رأي ومقالات

ما يقتل السودان الآن هو العجز الهائل في ساحة الإعلام

سيدنا (إعلام الدولة)
> أستاذ
> مرض البحث عما وراء الأشياء يقتلنا

> وأيام السينما نجلس في السينما وعلى الشاشة صوفيا لورين يضربها المطر بعنف في الخلاء
> المشهد الرائع.. لكن عقلنا يهمس
: هناك (مضخة) بقوة كذا في الزاوية هذه.. والكاميرا على بعد كذا في الزاوية هذه.. والمخرج..هنا
> والمشهد يفسد
> ونقرأ حكاية ممتعة عن شيخ يخطب الناس ليقول إن المسلمين سواسية
> وبعض من يتميزون بروح الثعابين (يريدون أن يلدغوا دين الله) يذهبون إليه في بيته.. يخطبون بنت الشيخ لشاب عندهم لا يساوي (فردة) حذاء.. ولا حظ أننا لم نقل (زوج) حذاء.. وحجتهم هي
: الست تقول إن المسلمين سواسية؟
قال الشيخ .. نعم.. تفضلوا
> والشيخ يذبح خروفاً.. ويأتي لهم بأجزاء من الخروف مطهوة.. لكنها من (أرذل) ما في الخروف
> وحين دهشوا.. وأمسكوا بأيديهم الشيخ يقول
: ما لكم أبيتم الأكل.. أحرام هذا اللحم؟
> قالوا: لا.. ليس حراماً.. لكن النفس تعافه
قال: والزواج من صاحبكم ليس حراماً لكن النفس تعافه
> الحكاية لذيذة.. لكن ما يفسدها عندنا هو أن (داء البحث) عما وراء الأشياء يجعلنا نسوقها نموذجاً للفهم.. ولذكاء الرد
> وللإعلام.. الإعلام نعم
> فما يقتل السودان الآن هو العجز الهائل في ساحة الإعلام
> والعجز الهائل/ عند الدولة/ عن معرفة ما يصنعه عجز الإعلام هذا
(2)
> وامرأة في الحكاية تنظر إلى عامل يستبدل مصباحاً عند الجيران.. المرأة تقول لجارتها.. ناس فلان يستبدلون نظام الكهرباء كله في بيتهم.. الثانية تقول للثالثة.. ناس فلان يهدمون بيتهم.. الرابعة تقول للخامسة.. نعم لأن والدهم متهم وسوف يغرم ويسجن..
> والحكاية اللذيذة تفسد عندنا ونحن نتأمل ( أسلوب الإشاعة.. وما يفعله)
> وأسلوب الإشاعة هو ما تستخدمه الآن حرب المخابرات.. وهو سلاحها الأعظم.. وإعلام الدولة العاجز لا يفهم
(3)
> والخراب والسلاح الجديد هذا.. والخراب الآن.. أشياء ما يواجهها هو الإعلام.. الإعلام الذي يفهم
> والخرطوم الآن الصحف فيها تهبط إلى الربع.. وتسعة أعشار أكشاك الخرطوم (خارج المركز) تغلق
> وتحت الظلام.. منظمة في الخرطوم الآن لها اسم عنصري تماماً.. تعمل.. ولها أخوات.. تعمل بعنف
> وفي شرق السودان.. حتى العام الماضي منظمات عنصرية لها منشورات ولها اجتماعات.. تعمل بعنف
> وفي الغرب الآن مثلها.. وإلى درجة صناعة (الكراهية)
> والحركات هذه.. حتى الآن.. صغيرة.. لكن ما يغطي المكان عادة هو رائحة التعفن.. فالحياة والعافية أشياء لا رائحة لها.. الرائحة للجثث فقط
> والحياة.. والاطمئنان.. أشياء ما يصنعها هو (الضوء) ووضع كل ما يجري تحت عيون كل مواطن
> وهذا يصنعه الإعلام
> والخراب ما يصنعه هو الأشجار التي تتجارى في الظلام
> وهذا يصنعه غياب/ أو عجز/ الإعلام
(4)
> والأسبوع الماضي يحتشد باللقاءات بين الكبار يبحثون الأزمة الاقتصادية.. أكثر من ثلاثة لقاءات ضخمة
> والحديث يضج ويعجز
> وداء البحث عن سبب للعجز يجعلنا نستعير حواراً من جملتين فقط
: أحدهم في الاجتماع يشرع في سرد إنجازات مذهلة جداً للدولة.. ويصرخ
: لماذا نعجز عن تقديمها للناس؟
> قال الآخر: لأن المنجزات هذه لم تجد (الحنجرة) التي تغني لها
> الغناء.. والحنجرة الرائعة تحول خراب عبد الناصر إلى انتصارات وروائع
> والخرس.. والعجز الإعلامي يحول انتصارات الإنقاذ إلى خراب
> والسبب؟!
> السبب يوجزه شاعر سوداني قديم.. الرجل يوجز خراب السودان كله في بيتين
قال
(كل امرء يحتل في السودان غير مكانه
العلم عند كتومه والمال عند بخيله والسيف عند جبانه)
> السيد إعلام الوطني
> حرب الإشاعة.. إعلام
>حرب الاقتصاد.. إعلام
> حرب النيران إعلام
> حرب الإعلام .. إعلام
>وإعلامنا يشهد على نفسه حين يعجز حتى عن أن يجعل الدولة تفهم هذا
> ومرض البحث عن جذور الداء يجعلنا.. ننطح الحائط.

إسحق فضل الله
الانتباهة