عصام (الترابي) : رأيت البشير وصلاح قوش أكثر من مرة قبل الحوار في هذا الصالون و (نحنا عارفين إنو الشيخ ما داير المشاركة).. ولكن!!
عصام (الترابي):
*(نحنا عارفين إنو الشيخ ما داير المشاركة).. ولكن!!
*لم تظهر أعراض مرض القلب عليه وتجاوز أربع جلطات دون تدخل طبي!!
*أعرف من التقوا بالترابي سراً من قيادات اليسار في إطار المنظومة
* في الفترة الأخيرة نافع (قرب شديد من الشيخ)
*اعتداء كندا مؤامرة شارك فيها هاشم بدر الدين ومقربين من الأسرة
*رأيت البشير وصلاح قوش أكثر من مرة قبل الحوار في هذا الصالون
*عزلوه بعد العودة من كندا وأخذونا لزيارته في عربة مغلقة الجوانب
*الحرية الحالية كافية لقيام المنظومة
في الخامس من مارس 2016م إختطفت يد المنون الدكتور حسن الترابي (84 عاماً)، وولد الترابي عام 1932 في كسلا. ودرس الحقوق في جامعة الخرطوم منذ عام 1951 حتى 1955، وحصل على الماجستير من جامعة أكسفورد عام 1957، وحصل على دكتوراه الدولة من جامعة السوربون بباريس عام 1964. كما يتقن أربع لغات بفصاحة وهي العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية.
كان الترابي أستاذاً في جامعة الخرطوم ثم عين عميداً لكلية الحقوق بها، ثم وزيراً للعدل في السودان. وفي عام 1988 عين وزيراً للخارجية. كما اختير رئيساً للبرلمان في السودان عام 1996. واختير أميناً عاماً للمؤتمر الوطني الحاكم 1998.
شب خلاف بينه وبين الرئيس عمر البشير تطور حتى وقع انشقاق في كيان النظام 1999، فأبعد الترابي من مناصبه الرسمية والحزبية، وأسس عام 2001 “المؤتمر الشعبي”.
هذه شذرات مختصرة من سيرته الذاتية وفي رحيله الثاني رأت (الجريدة) أن تقلب بعض المحطات والتفاصيل في حياته التي لم تنشر مع نجل الترابي عصام فإلى مضابط الحوار.
*أول ما يلفت النظر هو أن منزل شيخ حسن أصبح خالياً من الزوار؟
– بيت شيخ حسن رحمه الله لم يخلُ من الزوار أصلاً، فقبل ساعة من الآن كان هناك شباب إجتمعوا وتفاكروا حول تنظيم منشط غداً بالمنزل بمناسبة ذكرى رحيله، وقالوا إن الدعوة إستجاب لها حتى الآن حوالي 250 شخصاً، وهي عبارة عن صيام وختمة قرآن تُهب لروحه، وما زالت الوفود المعزية تترى بالرغم من مرور عامين على الرحيل، هذا لا يعني أن رحيل شيخ حسن لم يترك فراغاً، فحقيقة هو فقد جلل للسودان والعالم أجمع، والحزن على فقده هاجس مقيم من الصعب تجاوزه، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله، فشيخ حسن كالنجم لم يخبأ كلما إزداد بعداً إزداد بريقاً ولمعاناً، ولذلك حتى مشاعرنا تظل مضغوطة بالحُزن على شيخ حسن، ومهما تصاغرت المصائب أمامنا مصيبتنا في فقده كبيرة والحمد لله فهو القادر على كل شيء.
*هل ما زال منزل الشيخ مفتوحاً كسابق عهده قبل رحيله؟
– أكيد نعم، إجتهدنا بكل وسعنا أن نبقيه مفتوحاً للجميع، فهذا البيت كان بابه مشرعاً حتى للغاشين ومن يقصدونه لشرب الماء والصلاة، والآن الإخوان في مجلس الشيخ عمروه فهم يعقدون مناشط راتبة يتحدثون فيها عن أفكاره في السياسة والفقه وغيرها من ضروبات الحياة المختلفة، الحزب (المؤتمر الشعبي) أحياناً يستخدم البيت لإقامة مناشطه منها جلسة الشورى المشهودة التي إنتظمت لساعات طوال إنتهت بقرار الشعبي المشاركة في الحكومة.
*كيف إستقبلتم هذا القرار وأنتم أكثر من تضرر من مفاصلة الإسلاميين؟
– أبداً لم نعترض على ذلك وهذا هو قرار الشورى، وشيخ حسن علمنا أنه يخضع للشورى ولا تخضع له، و(نحنا عارفين إنو ما داير المشاركة) وإنما التفرغ للمنظومة الخالفة، ليستعد عبرها لخوض الإنتخابات في العام 2020م، ولكن وافته المنية قبل تحقيق هدفه، ونحن شهدنا ما دار في الشورى بأم أعيننا وكيف إنتهى الأمر بعد السجال الحامي إلى قرار المشاركة، وبالتالي لسنا بنادمين على ذلك، ولم ينتابنا شعور بأن القرار خطأ، بل سألنا الله لهم التوفيق والسداد، فالشورى لا تأت إلا بخير.
* آخر ما عكف عليه شيخ حسن هو المنظومة الخالفة كما تفضلت ولكنها دفنت معه؟
– المنظومة لم ولن تدفن هي خيار إستراتيجي في التعامل مع الواقع والمعطيات الحالية، فالشيخ طوال عمره ظل يغير ويحدث في طريقة التنظيم مرحلة بعد مرحلة، فالحركة من جماعة إخوان صفوية أصبحت جبهة ميثاق، وفي عهد النميري عندما إشتد القمع كان الإتجاه الإسلامي هو الأكثر نشاطاً بالجامعات، وما أن بُسطت الحريات في الديمقراطية الثالثة حتى شرع الشيخ وإخوانه في تكوين الجبهة الإسلامية، وطاف على كل الأقاليم والمدن والفرقان، وطرق كل الأبواب حتى كانت الجبهة الإسلامية القومية، وحقيقة لم يكن تأسيس الجبهة سهلاً وإذكر أننا في هذه الطوافات عانينا من لؤم الطائفية واليسار، حصبونا بالحجارة وكادوا العديد من المؤامرات لدرجة أن الشكوك تساورني بأنهم لا يؤمنون بقبول الآخر والحريات والديمقراطية، ومع كل هذا الأذى التيار الإسلامي لم يتوقف، وشقت الجبهة الإسلامية طريقها ونالت أغلبية ساحقة في دوائر الخريجين ومقاعد برلمانية مقدرة في الدوائر الأخرى، وتميزت بنشطائها (الكوادر) النوعيين.
*هذا هو الإطار النظري الذي إفترض الخيار، ماذا عن المنظومة وهل لديك علم بها؟
– شيخ حسن درسنا المنظومة، وحتى الكتاب سلمني نسخة منه بنفسه.
*بحكم وجودك بالمنزل هل شهد لقاءات سرية بخصوص المنظومة الخالفة؟
– نعم شهد لقاءات علنية وسرية.
*هل شارك في هذه اللقاءات قيادات من اليسار؟
– شيخ حسن لم يكن يوماً منكفئاً على الشخوص، وهو داعية لم يرتهن لفئة قط، بل ظل يدعو الجميع بدون فرز أو النظر لأ فكارهم، والإستجابة عنده قد تأتي من الطرف الآخر، لأن من شاطروه الفكرة يمكن أن يخونوها ويسعوا بالمؤامرات ويزجون بإخوتهم في السجون، فالدعوة عند الشيخ لا تقتصر على فئة، ولذلك في المنظومة إتبع ذات النهج فحتى الذين دعاهم قد لا يكونوا مثل العشرة أو من شايعهم.
*هل تعرف أسماء الذين إلتقوا به سراً من قيادات اليسار؟
– أعرفهم ولا أكشف عن أسمائهم.
*إذا كانت المنظومة حتى الآن تنبض حياة من هو الممسك بتفاصيل إنفاذها، وماذا عن الشعبي؟
– الحزب مقدر له أن ينخسف بحسب المنظومة بمعنى يذوب، ولا يصبح هناك شعبي ولا الأحزاب الأخرى أو القيادات المشاركة في المنظومة، وحتى هذا الإسم هو مقترح ومتى ما تداعى الناس إلى هذا الكيان يمكن أن يختاروا إسماً آخر، والمنظومة هي اسم العمل وخالفة لتخلف الأحزاب التي ماتت في جذورها فالساحة لا تعرف الفراغ، والرأي كذلك كان بتقليص الأحزاب الموجودة حالياً.
*هل دُعي الحزب الحاكم للإنخراط في المنظومة؟
– طبعاً مافي حجر على أحد وإذا دعي يسار اليسار بالتأكيد الوطني سيدعُي، خاصة وأن الشيخ يعلم بأن الذين إنحازوا إليه في أعقاب المفاصلة بعضهم دفعته متطلبات المعيشة وبعضهم إستأذن منه وذهب.
*ماذا عن دور الحزب؟
– تقديرات الإخوان في الشعبي محترمة، فهناك من يرى أن المنظومة لا يمكن أن تقوم إلا بعد أن تبسط وتتوفر الحريات الأتم، وبالرغم من أنني أرى خلاف ذلك، إلا أن القيادة منتخبة من المؤتمر العام وإن أخطأت أو تقاعست ولم تهب للدعوة الى المنظومة، فالتصحيح يكون من قبل القيادة والشورى والمؤتمر، وحتما ستأتي الحريات كاملة غير منقوصة.
* وكأنك ترى أن الحريات الحالية كافية لقيامها؟
– الآن على الأقل مافي حجر عليهم في الحزب، فهل منعوا من مقابلة الناس أو الإجتماعات بالتأكيد الإجابة لا..الحكومة لم تمنع التواصل وإنما المظاهرات والمنظومة ليست مظاهرات ولا عمل مسلح وإنما هي تداعي سياسي، ولذلك أرى أن العمل بشأنها يمكن أن يمضي في ظل الوضع الراهن.
*باعتبارك كنت ملازماً للشيخ في رحلته العلاجية الأخيرة متى ظهرت أول إشارة حمراء في ملفه الصحي؟
– حقيقة أنا علمت بوجود إشارة حمراء قبل سفرنا لرحلته العلاجية في قطر، وقال لي إنه بصدد إجراء فحوصات، وفي الغالب هو دائماً ما يعطيك المعلومة بقدر الجزء الذي تحتاجه، وفي هذه المرة ربما كان لا يريد أن يخيفني على صحته، ويومها أجبته بأني سأجلس لإمتحانات (الماجستير) بجامعة الخرطوم، فرد علي إذا فلنذهب بعد أن تنتهي الإمتحانات، وبالفعل ذهبنا إلى قطر وهناك تبدت لي أزمته الصحية، خاصة وأنا حضرت معه كل الفحوصات وإستمعت للإطباء الذين شخصوا الحالة، كذلك عرفت أن شيخ حسن كان قد ألم ببعض جوانب حالته من بعض الأطباء بمستشفى السلام بسوبا.
*مع ذلك لم يلتزم بشروط الأطباء؟
– لم يضعوا شروطاً بل الأطباء كانوا مترددين بين عملية قلب لفتح الشرايين أو إبقاء الحال على ماهو عليه، كذلك كانت المفاجئة بالنسبة لنا ولهم بأن أعراض مرضى القلب المعروفة لم تظهر عليه، سواءً شحوب الوجه أو إصفرار الأسنان أو (قومة) النفس أوالضعف، أو الجلطات، ورأى الأطباء أن الإغماءات التي إنتابته سواء تلك المشهورة في لقاء المزارعين بمشروع الجزيرة في مسيد أزرق طيبة، أو التي حدثت مرة في السجن أو عند صلاة التراويح، إعتبر الأطباء هذه الإغماءات هي جلطات تجاوزها الشيخ دون تدخل علاجي.
*مع ذلك واصل عمله كالمعتاد حتى توفي في مكتبه؟
– هذه هي طريقة شيخ حسن في العمل الدعوى لا يتراجع عنها.
*وكأنه كان يستعجل أمراً؟
– هو كان يريد أن يصل بقضايا الحوار الى نهاياتها، لأنه على علم بدنو آجله فكان في سباق مع الزمان، وأدركت ذلك عندما صرح بأنه يتمنى أن يرى السودان موحداً.
*كثيرة هي اللقاءات السرية التي جمعت بينه وقيادات الحزب الحاكم قبل الحوار هل تعلم تفاصيلها؟
– لا أعلم التفاصيل ولكن رأيت الرئيس البشير أكثر من مرة في هذا الصالون وصلاح قوش كذلك.
*محطات في حياة شيخ حسن مقلقة للأسرة منها الاعتداء عليه في كندا؟
– أكيد هي من أكثر المحطات مرارة، وهي مؤامرة.
* من هم أطرافها؟
– الفاعل هاشم بدرالدين.
*هو مدربك في الكارتيه؟
– ليس صحيحاً أنا وهو نلعب لعبة واحدة، وانا مثلي ومثل أي إبن لا يقبل الإعتداء على والده سأظل ما دمت حياً لن أقبل ما حدث ولن نتنازل عن حقوقنا أبداً
*الأطراف الأخرى؟
– قد يكون فيها من هم قريب منا إجتماعياً أو أسرياً.
*هل عزل بعد أن عاد الى السودان؟
– شيخ حسن دخل في (كوما) لمدة ثلاثة أيام توقفت فيها كل العمليات الدماغية (موت سريري)، وعندما أفاق وعاد نشاطه الذهني إستغرب الطبيب دي سيلفا المشرف على حالته، وعند عودته بعض النافذين في النظام عزلوه عننا وأذكر أننا أُخذنا في عربة مغقلة الجوانب إلى المكان الذي كان فيه ولم نعرف أين هو.
* ماذا لا حظتم؟
– كان قد تعافى ولم يكن هناك سوى بطء في النطق.
*من المحطات أيضاً قرارات الرابع من رمضان؟
– الرابع من رمضان كانت بمثابة إعلان الخيانة التي لم تبدأ من يوم الإعلان وإنما منذ بداية الإنقاذ.
*كان لديك عديد من الملاحظات بانحراف المشروع؟
– نعم لا حظت بحكم نشاطي في المجتمع الانحرافات في تصرفات الأجهزة وطغيان المصالح الذاتية، وملامح الفساد، وبدون أن أشير للأشخاص كانت الإنحرافات واضحة في المهاد الأول، وأبلغت الشيخ بذلك ولكنه لم يهتم أو يكترث لي.
*لماذا لم يهتم هل لأنه آثر إبعادكم عن التدخل في مفاصل الحزب وقراراته المهمة؟
– هذه حقيقة.
* هل تتألم لذلك؟
– في بداية الأمر وعندما كنا شباب كانت العزلة صعبة علينا خاصة وأننا إعتنقنا الفكرة وأصبحنا جنوداً من جنودها، فمن الطبيعي أن نتوق للتصعيد والترقي داخل التنظيم، ومن بعد أدركنا أن الشيخ أراد بذلك تطهير الحركة من شبهة القرابات والمحسوبيات وهذا سقف رفيع وتسامي فوق الذات وحب الأبناء الأهل فمن هذا المنطلق قبلنا.
*مع ذلك لم تسلم من الهجوم والإتهام باستغلال السلطة؟
– والغريب أنهم قبضوني وشيخ حسن كان في تلك الفترة هو المسؤول الأول في الإنقاذ، سجنوني وألصقوا بي العديد من التهم، وجاء من قام بذلك اليه في المنزل وقدم له التقرير ومع ذلك سمع منه ولم يطلب منه إطلاق سراحي.
*من الذي تدخل لإطلاق سراحك؟
– (عبدالحفيظ) هو الذي دافع عني وأكد عدم صحة المعلومات، وكان هناك عدد من الضباط يرون ما ذهب إليه.
*مشروع الحوار فتح الباب من جديد لقيادات لتعود لدار شيخ حسن أو (الكبانية) كما يحلو للبعض تسميتها، كيف كسرتم الحاجز في التعامل معهم؟
– بالرغم من كل المرارات والتنكيل والاعتقالات كان الشيخ لا يدخل (الشخصانية) في التعامل ويفرق تماماً بين الخصومة السياسية والعلاقة الشخصية، وبالنسبة لنا فقد تجاوزنا هذا الأمر بالتدريج وبعد أحداث سبتمبر علمت أن تغييراً كبيراً سيشهده النظام ولم أصدق ونقلت الرسالة الى الشيخ، وبعد أن حدث ما لم أتوقعه، تبين لي أنهم جنحو الى السلم وتدخلت قيادات زادت من مساعي الصلح، وطلبت من الشيخ أن يصمت وفعل حتى وصل الناس إلى محطة الحوار وكان الشيخ يرى أن إصلاح المستقبل أولى من الادبار للانتقام.
*قوش وعلي ونافع أكثر من ترددوا؟
– نافع من كثرة تردده نحسبه قرب شديد في الفترة الأخيرة.
*ماذا عن المؤسسة المزمع قيامها باسم الراحل؟
– مؤسسة الترابي العالمية دعا لها بعض الشيوخ والنساء والشباب والشابات وهي الآن قيد التأسيس ويبذل فيها دكتور الأمين محمد عثمان وعثمان البشير الكباشي ودكتورة لبابة الفضل وسراج وآخرين جهداً مقدراً وهم الآن بصدد التسجيل.
حوار: أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة
صدقناك ياود ابليس
لعنة الله تغشى الاخوان اين ماكانوا