اللافتات الانتخابية: تعاطف مع مرشح بلا حظ
بين بضع ليال وضحاها، اختفت معالم بعض الشوارع الرئيسة وتوارت علامات ميادين تحت وطأة لافتات التأييد. رجال أعمال، وتجار محال تجارية، ومواطنون، ونواب برلمان، ومحامون، ومهندسون، ناهيك عن مؤسسات تعليمية وأخرى مهنية وثالثة تجارية، كلهم أعلنوا إنهم على قلب رجل واحد وعقل امرأة واحدة: «معاً من أجل الرئيس السيسي لفترة رئاسية ثانية».
ثنائية اللافتتين المتلاصقتين لرجلي الأعمال المتنافسين على الهيمنة على مجموعة من المحال التجارية في منطقة حيوية في منطقة العتبة التجارية الشعبية وسط القاهرة لم تستوقف كثيرين. الغالبية اعتقدت أن اللافتتين مؤيدتان للمرشح نفسه. لكن الأقلية من المتابعين لعمليات تجارة التجزئة في السوق الشعبية على دراية كاملة بأن «الحاج» الأول يؤيد الرئيس عبدالفتاح السيسي لفترة ثانية «علشان يبنيها» أما «الحاج» الثاني فيؤيده «علشان يكمل المشوار». وعلى رغم تطابق الغرض المعلن وتساوي التوجه المثبت، فإن الصورتين الشخصيتين الضخمتين المثبتتين على اللوحتين بجوار صورة للسيسي تشيران إلى أن الأول شخص يختلف تماماً عن الثاني.
لافتات الانتخابات الرئاسية تدفع متابعها إلى الاعتقاد بأن المرشح الوحيد هو الرئيس السيسي. فلا أثر أو أمارة دعائية تشير إلى وجود المرشح موسى مصطفى موسى، ما دعا بعض المهتمين في الشأن السياسي والمتابعين للوضع الدعائي إلى التساؤل عن وضع المرشح موسى! والتساؤلات لا تخلو من تعاطف إنساني وتراؤف عاطفي للمرشح المحروم من أي نسائم دعائية. وقبل ساعات خرج أحدهم ببشرى هزت قلوب المتابعين على «فايسبوك»، حيث أعلن وجود لافتتين على مطلع الطريق الدائري للمرشح موسى.
الثقة الكبيرة التي تعتري الملايين بأن فرص السيسي في الفوز في الانتخابات الرئاسية الموشكة تجعل كثيرين يتساءلون عن الغاية الحقيقية من اللافتات. وبينما كانت مجموعة من العمال توشك أن تعلق سلسلة من اللافتات في ميدان روكسي في حي مصر الجديدة في القاهرة نشب سجال بين المارة حول جدوى اللافتات. مجموعة رأت فيها ضرباً من البذخ حيث كان في الإمكان توفير كلفة الطباعة والتعليق وتخصيصها لأغراض أخرى أحق. أما المجموعة المواجهة، فقد رأت في الدعاية حقاً للرئيس والمرشح الآخر، لا سيما أن إنجازات الأول تستحق الإشارة والإشادة والارتكاز عليها لبرنامج انتخابي.
ومن أجل مصر، دأبت سيدة تقطن في الطابق الأول في شارع رئيس على تعليق لافتات مؤيدة للرئيس السيسي كلما تعرضت مصر إلى عملية إرهابية، أو هجمة إعلامية غربية. هذه الأيام اختارت السيدة المصرية بضعة أبيات شعرية من تأليفها قوامها «حكاية وطن ولا حكاية شجن، معجونة صراحة وصدق ولا نغم، يكونش اخترت قلوبنا ليك سكن، تستاهل قلوبنا هو مين زيك حكم». المارة أسفل الشرفة، ويعتقدون دائماً أن السيدة عضو في جماعة داعمة للرئيس، أو ممثلة عن حزب مؤيد له، أو ما شابه. قليلون فقط يصدقون أنها مواطنة مصرية مسنة لا علاقة لها بالسياسة من قريب أو بعيد.
الحياة