د.أمين حسن:الحكومة لن تذهب إلى برلين من أجل لقاء الحركات المسلحة، بل لا تعترف أصلاً بالجبهة الثورية
نقل (المركز السوداني للخدمات الصحفية) عن المفاوض الحكومي، د.أمين حسن عمر، عدم تلقي الحكومة لأي دعوة للمشاركة في ملتقى برلين بمعية الحركات المسلحة، وقال عمر إنهم في حال تلقوا دعوة سيقومون بمناقشتها وتحديد ما يمكن القيام به، ولا ينسى الرجل ساعتها أن يقول: “نحن لا نعرف ما يسمى بالجبهة الثورية ولا نعترف بها”.
كان اجتماع برلين مقترحاً في سياق البحث عن معالجات للأزمة السودانية، وبالطبع محاولة لتمهيد طريق للجلوس بين الحكومة وحملة السلاح في منضدة واحدة، لكن تصريح أمين يحسم الأمر بالقول إن أبواب اللحاق بقاطرة السلام مفتوحة للجميع وفقاً لوثيقة الحوار الوطني التي تم التواثق عليها في أكتوبر من العام 2016م.
بالنسبة للحكومة فإن الذهاب إلى اجتماعات في (برلين) مع الجبهة الثورية غير مطروح في الوقت الراهن، وهو ما يعود بشكل رئيس لعدم تلقيها دعوة من القائمين على أمر جمع شتات السودانيين هناك، وما يقرأ أيضاً من خلال تصريحات أمين أنه حتى ولو تمت الدعوة فلا يمكن أن تستجيب الحكومة للجلوس مع مجموعة لا تعترف بها في الأساس، والحديث هنا عن الجبهة الثورية التنظيم الذي يجمع في داخله الحركات الدارفورية المسلحة والحركة الشعبية- قطاع الشمال، وبعض القوى السياسية المدنية التي تتفاعل تحت راية (نداء السودان). فيما ترسم الوقائع الراهنة تراجعا كبيرا في مشروع الجبهة الثورية كفصيل معارض منذ تكوينها لمواجهة السلطة، عقب اختلافات حول من يجلس على منصة قيادتها أدت إلى التشظي الذي ضرب جسم الحركة الشعبية قطاع الشمال وانقسامها بين فصيل يقوده مالك عقار وياسر عرمان، وفصيل يسيطر عليه عبد العزيز الحلو مع تراجع للنشاط المسلح للحركات الدارفورية في الميدان، ويبدو أن كل هذه العوامل قد دفعت بـ(الجبهة الثورية) إلى الخروج من لعبة التأثير برمتها.
وللتأكيد على هذا الأمر، فان وزير الخارجية إبراهيم غندور أبلغ المبعوث البريطاني في السودان استعداد الحكومة للمشاركة في جولة مفاوضات مع فصيل (الحلو) في أديس أبابا، من أجل وضع نهاية للأزمات في المنطقتين، كذلك التقى المبعوث البريطاني بمساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس الحزب الحاكم ورئيس وفد التفاوض للمنطقتين إبراهيم محمود، وأبلغ المبعوث البريطاني التزام الحكومة بمواصلة الحوار والتفاوض ومشاركتها في الجولة المقبلة مع الحركة الشعبية-شمال، التي ستعقد في الأسبوع الأول من فبراير المقبل بأديس أبابا. وأكد محمود خلال لقائه المبعوث بالقصر الرئاسي، الأحد، أن السودان منفتح للتوصل إلى حل حول المنطقتين، بما يخدم عملية السلام التي تركز على وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية وفقاً لخارطة الطريق والدخول مباشرة في الترتيبات الأمنية.
ويُعد اختيار الحكومة الجلوس إلى الحلو في جولة التفاوض الجديدة، تأكيد آخر على تراجع تأثير الجبهة الثورية التي تتواصل في المقابل مع الطرف الآخر بزعامة عقار. فيما يقول مراقبون للمشهد السياسي الراهن بالبلاد إن إعلان فصيلي (نداء السودان) و(تحالف الإجماع الوطني) العمل المشترك تحت اسم تحالف المعارضة السودانية للاحتجاج على القرارات الاقتصادية، هو أيضاً مؤشر جديد على التراجع عن مشروع (الجبهة الثورية)، بل إن الأمر تطور في هذا الاتجاه لدرجة أن أعلنت هذه المجموعة بيان الخلاص الوطني من داخل دار حزب الأمة القومي، وفي وجود إمام الأنصار الصادق المهدي أحد الذين كان لهم الدور البارز في إنشاء تحالف باريس الذي تحول بعدها إلى الجبهة الثورية في مرحلة ما قبل أن يتحول إلى نداء السودان.
قبل حوالى أسبوعين كان القيادي بحزب الأمة القومي ونائب رئيس الجبهة الثورية، نصر الدين الهادي، يعلن عودته للخرطوم وتركه العمل السياسي من الخارج، ورأى البعض في عودة نصر الدين أنها تجيء في ذات السياق الخاص بانفضاض كثيرين من العمل تحت راية الجبهة الثورية، رغم أن الأخير أكد على أن عودته لا ارتباط لها بوقائع سياسية، وإنما محض رغبة في العودة للوطن، تاركاً الجبهة بزعامة رئيسها الجديد مني أركو مناوي.
على كلٍّ، بدا المفاوض الحكومي، أمين حسن عمر، وكأنه ساخر من واقع الجبهة الثورية الجديد في ظل ما حدث للعمل المعارض وتحالفاته في الأعوام الفائتة من تشظٍ ونزاعات وصراعات، واكتفى فقط بعدم اعترافهم بوجود هذا (الجسم السياسي) حتى يذهبوا للجلوس معه.
ويعتقد أن الدعوة للاجتماعات بين الحكومة والحركات المسلحة في أوروبا، تمثل أحد مطلوبات دول الاتحاد الأوروبي في سعيها من أجل وضع نهاية للأزمات في السودان، وهو يحتوي على المكاسب مثل احتوائه على الضغوط التي يمكن أن تمارس على حكومة الخرطوم الباحثة عن موطئ قدم يقربها من الغرب أكثر، ويساعدها في تحقيق تطلعاتها في الاستمرار بالسلطة والتغلب على أزماتها الاقتصادية التي تواجه باحتجاجات شعبية.
اليوم التالي.