استراتيجية السودان لتحقيق النبوءة التركية ليصبح مارداً اقتصادياً!
في كل يوم يحقق السودان -بمعدلات موضوعية- نجاحات في إعادة ترتيب بيته الاقتصادي والواقع ان هذه النجاحات فى ظل الظروف الصعبة التى يقاسيها هذا البلد، نجاحات ليست سهلة ولا يمكن لعاقل ان يستهين بها ويقلل منها!
ولمن يتمعن في الاستراتيجية التى اتبعتها الحكومة السودانية فى الاسابيع الثلاثة الماضية لترسيخ موجهات الموازنة العامة لعام 2018 والخروج من تشوهات الاقتصاد المزمنة، يمكنه ان يلاحظ الآتي:
أولاً، لم تتراجع الحكومة قط عن الموازنة العامة 2018 على الرغم من الموجهات الصعبة -وان شئت القاسية- التى جاءت فيها، وهذا يعني ببساطة ان الموازنة العامة لهذا العام على وجه الخصوص موازنة استراتيجية لديها هدف استراتيجي يتمثل في اخراج الاقتصاد السوداني من حيز العجز والتضخم و التشوهات المتعلقة بالدعم و تناقض سياسة التحرير مع الدعم الى سعة الاقتصاد الواقعي القائم على اسس واضحة ويعتمد على ضرورة الانتاج والانتاجية و ثبات سعر الصرف.
ثانياً، حصرت الحكومة عمليات الاستيراد على ضرورة مراجعة البنك المركزي لأي طلب استيراد فما على الجهة الطالبة للاستيراد الا تقديم طلب مشفوع بمطالبها و قائمة السلع و مدى اهميتها لتحصل في غضون 24 ساعة على الموافقة او الرفض.
وفرضية الموافقة او الفرض هنا يتحكم فيها البنك المركزي على الأولويات والمقصود من الاولويات مراعاة أهمية السلع المطلوب استيرادها وما اذا كانت لها اهمية قصوى ومدى اعتماد الدول عليها، وهذه النقطة استراتيجية للغاية. ان الدولة هناك تستطيع ان تسيطر تماماً على اولويات الاستيراد بما يعني توجيه العملة الاجنبية المتوفرة لدى البنك توجيهاً سليماً لا يخل بالميزان التجاري و يتيح استخدام النقد الاجنبي استخداما مفيدا.
والواقع ان قضية الاستيراد بهذا الاجراء الاستراتيجي هي بمثابة ايجاد معالجة مستمرة ومستقرة لاستخدام النقد الاجنبي بالصورة المثلى، كما ان من شأن ذلك المحافظة على سعر الجنيه مقابل النقد الاجنبي، كما ان البنك المركزي بهذه السياسة سيمتلك احصائية واضحة لما تم صرفه لاستيراد السلع الاستراتيجية والمهمة، وهي مسألة كانت في السابق غائبة وكانت تحدث ارباكاً للميزان التجاري.
ثالثاً، دخلت الحكومة السودانية بجرأة الى ميدان منع الاحتكار. صحيح ان سياسة التحرير الاقتصادي السائدة في البلاد تعنى حرية العرض و الطلب والتسعير ولكن الحكومة وحتى تمنع استغلال وجشع البعض عمدت على منع الاحتكار بحيث لا يحتكر شخص او جهة استيراد سلع مهمة ويبيعها بالسعر الذي يحقق ارباحاً فاحشة، الحكومة أعدت العدة لكي تتدخل في الحيلولة دون قيام جهات باحتكار السلع وتسعيرها وفق هواها .
وزير المالية السوداني الفريق الدكتور الركابي قال للصحفيين مطلع الاسبوع الماضي ان الحكومة لن تسمح بعد الآن باحتكار استيراد و بيع السلع بحيث يصبح الامر فوضى و مغالاة في الاسعار. تدخل الحكومة في الحد من الجشع أمر كان مطلوباً وملحاً لكي يتم القضاء على الغلاء الذي يتأثر به المواطنون بصورة مباشرة، هذه الاجراءات وبمعزل عن اجراءات اخرى تقوم بها الحكومة دون اعلان او ضوضاء مثل كبح جماح المضاربين فى النقد الاجنبي وملاحقتهم ومنع البنوك من تمويل عمليات استيراد مباشرة، والحد من تهريب السلع عبر الحدود إلى الجوار، اعطت الاقتصاد السوداني في غضون ايام دفعة كبيرة وعادت اليه الروح و الحيوية الامر الذي يبشر بأن يتعافى الاقتصاد و ان يحقق نبوءة الخبراء الاقتصاديين الاتراك بأن السودان سيصبح دولة اقتصادية كبرى في غضون 15 عاماً مقبلة فقط.
صحيفة الصحافة.