النهر الأحمر !!
*نعيش هذه الأيام ذكرى تحرير الخرطوم..
*وهو إنجاز وطني عظيم… يُحسب للثورة المهدية..
*ولكن يُحسب عليها – في الوقت ذاته – إنه كان إنجازاً ذا (تكلفة دينية عظيمة)..
*فما من مسوغ دنيوي يستحق أن تُسفك بسببه دماء الأبرياء..
*ولا أي مسوغ ظاهره الدين ، وباطنه من قبله العذاب… في سبيل الدنيا..
*والخرطوم يوم تحريرها حدثت فيها ظاهرة عجيبة..
*فقد جرى فيها لأول مرة نهر (أحمر)… إلى جانب الآخرين ؛ الأبيض والأزرق..
*وكلما زاد جريان هذا النهر… زاد التكبير والتهليل..
*فهي مجزرة تمت باسم الدين… والدين برئ من أي دم (برئ) يُسال..
*واستمرت لثلاثة أيام… أنهاها بعد ذلك المهدي..
*وخليفته عبد الله هو الذي أمر بها… إن صدقت رواية سلاطين باشا..
*وما يجعلنا نميل إلى تصديقها إنها تتسق مع أفعاله..
*فهو نكل حتى بأقرب عظماء المهدية إليه حين انفرد بالسلطة… وذاق لذتها..
*نكل بالزاكي طمل… وإبراهيم عدلان… وأبي قرجة..
*ونكل بالأشراف – من آل المهدي نفسه – ونصب لبعضهم المشانق في السوق..
*وما ذاك إلا من أجل الدنيا؛ لا الدين… رغم راية لا إله إلا الله..
*وهو بذلك يمثل امتداداً لتجارب عديدة للحكم باسم الإسلام..
*منذ أن ظهرت بدعة الملك العضوض والدماء تُسفك على محراب الدين..
*ومن فظائع المجزرة ذبح أسر بكاملها؛ رجالاً ونساءً وأطفالاً..
*ثم سبي الجميلات من النساء… لاتخاذهن (أخداناً)..
*هذا هو الوجه الآخر المظلم لعملية (التحرير)؛ من زاويتي الدين… والدنيا..
*وفي الحديث الشريف (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)..
*أي الأخلاق (الدنيوية) التي كانت سائدة قبل الرسالة (الدينية)..
*ففي مقابل وحشية (التحرير) هذه دعونا ننظر لإنسانية (الفتح) عند كتشنر..
*فعند هزيمة الخليفة اُستبيحت أم درمان يوماً واحداً..
*استباحها الذين سماهم أسير الخليفة نيوفلد (الجهادية السود)… بجيش الغازي..
*وحين علم كتشنر بما جرى أمر بوقف الاستباحة فوراً..
*بل واستمع إلى المتضررين منها… وطالب بتعويضهم كل ما نُهب منهم..
*علماً بأنه ما كان هنالك سفك للدماء… كما حدث أيام التحرير..
*كما حدث عندما اُستبيحت الخرطوم- ثلاثة أيام – على وقع هتافات (الله أكبر)..
*فالغاية في الإسلام… لا تبرر وسيلة لا يقرها الإسلام..
*لا تبرر حجة (القتل من أجل التمكين لدين الله) في الأرض..
*فزوال الأرض – بل الدنيا كلها – أهون عند الله من قتل في غير حد من حدوده..
*أها؛ رب الأرض ذاته لا يريد تمكيناً كهذا لدينه في الأرض..
*فماذا يقول الذين قتل النفس أهون عندهم من زوال سلطانهم؟..
*وتعجبهم (الأنهار الحمراء !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة
دعوتك الصريحه لفصل دارفور ما نجحت داير تنكت القديم وتذيد الطين بله.