تحقيقات وتقارير

محمد عطا آخر ضحاياها الاعفاءات المفاجئة.. زلزال يدفن الحقيقة تحت الأنقاض

خلال اليومين الماضيين استأثرت خطوة إعادة تعيين الفريق أول صلاح قوش، لمنصبه السابق على سدة جهاز الأمن والمخابرات الوطني بجل الاهتمام، فيما خرج سلفه، ونائبه السابق الفريق محمد عطا بهدوء، وسط تسريبات ضيقه تشير لاحتمال تعيينه مندوباً للسودان بالأمم المتحدة أو سفيراً لها بواشنطن. ويفتح إعفاء عطا تساؤلات عديدة حول منهج الإنقاذ في تغيير مسؤوليها بصورة مفاجأة ودون مقدمات متوقعة.. لم يكن عطا هو الأول الذي أعفي بطريقة مفاجئة، فقد سبقه في ذات الطريق كل من الفريق طه عثمان الحسين الذي أقيل بطريقة فجائية أثارت عدة تساؤلات عطفاً على اعفاءات فجائية أخرى تمثلت في إبعاد محمد حامد البلة من منصب والي نهر النيل وخليل عبدالله من غرب دارفور، كلها نماذج لإقالات غامضة.

تبديل معتاد

لا يمكن الجزم بوجود معطيات موضوعية تفضي لوسم فترة عطا بالقصور، ذلك أن غالب مهام المؤسسة التي يقف على قمة هرمها ليست متاحة بتفاصيل وكثير منها بعيد عن الأعين، ومنها ملفات مرتبطة بالأمن القومي، كما أن مؤسسته بها من الحساسية ما يجعلها بعيدة عن تحليلات المحللين، وعلى ذلك فإن أقرب التأويلات المنطقية هي ما تشير لرغبة الحكومة في الاستفادة من الرجل في مواقع أخرى كما حدث لكثيرين غيره ترجلوا عن مناصبهم قبل أن يستقر بهم المقام في غيرها بلا ضجيج.

لعل أبرز منجزات الرجل المعروف عنه الهدوء وقلة الظهور، تمثلت في التقارب الذي حدث خلال العامين المنصرمين بين الخرطوم وواشنطن، ودوره في رفع العقوبات غير منكور، لاسيما وأنه حط الرحال في عاصمة بلاد اليانكي لذات الهدف وأجرى العديد من اللقاءات مع مسؤولين من نظرائه هناك، وداخلياً لم تنقطع الأحاديث “همساً وجهراً” عن ما يرى خصوم الحكومة أنه تغول من الجهاز على الحريات خاصة الصحفية، وقانونه الذي خضع له الكثير من المشتغلين بمهنة الوراقين مما زادت المطالبات بتعديله غير مرة، كما أن دور الجهاز الإقليمي شهد اختراقات ملموسة وليس آخرها تنامي دور السودان في ملف الأمن الافريقي واستضافته لمؤتمرات “السيسا” غير مرة بالخرطوم.

سوابق

عديدة هي سوابق اعفاء المسؤولين من مناصبهم بشكل فجائي، في تجربة الإنقاد خلال سنواتها المتطاولة في الحكم أرست كثيراً من السوابق، فقبل نحو عامين تم عزل والي نهر النيل السابق “محمد حامد البلة” بشكل فجائي وعين بدلاً عنه اللواء حقوقي حاتم الوسيلة، وقيل حينها أن الرجل الشهير بـ”ود البلة” لم يكن على وفاق مع دوائر بالمركز وهو ما عجل برحيله، كما عزل والي غرب دارفور السابق خليل عبد الله، وعين بدلاً عنه القادم من سنار، فضل المولى الهجا، في وقت لم تكن فيه أي بوادر تلوح لإعفاء الرجل الذي وجد نفسه بين عشية وضحاها خارج المنصب الحكومي، وقريباً منهما حدثت العديد من الاعفاءات المفاجئة وإن كانت في مناصب أقل، نذكر منها إعفاء وزير الدولة بوزارة العدل، أحمد أبو زيد من منصبه الذي لم يكمل به نصف عام، وحينها رفض الوزير الحديث للإعلام حول أسباب إقالته السريعة مما فتح الباب للعديد من التكهنات التي خبت بعد حين، كما شهد نهاية العام 2016م إقالة محافظ بنك السودان المركزي السابق “عبد الرحمن حسن” وتعيين المحافظ الحالي “حازم عبد القادر” خلفاً له.

قطع الطريق

لا يتورع القيادي بحركة الإصلاح الآن، د. أسامة توفيق من الإشارة الصريحة لوجود تيارات داخل الوطني ذات صلة بمطلوبات المرحلة المقبلة وعلى رأسها انتخابات “2020م” لعبت دوراً مهماً في إعادة قوش وإبعاد عطا. ويشير توفيق في حديثه لـ”الصيحة” أمس، أن أجنحة الوطني سيكون لها دور مؤثر في الانتخابات المقبلة، خاصة مسألة ترشيح رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن إعادة صلاح قوش لتحجيم من أسماهم بـ “جماعة د. نافع” مشيراً إلى أن سلفه كان محسوباً على التيار الأخير، وقال أن إبقاءه في منصبه قد يؤدي لتعقيد الأمور بحلول الانتخابات لاسيما مع وجود تيارات تتباين في رؤيتها حول دخول حزبهم للانتخابات المزمع عقدها خلال عامين من الآن.

ما الجديد؟

قبل التعليق على الاعفاءات الفجائية التي هي سمة لازمة للحكومات، يدفع القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي “الأصل” ميرغني مساعد، بتساؤل حول الجديد في كل تغيير، وهل ثمة ما يمكن أن يجنيه الشعب السوداني من تبدل في الوجوه؟ يقول مساعد لـ “الصيحة” إن الحكومة ولكونها تملك القرار فهي الأقدر على تبيين وجهة نظرها حول دواعي التغيير، قبل أن يؤكد أنه وبشكل عام، من الأوجب بعد كل تغيير أن يكون لمصلحة البلاد والعباد، ويشير مساعد هنا لوجوب النظر في معاش المواطنين واستحداث تغييرات بالطاقم الذي أوصل البلاد لهذا الحال في كثير من المجالات سياسياً واإقتصادياً وغيرها، لافتاً إلى أن المأمول من الحكومة أن تسعى بجد لإنفاذ مخرجات الحوار الوطني الذي رعته، وأن تأتي بتغييرات ينعكس منظورها إيجاباً على الشعب، منوهاً إلى أن إعفاء عطا يبدو أكثر ملاءمة لكونه تغيير وفق موجهات يعلمها حزب المؤتمر الوطني ودوائر صنع القرار فيه، متوقعاً أن يكون الاعفاء مقدمة لتغييرات تالية تشمل بعض الوجوه.

تشكيلة ثابتة

ينظر لإعفاء عطا بأنه من الحالات القليلة التي حدثت في الحكومة مؤخراً، فالتشكيلة الوزارية التي أعلنها رئيس الوزراء، بكري حسن صالح، في مايو الماضي ظلت كما هي بلا تغييرات تذكر، وهي تحوي نحو 31 وزيراً اتحادياً وأكثر من 45 وزير دولة، فضلاً عن 65 مقعداً في البرلمانات المختلفة، ضمت عدداً من القوى التي شاركت في مجريات الحوار الوطني والموقعة على الوثيقة الوطنية.

الصيحة.

‫2 تعليقات

  1. سياسة العزل تفتح باب الشبهات وتسيئ للمعزول بتهمة التقصير او الفساد وللعازل بالمحاباة او استعمال فقه السترة……
    الوضوح مطلوب ليقفل باب التكهنات ويخرس ألسنة الإعلام الموازي)وتس وفيس) والتي تكون هدامة أغلب الاحيان لنشرها حقائق مخبأة أو إتهامات مُغرضة

  2. محمد عطا عمل مهندس وردية بمحطة بحري الحرارية ومشهود له بالمهنية (أشبه بمكاوي)وهو كثير العمل قليل الكلام والدولةتحتاج لإبداعه في أي موقع .نتمني له التوفيق لخدمة البلد أياً كان موقعه فهو مؤهل علمياً وإدارياً وأخلاقياً.