وزير السياحة د.محمد أبو زيد مصطفى: هذه (…) الحقيقة الكاملة لاتفاق السودان مع تركيا حول سواكن
ببشاشة وابتسامة هادئة وببساطة معهودة فيه، بحسب موظفيه، استقبل وزير السياحة الاتحادي د.محمد أبو زيد مصطفى (السوداني) بمكتبه، رغم مقاطعتها اجتماعاً مع مدير الهيئة العامة للآثار د.عبد الرحمن علين، مُشترطاً للإجابة تحديدَ زمنٍ بلغ 10 دقائق بالإضافة، اشتراطه بألا تكون الأسئلة خارج ملف تصريحاته اليوم، التي أكدت اتفاق الجانبين السوداني والتركي، على إدارة الأخيرة لجزيرة سواكن.
ما هي قصة اتفاق الخرطوم وانقرة حول سواكن؟
في الحقيقة قصة سواكن طويلة.
كثيرون آذانهم صاغية.. فماذا عنها؟
سواكن كما هو معروف بها آثار، يتم حالياً ترميمها من قبل منظمة ومؤسسة تيكا التركية لترميم الآثار بعد الاتفاق معها على ذلك.
وكيف انعقد لهذه المؤسسة ذلك؟
عبر تعاقدات مع الهيئة القومية للآثار، وجزء منها تم الاتفاق والتعاقد عليه قبل أن أتولى منصب وزير السياحة والبعض الآخر تم بعد أن تولّيتُ الوزارة.. وبالفعل قامت الوزارة بترميم مبنى الجمارك ومسجدين: الحنفي والشافعي، وكذلك مبنى المديرية.. وحاليا اثنان من هذه المشاريع إكتملا بينما الثالث قيد التنفيذ.
لكنك قلت إنكم عرضتم سواكن على الإمارات ورفضت؟
أولاً الإمارات لم ترفض، ففيما يتعلق بسواكن وما تبقى فيها من مبانٍ، عرضنا جزءاً منها لحاكم الشارقة باعتباره رجلاً مولعاً بالتراث، بالإضافة إلى مشاريع أخرى، خصوصا أنه يحرص ويركز على التراث الإسلامي بشكل كبير، ووقع عليه الاختيار أيضاً، وتعاون معنا في وقت سابق، فيما يُعرف بـ(سنار عاصمة للثقافة الإسلامية) بإنشاء متحف، وتعاون معنا في متحف السلطان علي دينار.
وطالما أنه مهتم بالتراث وتمت تجربته في مشاريع.. فلماذا لم يتم الاتفاق معه حولها وذهبت لتركيا؟
لأنه في سياق سواكن تأخرت استجابته، على الرغم من أنه بدأ دراسته حولها، لكن الاستجابة الفورية للتنفيذ تأخرت.
بالتالي تم تحويل الملف إلى تركيا ودخلت المشهد؟
لا.. الجانب التركي كان موجوداً منذ البداية عبر مؤسسة تيكا كما قلت لك، ولكن بعد تأخر الإمارات، برز مستثمر تركي آخر وعرض تأهيل الجزيرة كلها.
هل بادر المستثمر أم أنتم أيضاً من عرضتم عليه؟
المبادرة جاءت منه هو بحكم أنه مقيم في السودان منذ فترة، وله استثمارات في البلاد، وقدم عرضاً بتأهيل الجزيرة كمدينة سياحية، وليس كمدينة أثرية.
وما الفرق؟
أي أنه لم يتحدث عن الجانب الأثري وإنما عن الجانب السياحي واستغلالها كمدينة سياحية مثلها مثل أي مدينة، وذلك لأن سواكن حالياً مهدمة فلم يعرض علينا أن يُعيد المباني بذات شكلها أو تصميمها القديم الأثري، وإنما أراد أن يستغلها استغلالاً سياحياً، بإنشاء المنتجعات والفنادق لتكون مثل الغردقة على سبيل المثال.
إذن العرض التركي جاء من القطاع الخاص؟
نعم من القطاع الخاص.
لكنكم حالياً اتفقتم مع الرئيس أردوغان، أي الحكومة التركية؟
العرض الأخير الذي قدمه الرئيس أردوغان يختلف، لأنه عرض إعادة بناء سواكن كما كانت، وفق خرائطها الأساسية التي كانت عليها، وهو ما يقودنا إلى الجانب الأثري للمدينة، وهي المسألة التي تعذَّرت لدينا بعد عرض المستثمر التركي.
كيف تعذرت؟
أحد الإخوة السودانيين من أبناء المنطقة ولديه إهتمام بالمنطقة جاء إلينا ولديه خرائط ومؤلف حول سواكن، ومن فرط اهتمامه أقام معرضاً في فندق كورنثيا وافتتحته وزارة السياحة وزودنا بكتابه أيضاً، كما أنه بنى مجسمات للمباني التاريخية كلها، وطبقاً للخرائط الموجودة لدينا في الهيئة العامة للآثار. بالتالي عندما توفرت الخرائط والمجسمات كان الجانب الأثري هو الذي يطغى بموجب القانون، لذا شرعنا وبتوجيهات من الرئيس البشير في معالجة المشكلات القانونية بالنسبة لملاك الأراضي في المنطقة، وهو ما ابتدرناه بناءً على طلب المستثمر التركي.
إذن، ركزتم على سواكن الأثرية، لا السياحية، عقب ما كشفه المهتم السوداني؟
هذا صحيح فبعد حصولنا على الخرائط توقفنا بناءً على قانون الآثار الذي يُلزمنا بإعادة الآثار لما كانت عليه. لذا حالياً مشروع الرئيس أردوغان يتّسق مع الرغبة السودانية، ويمضي في ذات الاتجاه، وهو إعادة سواكن إلى ما كانت عليه من قبل.
ومتى سيتم تسليمها للإدارة التركية لإنجاز ذلك؟
حالياً التفاهمات بيننا وبين الجانب التركي ما تزال في الجانب الفني، أي في كيفية إعادة البناء، بعد ذلك المرحلة الثانية وهي الاستغلال وكيفيته.
أقصد متى سيكون التنفيذ؟
التنفيذ سيكون عقب حسم الجوانب الفنية وعبر المؤسسة التركية تيكا نفسها التي تعمل في مجال ترميم الآثار، خصوصاً أنها رممت بالفعل أكثر من أثر كما قلتُ لك، بالتالي ستواصل في عملها بناءً على الاتفاق الذي تم بين الرئيسين البشير وأردوغان، ولكن طبقاً للخرائط لأنهم بالفعل كانوا في حاجة لتوفير الخرائط المطلوبة حتى يتم التنفيذ مطابقا لها، وحالياً سينفذون باقي المباني بذات الطريقة، وكل ذلك بعد حل المشكلة القانونية بالنسبة للمُلّاك.
إذن، ثمة إشكالات بالفعل؟
نعم.. معالجة وضعية الملاك، فالمباني ملكٌ لأشخاص وورثة؛ فهُناك بيوتٌ كقصر الشناوي وغيره، ولعل من أبرز الملاك المشهورين عبد الكريم الكابلي باعتباره أحد الوارثين، أي أن هناك جزءاً منها بيوت وآخر حكومي.
بالتالي لا يمكن أن يُطبَّق عليهم ما يعرف بـ(النزع للصالح العام)؟
لا.. فهناك قانون ملكية الأراضي الذي يمكن من خلاله الدخول مع الملاك في تسوية، مثل أن تشتريها الحكومة منهم وبعد ذلك تسلمها للجهات المنفذة لتستغلها.
وهذا هو الاتجاه الماضي في الطريق مع والي ولاية البحر الأحمر باعتباره المفوض من قبل الرئيس في ممارسة سلطاته إزاء هذا الموضوع.
ألا ترى أن تأخر وزارة السياحة في توضيح فحوى الاتفاق حول سواكن، ألقى بظلاله على علاقات السودان الإقليمية، بما يهدد أمنه القومي؟
قطعاً لا.. لأنني لم أتأخر، ومنذ اللحظة الأولى للاتفاق في المطار خلال توديع الرئيس أردوغان، أصدرت تصريحاً مباشراً ولم أؤخره حتى اليوم الثاني؛ وكشفت فيه عن أن الرئيس البشير وجَّهني توجيهاً مباشراً بالسعي لحل المشكلات القانونية المتعلقة بملكية الأراضي مع الأخ والي ولاية البحر الأحمر، وبالفعل باشرنا هذا الإجراء.
هل توجد مناطق أخرى قياساً على سواكن للاستثمار الخارجي سواء سياحياً أو أثرياً؟
حالياً، نحن نعتبر سواكن إذا تمَّ تأهيلها المدينة السياحية الوحيدة على مستوى السودان، لأننا لا نملك مدننا سياحية، لكن هناك بالطبع قرى سياحية ومنتجعات ومناطق مفتوحة للجذب السياحي. وحقيقة هناك مناطق مؤهلة لتكون مدناً سياحية، أو تحرياً للدقة، منطقة سياحية أثرية.
مثل؟
على سبيل المثال البركل، لأن به مجموعة من المواقع الأثرية والطبيعية، بالإضافة إلى الكرو، وكذلك اللوري، والغابة المتحجرة، كما أن هناك أيضاً جزر الكاسينجر، وغيرهم من المواقع الطبيعية الجميلة في المنطقة والصحراء، وهي كلها يمكن أن تُشكِّل معالم سياحية متعددة الجواذب، وغيرها هناك العديد في السودان مثل محمية الدندر، ويمكن أن تقوم فيها مدينة سياحية كبيرة.
هل تم تحديد جهات للقيام بهذه الصناعة؟
هناك العديد من الجهات التي قدمت لنا عروضاً.
السياحة دوماً ترتبط بالخيال والإبداع وربما الفن، فكيف لوزير من أنصار السنة المحمدية أن يُدير وزارة للسياحة؟
نحن نعمل على تغيير الصورة المشوهة للسودان، ونسعى لذلك، بالتالي أسعى أيضاً لتغيير الصورة النمطية عن أنصار السنة والتشويه الذي يتعرضون له.
الخرطوم: عمرو شعبان
السوداني
زراه زرة كلب في طاحونه ?