رجعنا لك
الضجة التي أثيرت حول التغيير في قيادة جهاز الأمن والمخابرات.. جعلتني أقف حائرة حتى كتابة هذه السطور.. (معليش يا جماعة.. خدوني على قدر عقلي).. كدي فهموني برااااحة.. ماهو التأثير المباشر لهذا التغيير على حياتنا.. وعلى الضائقة المعيشية التي كلما استحكمت حلقاتها.. ضاقت تاني؟؟
ضائقة.. لم يظهر لها ضوء في آخر النفق.. إحدى الأمهات قالت لي (بقينا نعيد استعمال الزيت رغم التحذيرات ويقولوا بعمل سرطان.. نقرأ المعوذتين قبل ما نشيل شوية سكر نحلي بيهو الشاي.. نتحصن قبل ما نقيف للرغيف يا ربي السعر زاد ولا الوزن نقص؟).. على لسان هذه الأم أتساءل.. ما هو الجديد الذي سيحدثه تغيير الوجوه التي تطل علينا صباح مساء في الصحف وأجهزة الإعلام الرسمية؟
الضجة المثارة أثارت في نفسي اعتقاداً.. بأنني سأصحو لأجد الرغيف عاد الى سابق عهده وسعره.. أن الأسعار انخفضت.. وأن المواصلات أضحت (فااااضية).. لكنني وجدت الحال يا هو (نفس الحال وفي جواي صدى الذكرى).. فعلمت إن الأمر شيء يدور بين الكبار.. ولا له علاقة بنا نحن (الرجرجة والدهماء).. لذلك يبقى التساؤل لماذا هذه الضجة؟ أو بالأصح ماهو المفترض نفعله نحن المواطنين؟ غير أن نقول للقادم عوداً حميداً.. ونغني له (رجعنا لك).
الأمر أيضاً ينطبق على التسريبات التي تدور في وسائل التواصل .بأن هناك تغييرات أخرى قادمة.. وأن هناك بعض الوجوه عائدة مرة أخرى.. ما هي الجدوى من العودة إن لم يكن معهم برنامج وتخطيط قريب أو بعيد المدى للخروج من نفق الأزمة؟ ولماذا تم إبعادهم من الأساس؟ إن كانوا هم الخلاص؟
قال الشاعر البحتري:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً.. من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النيروز في غلس الدجى.. أوائل ورد كن بالأمس نوما
الأبيات أعلاه تم تدريسها لنا بالمرحلة الثانوية.. وقد أخذ مني الأمر زمناً طويلاً لأستدرك.. انه ليس هناك ربيع بالمناخ السوداني.. حظنا كدا.. نقول شنو.. شتاء يليه الصيف مباشرة.. الآن أرثى لحال الأستاذة التي لم تدخر وسعاً في شرح لوازم الربيع وتبعاته.. وتفتح الأزهار والنسيم العليل والجو المعتدل.. وإيه مش عارف إيه.. أرثى أكثر لحالنا ونحن نتعب خيالنا في استحضار مشاهد لم ولن تمر علينا.. أخذنا زمناً طويلاً لنعلم أن الربيع لا يمر بالسودان إلا (سندة) ومن ثم يواصل سيره لبلاد أخرى.. ومناخات غير.. طيب لماذا يتم إخبارنا عن فصل الربيع؟؟ لماذا يتم إلزامنا بحفظ الابيات أعلاه وقصائد كثر على شاكلتها؟ كأن الربيع سيزورنا يوماً ما؟؟.. إن لم تجدوا رابطاً بين مدخل المقال وخاتمته.. لا تستغربوا.. فقد طلبت منكم منذ البداية أن تاخذوني (على قدر عقلي).. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة