تحقيقات وتقارير

خلال أزمة (السيولة) الحالية… الصرافات الآلية… ما بين (فقدان الثقة) والصعود لـ(قمة النجومية)!

همس لزميله بمقر العمل دالاً إياه على موقع الصراف الآلي الذي يحتوي على (سيولة)، وحَرِصَ على أن يكون همسه رقيقاً خشية أن يسمعه البقية ويصبح مقصد الجميع ويشيع سره الذي احتفظ به لنفسه، فرحلة البحث عن صراف به (سيولة) باتت حلم يؤرق الجميع، بالمقابل صعدت (الصرافات الآلية المغمورة) إلى عرش النجومية وتربعت رغم وجودها بأماكن نائية جداً، بينما هيئتها العامة لا توحي على الإطلاق بأن تكون قيد العمل ناهيك من أن تتوفر بداخلها (سيولة)، وما بين هذا وذاك أصبحت (الصرافات الآلية) اليوم حديث المدينة و(وونستها) التي لا تنتهي.

 

(1)
بعبارات رقيقة هادئة طلبته عبر الهاتف لتقول: (معليش جيب معاك سلطة وعيش) تلك العبارات الكارثية، فالرجل موظف يخرج من مكتبه مساءاً معتمداً على الصراف الآلي الذي يجاور مقر عمله ليأخذ بعض مصروفاته حتى يتمكن من سد حاجة أُسرته اليومية، (س.ع) الموظف استقبل مكالمة زوجته على مضض وتحرك نحو أقرب صرَّاف وكانت الفاجعة بعدم وجود سيولة، ليتردد الرجل على أكثر من اثنتي عشر صراف آخر ويعود منزله بعد أن تجاوزت الساعة العاشرة مساءاً مكتوف الأيدي بعد أن كثرت ملاحقات زوجة له عبر الهاتف بإلحاح. ويضيف (س) في حديثه لـ(كوكتيل): (في اليوم التالي خرجت صباحاً قبل شروق الشمس وقبل موعد دوامي بحوالي ثلاث ساعات حتى أتمكن من العثور على صراف يعمل، وكانت المفاجأة الكبرى عثوري على صراف آلي يعمل بركن قصي في منطقة طرفية مهجورة لا يستطيع عاقل الدخول إليها)!

(2)
(أسكن في منطقة طرفية بالخرطوم جنوب على بعد ساعة ونصف من منطقة أبو آدم (الكلاكلة)، وأقضي زمناً طويلاً حتى أتمكن من الدخول للعاصمة مقر عملي)، وتواصل الموظفة عائشة العبيد حديثها مضيفة: (عند مدخل أبو آدم ألحظ يومياً صرافاً آليّاً وتنتابني الحيرة كيف لبنك ما أن يضع صرافة بهذه المنطقة القصية؟ وأضحك في نفسي متسائلة: هل لشخص عاقل أن يرتاد هذا الصراف ويجد به سيولة؟، كما كنت على الصعيد الشخصي أرتاد صرافات العاصمة الرئيسية لثقتي في وجود سيولة بها، ولحكمة يعلمها الله لم أجد بالأمس صرافاً آليّاً يعمل غير ذلك المهجور الذي لا يتوقع أحد عمله على الإطلاق، ليحل الصراف الذي أضحك عليه حيرتي المادية).

(3)
(الأطفال الذين يلعبون في ضواحي الحي وأماكنه الخفية هم فقط من يعلمون مكان ذلك الصرّاف المهجور الذي يتخذونه في كثيرٍ من الأحيان مخبأً لهم يمارسون فيه سياسات ألعابهم الغريبة)… بهذه العبارة ابتدر خالد المصطفى الطالب الجامعي حديثه لـ(كوكتيل) قبل أن يضيف أنه ظل يبحث متسائلاً لفترة تجاوزت الأسبوع عن صراف آلي يعمل لكنه لم يجد إجابة الشافية إلا في عبارات طفل ظن أنه يمزح حينما قال له: (والله الصراف الكنا بنلعب فيهو أمس شفت كم زول صرف منو)، ومن منطلق (حلم الجيعان عيش) توجهت مسرعاً نحو ذلك الصراف وبحمد الله عثرت على السيولة التي أريدها!

(4)
موظف بأحد البنوك فضل حجب اسمه أضاف أن انعدام السيولة في الصرافات في هذه الفترة جاء نتيجة عن قلة الضخ من البنوك والأزمات المصرفية العامة التي تمر بها البلاد؛ فالبنوك تميل لسياسة إشباع حاجة العملاء المباشرين بدلاً عن الضخ في الصرافات وهنا تكمن الأزمة، كما أضاف الرجل أن جميع البنوك ملتزمة بتوجيهات بنك السودان المركزي ولكن قضية انعدام السيولة ببعض الصرافات قد تكون أزمات يختلقها المواطن لكثرة الصفوف والازدحام بالصراف الذي تتوفر فيه السيولة، ويختتم الرجل ضاحكاً: (الصرافات المهجورة البعيدة بالتأكيد هي صرافات معتمدة وبها سيولة لكن لأنها غير معروفة ومناطق وجودها بعيدة وأصبحت مهجورة ومستبعدة، لذلك فهي بالفعل الآن تتربع على عرش النجومية).

 

تقرير: وسام أبوبكر
صحيفة الصيحة