أنا فاكرك معاي
قرأت خبراً أضحكني والله ..و(شر البلية ما يضحك)…حملت الأخبار أن التصفيق صار مكروهاً في البرلمان السوداني ..ربما وصلتهم موجة الاستياء الجماهيرية التي تعم البلاد عقب إجازة أي قرار محل خلاف ..كان يأتي الخبر هكذا: تمت إجازة القرار الفلاني ..بأغلبية ساحقة ..مصحوبة (بتصفيق حار) من قبل النواب..بس نفسنا كان نعرف.. بتصفقوا ليه؟ في جوائز ولا حاجة ؟ .
طيب لماذا ضحكت؟ ..ضحكي كان في المفارقة ..ذلك أنني عندما سمعت الخبر التحفة ..كان الراديو (الله يمسيه بالخير) يبث أغنية الراحل محمد أحمد عوض (أنا فاكرك معاي ..حبيبي فاكرك معاي ..تسعد بي سعادتي وتشقى عشان شقاي).. فالمصادفة بين الخبر وبين معنى الأغنية ..أثارت في نفسي انفعالات شتى ..أهمها ..أن النواب (كنا فاكرينهم معانا) .. يبدو أن هناك عوامل كثيرة وأشياء خافية علينا ..لكن يحق لنا أن نتساءل.. هل الولاء الحزبي يعني الالتزام بالمبادئ العامة للحزب ؟..أم يشمل ايضاً توحيد المواقف بين كل النواب على اختلاف مشاربهم وأفكارهم مهما اختلفت الظروف ؟؟ لو أصلاً الموضوع كدا ..الحل جاهز عند لمبة عبقرينو ..وهو أن يتم استخدام (روبوتات) بدلاً عن هؤلاء النواب ..يتم تلقين الروبوت كل الخطوات المطلوب عملها :(ارفع يدك بالموافقة ..اعمل نقطة نظام ..تصفيق ) ..وفي نهاية اليوم يعود الروبوت إلى المخزن ..راضياً مرضياً عنه .. .. ويا دار ما دخلك شر (حقوق الطبع محفوظة لهذه الفكرة العبقرية).
لماذا توجد برلمانات في كل أرجاء العالم؟؟ أصلاً وفي الحقيقة ..توجد البرلمانات لكي تعرض عليها مقترحات القوانين ..ويتم مناقشتها من قبل النواب ذوي الخلفيات الحزبية المختلفة ..وفي النهاية يتم التصويت عليها والفكرة صاحبة الأصوات الأعلى هي التي تتم إجازتها ..وتصبح مسودة قانون ..يتم إرساله إلى لجان التشريع لينزل في صياغة قانونية سليمة. نقاشات الموازنات ..واستصدار القوانين تأخذ وقتاً طويلاً ..يقتلها النواب بحثاً ونقاشاً..ولا تمر مرور الكرام ولا تجاز في جلسة واحدة ..هذا هو الذي نعرفه.. وهذه هي جدوى البرلمانات وتعددية النواب.. لكن لو كنت مكانكم سيادة النواب ..وتمت معاملتي ك (تمومة جرتق) ..ولم يؤخذ بالأصوات المعارضة ولم يستمع لها .. لتقدمت باستقالتي فوراً.. وأخليت مقعدي لروبوت تتم برمجته… تأكدوا حينها أننا سنفخر بكم ..لأننا ببساطة (فاكرينكم معانا).
أما ذلك النائب ..الذي صوّت بحماس للموازنة.. وربما أعقبه بتصفيق ..نقول لك ..نحن المواطنون ..فعلاً كنا (فاكرنك معانا) ..وكنا نعتقد أن وجودك تحت قبة البرلمان هو تمثيل لنا ولأهلك.. وكنا نعتقد جازمين ..أنك تتألم كما نتألم .وأنك كما تقول الأغنية (تسعد بي سعادتي وتشقى عشان شقاي) …و كلما تتم إجازة قرار لا نوافق عليه..نجد لك العذر ..(يمكن كنت مافي) ..(يمكن المخالفين لرأيك كانوا أكثر) ..لكن طال العهد ..ولم يصدر عنكم ما يرضينا ..وكمان جابت ليها تصفيق ..سيدي النائب حقيقة أنا كنت (فاكرك معاي.. وإنت مع المظاهر.. ما راعيت شعوري ..وظلمك لي ظاهر).
صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة