورئيسها يريدون أن يضعوا أنفسهم على مستوى الندية مع الولايات المتحدة، فكيم الذي لم يلتق بأي رئيس من قبل، سيمنح نفسه في حال التقى بترامب مصداقية داخل بلاده ويقدم نفسه كزعيم، وقد يأتي دون أن يقدم ما تتوقعه الإدارة الأمريكية منه”.
وأشار ابو ارشيد إلى أنه لا يوجد ترتيبات حقيقية لهذا اللقاء إلى الآن، وقد تكون هناك بعض المعارضة من حلفاء أمريكا خاصة اليابان، إن لم تكن هناك ضمانات بأن هذا الاجتماع سيسفر عن نزع السلاح الشمالي، وفق قوله.
من جهته قال المحلل السياسي الروسي أندريه اونتيكوف: “في حال رأينا الاجتماع أصبح أمرا واقعا، فإنه سيُعقد في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ”.
وأوضح اونتيكوف لـ”عربي21″ أن “هناك تساؤلات حول إذا ما كان ترامب سيزور بيونغ يانغ أم لا؟ والإجابة عليها هي ما يؤشر إلى إمكانية انعقاد الاجتماع من عدمه”.
وأضاف: “هناك إرادات داخل أمريكا تدفع لاستمرار الصراع في شبه الجزيرة الكورية، من أجل الحفاظ على تواجد القوات الأمريكية في المنطقة”.
النووي الجديد القديم
وشكّل برنامج كوريا الشمالية النووي وتجاربها الصاروخية حجر عثرة في طريق تطبيع العلاقات بينها وبين واشنطن، فالأخيرة تشترط على بيونغيانغ نزع أسلحة الدمار الشامل قبل الحديث عن رفع العقوبات.
ولفت اونتيكوف على أن ليس فقط التجارب النووية الكورية الشمالية قد تعيق عقد اللقاء، وإنما أيضا المناورات المشتركة بين سيئول وواشنطن في المنطقة، بالتالي قد لا ينعقد الاجتماع بحسب قوله.
بدوره رأى أبو ارشيد بأنه إذا وضعت الدولتان شروطا مسبقة، قد يكون هناك مشكلة باللقاء، والأمر يعتمد على صدق نوايا كوريا الشمالية في نزع سلاحها النووي وبدون نزعه سيكون اللقاء محكوما بالفشل، بحسب قوله.
وتابع: “هناك معضلة وهي أن الإدارة الأمريكية لا تستطيع إعطاء إجابة واضحة، لأنه لا يوجد صوت واحد يتكلم داخلها، فترامب وافق على الاجتماع دون شروط، وحاول مستشاروه أن يصلحوا هذا الخلل ويضعوا شروطا، غير معلومة إلى الآن والتصريحات الصادرة عن الإدارة تحمل تناقضات”.
موقف الحلفاء
وعلى صعيد موقف حلفاء كوريا الشمالية وخاصة الصين قال أبو ارشيد بأنه لا يمكن الجزم بأن تسمح بكين بهذا التقارب بين الدولتين.
وأشار إلى أن الصين على ما يبدو رحبت بهذه التطورات، مستدركا بالقول: “لكن مرة أخرى بكين لن تسمح بأن تخسر تأثيرها على كوريا الشمالية ولن تسمح بوجود تأثير مواز لها على حدودها وخاصة الأمريكان”.
وعبر المحلل السياسي عن اعتقاده بأن الصين لن تسمح بمفاوضات مفتوحة، فهي قد تقبل بنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، لكنها سترفض استبدال تأثيرها بالأمريكي.
وتابع: “هناك محددات خاصة أن روسيا الآن تشعر بأنها محاصرة من ناحية أوكرانيا، وبالتالي لن تقبل أن تُحاصر أيضا من كوريا الشمالية، وكذلك الصين”.
وأوضح أبو ارشيد أن اللعبة الجيوسياسية ستكون عاملا أيضا في المدى الذي قد تمضي إليه المفاوضات، بمعنى قد يُسمح بنزع سلاح كوريا النووي، لكن لن يُسمح بتحولها إلى امتداد أو ساحة تأثير أمريكي أو حتى إلى علاقة فيها نوع من الودية بين الطرفين، لان هذا سينزع ورقة رابحة من يد الصين تحديدا.
وعاد اونتيكوف للقول إن الأطراف ترغب بحل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، مع أني لا اعتقد بأنه سيكون هناك تقارب بين أمريكا وكوريا الشمالية بحسب قوله.
ولفت إلى أن حلفاء الشماليين وخاصة الصين يريدون الحوار البناء والمفاوضات لحل أزمة المنطقة.
وشدد على أن “الصين تلعب دورا هاما في حل الأزمة هناك واعتقد، أنها ستستمر في سياستها هذه”.
عربي21