وانطلقت الصافرة …
ثلاثة تغييرات طرأت في أقل من أسبوعين على أهم أدوات السلطة ومؤسساتها وصناعة القرار وأدواته ، وبسرعة كبيرة تحول المشهد العام إلى مرحلة جديدة بشخوصها وقياداتها ، ويحس المتابع بنسج خيوط دقيقة ورابطة بين هذه التغييرات وما هو متوقع قبيل انتخابات 2020 وما بعدها،
إذا كانت الإحالة في قيادة الجيش وهيئة الأركان طبيعية و عادية باستيفاء الزمن المطلوب وتعيين قيادة جديدة لأركان القوات المشتركة ، فإن اقترانها بأهم تحولين حدثا في قيادة الحزب الحاكم وفي جهاز الأمن الوطني والمخابرات ، يشير الى ابتدار تغييرات قادمة على صعد مختلفة اهمها التشكيل الحكومي المرتقب ..
> اذا كانت الوقائع الظرفية حتمت بعض التغييرات ، فمن العسير فصلها من خطة إصلاح الدولة التي قدمت قبل عامين تقريباً واعتمدت كمنهج لتفعيل مؤسسات الحكم و الدولة وزيادة قدرتها على التعاطي مع قضايا البلاد وبعث بعضها قوية وحية من جديد ، وواضح ان قيادة الدولة تتجه الآن بقوة الى تهيئة المناخ لتغييرات شاملة و اجراء عمليات إحلال و إبدال تعيد التوازن وتضع قواعد جديدة لمسارات الحكم والعمل العام وتضع الحياة السياسية امام تحد ومشهد جديد …
> اقل ما يمكن قوله عن هذه التغييرات في الحزب والجيش والامن ، ان ظلالها على تشكيل الحكومة تشير أن هنالك تغييراً شاملاً سيتم ، فربما خرج عدد كبير من الوزراء والمسؤولين في الحكومة الحالية ، وقد توضع مواصفات ومعايير واضحة وصارمة كما اشار الدكتور فيصل حسن ابراهيم مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني في تصريحات له قبل ايام الى هذه المسألة، التي لن يكون فيها التغيير مقصوراً على المؤتمر الوطني وحده ستطال المعايير والمواصفات للوزراء ومن يتولون الولاية العامة في الحكومة الاتحادية والولايات كل الاحزاب الشريكة في الحكم ، ليقدم الجميع أفضل خياراته و أحسن كوادره و أهل الكفاءة والعطاء لقيادة العمل في المرحلة المقبلة .
> من هنا نتوقع .وجوهاً جديدة في الحكومة الاتحادية ، ولا نعتقد على أقل تقدير أن يعيد المؤتمر الوطني تكرار نفس الأشخاص و الاسماء التي قدمت ما عندها من جهد واعطت كل ما لديها من افكار ، و ينبغي ان لا يكون التغيير هو تحريك من مكان الى مكان ومن موقع الى موقع ، فمن حقق نجاحاً ومكث اكثر مما تستوجب اللوائح ، فليذهب لتتاح الفرصة لغيره ومن لم يوفق في مهتمه فلابد من اعفائه من التكليف والاتيان بشخص اخر يمكن ان يحقق نجاحاً وتوفيقاً ..
> يجب ان تمضي سُنة التغيير الى منتهى غاياتها ، وهي السبيل الوحيد لصلاح الحكم و رشده ، فالاداء التنفيذي مثل الماء إن بقي راكداً فسد وتأسن ، وان جرى صلح و ازداد نقاءً وصفاءً، فالحكومة لا يمكن أن يتحسن اداؤها و تمضي للامام بمن بقوا فيها لفترات طويلة متكلسين متيبسين في مكان واحد ، يمارسون لعبة الكراسي يتحركون ويحركون من كرسي وزارة الى كراسي وزارة اخرى ..!!
> لقد واتت سانحة ولاحت فرصة لإحداث التغيير في السياسات والبرامج ومنهج الادارة وتجويد فنون الحكم ، و سيتم ارتكاب خطأ فادح لو تمخض الجبل و ولد فأراً ، كل شيء رهين بما سيحدث في الفترة المقبلة ونرى طلائع منها في ما حدث في الحزب والجيش والامن ، فالجهاز التنفيذي من الأهمية بمكان لا يمكن ترك حبله على غاربه، وهو مثل المؤسسات الاخرى ،لابدان يطاله التغيير الشامل ، هاهي دول حولنا كانت تستلهم من تجاربنا وتقتدي بهداية سوابقنا ، تسبقنا نحو تطبيق النموذج الارشد في ادارة شأن الدولة ، وتلتقط وتنفذ نفس الافكار التي اعتمدناها من اجل الاصلاح السياسي وفي اجهزة الدولة ومؤسساتها .. فهذه الحكمة هي ضالتنا نحن والغاية التي نسعى اليها ونحن الاولى بها ، علينا اغتنام الفرصة ، واشاعة الامل في نفوس شعبنا الصابر وتطمينه ان رحم هذه البلاد ولود يمكن ان تنجب ملايين الوجوه والاسماء القادرة على صناعة الحياة الجديدة وتغيير وجه السودان ..
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة