عالِم تكنولوجيا وسلق البيض
بما أنني نتاج ما يسمى الثقافة العربية، فإنني أجاري من هم حولي في مجال ادِّعاء المعرفة بمختلف الشؤون، يعني »بتاع كله«، وخاصة أن كثيرين يحسبون أننا معشر العاملين في الحقل الإعلامي »عالمون بظواهر وبواطن الأمور«
وكشخص شهد عن قرب حربي الخليج الأولى )احتلال الكويت ثم تحريرها(، والثانية )احتلال الأمريكان للعراق ثم تركها محتلة من قبل قيادات عراقية(، فقد وجدت نفسي مطالبا عندما بدأت الحرب الأمريكية على العراق عام 2003، بأن أكون خبيرا في الاستراتيجيات العسكرية مثل الملايين من حولي، فأينما جلست وجدت شخصا أو أكثر يتحدث عن الفخ الذي نصبه صدام هنا أو هناك، أو عن قنابل أمريكية مبرمجة لقتل البعثيين دون غيرهم، فركبت الموجة وصرت أتحدث عن قدرات طائرات بي 52، والبريديتَر، والفرق بين دبابات ابرامز وبرادلي، ثم أنتقل إلى السلاح العراقي ومزايا دبابات تي 55 وتي 72 السوفيتية، وأحيانًا كنت أصاب بالغرور وأحسب أن ثقافتي العسكرية عميقة، وذلك عندما كنت أستمع إلى جنرالات الصالونات الذين كانوا ضيوفًا مزمنين على الفضائيات العربية، ويقولون كلامًا عن المعارك تستطيع فيفي عبده أن تقول ما هو أفضل منه وأكثر إقناعًا.
وأعترف بأن المصدر الوحيد لثقافتي العسكرية هو تجربة شخصية عندما وجدت نفسي في مهب النيران خلال معركة بالدبابات بين قوة انقلابية وقوات موالية للرئيس السوداني المخلوع جعفر نميري في قلب الخرطوم، وبالتحديد حول القصر الجمهوري، وظللت مختبئًا بين شجيرات لا تحجب نسمة دعك من طلقة دبابة، ولا أدري كم من الوقت ظللت راقدًا بين الأشجار، ولكنني كدت أصاب بانهيار عصبي عندما وجدت جنديا يقف فوق رأسي وبندقيته مصوبة نحو رأسي وهو يصيح بجمل غير مفيدة أو مترابطة، ولا بد أنه اقتنع بأنني مصاب بالصمم والخرس والصرع لأنه أشار إلي بطرف سلاحه أن أتبعه فسرت وراءه متعثرًا إلى أن وقف بي أمام ضابط سألني: ماذا تفعل في منطقة كهذه؟ فحاولت أن أجيب: كككككك…. كككنت… ولكنه قاطعني: هل لديك أقارب في منطقة قريبة لأن هناك حظر تجول الآن؟ قلت له إن بيتي في الخرطوم بحري على بعد نحو عشرة كيلومترات، فطلب مني أن أجلس إلى جواره لبعض الوقت فقلت: أكيد إعدام، ورجوته أن يسمح لي بالذهاب إلى الحمام! فضحك وقال: حمام بتاع مين يا أستاذ.. البلد كلها حمام دم! وهكذا خضعت لنظام حظر التجول وحظر »الت – ول«، ورقّ الضابط لحالي، وأوعز إلى جندي أن يوصلني إلى بيتي بسيارة عسكرية، وهو يقول: الأخ سيصاب بنوبة قلبية لو قعد معانا دقيقة زيادة! وسبق لي سرد هذه الحكاية للعديد من أصدقائي، ولكنني كنت أرويها بطريقة الصحاف: اتخذت ساترًا ثم زحفت إلى دبابة للجماعة المعارضة لنميري وعملت معهم كشافًا أدلهم على مصادر النيران الآتية من القوات الموالية لنميري، ولكن الجماعة انهزموا ووقعت في الأسر، ثم تمكنت من الفرار والنيران تتساقط من حولي إلى أن عبرت النهر إلى الخرطوم بحري سباحة!
وجاءت حرب العراق تلك ووجدت في عيالي جمهورًا مصغيًا فصرت أشرح لهم كيفية عمل القنابل الذكية وأنظمة تحديد المواقع بالأقمار الصناعية »جي بي اس«، حتى باتوا فخورين بثقافة والدهم الإلكترونية، وذات مساء شعرت بالجوع الشديد وقررت سلق بيضتين، ورأيت أنني لن أستطيع أن أصبر حتى تنضجا على النار في نحو سبع دقائق، فلجأت إلى فرن المايكروويف، وحشرت فيه البيضتين بعد أن وضعتهما في إناء زجاجي فيه ماء، وعدت أشرح لعيالي أساليب أداء الأسلحة الإلكترونية وفجأة دوّى انفجار هائل، وصاح لؤي: بابا الحق.. قنبلة! وهرولت صوب مصدر الانفجار، فإذا بالمايكروويف قد تفتت وكأنه تعرض لقنبلة ذكية، وجاءت أم الجعافر تستفسر عما حدث فحكيت لها حكاية البيضتين، فقالت وهي تصرّ أسنانها: ما تحكي تاني عن التكنولوجيا والإلكترونيات والأسلحة الذكية أو أي شيء يتعلق بالذكاء! )إذا كنت أجهل مني بأمور العلوم الطبيعية فإن غازات في جوف البيض فجرت المايكروويف رغم أن واجهته الأمامية زجاج مقوى برقائق معدنية قوية للغاية(
زاوية غائمة
جعفر عبــاس
كويس إنه أم الجعافر ما أدتك بالمفراكة!!!!!!!!!! كل شئ ولا تكسير وخراب العدة بالنسبة للحريم، وأنصحك لا تعيدها ، وإلا وجدتك نافوخك مفتوح بكمشة أو مفراكة……….