اللواء إبراهيم نايل إيدام : القرارات المطبوخة كانت تأتينا قبل ربع ساعة من بداية الاجتماع و تم إعفائي من جهاز الأمن دون إخطار رسمي
اللواء إبراهيم نايل إيدام في حوار الماضي والحاضر لـ(الجريدة): (2)
القرارات المطبوخة كانت تأتينا قبل ربع ساعة من بداية الاجتماع
أقسمنا بمنزل فيصل على ألا نعمل شيئاً يضر السودان
الاعتقالات لم تكن مسؤوليتنا ومجدي وضابط رمضان أعدموا بقانون القوات المسلحة (حا نقول شنو)
تم إعفائي من جهاز الأمن دون إخطار رسمي
واللجنة الثلاثية هي المسؤولة عن ذلك
لم تكن المصادفة وحدها هي التي ساقتنا إلى مكتب الجنرال عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ اللواء إبراهيم نايل إيدام، فبالنسبة لي هو شاهد عدل كنت أبحث عنه طويلاً لإفادات مهمة تُضاف إلى سلسلة الحلقات التوثيقية التي بدأتها قبل أعوام ولم تكتمل وعنوانها (كيف صُنعت الإنقاذ يونيو 1989م ) ..فاللواء إبراهيم نايل جاء لمجلس قيادة الثورة من جهاز أمن النظام المُنقلب عليه ويواجه العديد من الإتهامات أكثرها قسوة خيانته لحزب الأمة وبيعه لصالح الجبهة الإسلامية بثمن بخس.
وبحسها السياسي الطاغي كانت الزميلة سعاد الخضر تسعى لمحاورة نايل إيدام وترى فيه قيادة كاريزمية تحمل كثيراً من التفاصيل حول علاقة العسكريين بالمدنيين، وعن أزمة المنطقتين ولها مواقف من حزب المؤتمر الوطني فضلاً عن السخط المتنامي من التهميش.
بعد إلحاح وتواصل لم ينقطع وافق إيدام على الحوار، حملنا في جعبتنا الكثير من الأسئلة وجلسنا معه ولم يبخل علينا بالكشف عن أسرار قلما كشفها للصحافة.. وتخللت الحوار كثير من المواقف التي أبدى فيها الرجل حماساً زائداً لدرجة أنه أقسم على المصحف بأنه لم يبع حزب الأمة للصالح الجبهة الإسلامية.
*توقفنا في الحلقة الماضية عند استدعائك بالقيادة العامة ومقابلتك للرئيس البشير ماذا طلب منك يومها؟
كما ذكرت لكم وجدت الضباط الذين نفذوا الإنقلاب في مكتب واستأذنهم البشير لمقابلتي وخرجنا وأبلغني بأن سأكون عضواً بمجلس قيادة الثورة، وطلب مني القيام بتنوير لجهاز الأمن.
*هل كلفت بإدارة الجهاز في الليلة الأولى للإنقلاب؟
– الجهاز كان مسؤولاً (منه) محمد السنوسي.
*إذا أنت الذي قام بتنوير الجهاز عن الإنقلاب؟
نعم قمت بعمل تنوير لجهاز الأمن، ومن أخبرت محمد السنوسي بأنني ذاهب لحضور اللقاء الأول للرئيس في القيادة العامة، وبدأ الرئيس الإجتماع وكان يعرف بأعضاء مجلس الثورة، وفي اللحظة التي ذُكر فيها اسمي ضمن أعضاء قيادة الثورة دلفت إلى غرفة الإجتماع، وأخبره المشاركون في الإجتماع أني حضرت والتفت البشير ناحيتي وهنا توجهت الكاميرات نحوي وجلست .
*جهاز بقيادتك والسنوسي هو من قام بالاعتقالات وكل الإجراءات التي أتخذت ضد خصوم الإنقاذ في مهادها الأول؟
لا طبعاً.
*من الذي كان يقوم بالاعتقال إذاً؟
تم تشكيل لجنة ثلاثية أعطيت صلاحية النظر في المعتقلين، تكونت من جهاز الأمن والشرطة والاستخبارات..
*ألم تكن عضواً في هذه اللجنة؟
لم أكن عضواً فيها ولكن هناك مندوباً من جهاز الأمن ويمكن أن يمثله ضابط، ولم تكن لديّ أي صلاحيات وكذلك رئيس الجهاز لم تكن لديه صلاحية .
*كان اسمها اللجنة الأمنية لقيادة الثورة أم ماذا؟
لا أذكر اسمها لكن هي لجنة ثلاثية .
*مَن هو المسؤول عن الاعتقالات التي نفذت عقب الانقلاب؟
كما ذكرت لم يكن لديّ صلاحية؛ لذلك أنا لست مسؤولاً عن تلك الاعتقالات وكذلك مدير الجهاز.
*مَن هو المدير؟
محمد السنوسي.
*كيف تنفي المسؤولية عنك وأنت المسؤول الفعلي؟
استدعاني الرئيس أنا وإبراهيم شمس الدين والسنوسي ووجهنا بعدم التصرف في الجهاز، إلا بعد الرجوع للرئيس، ودا كلام واضح، وحتى لو أردت الاعتقال لن يكون إلا بإذن الرئيس.
*قوائم الاعتقالات وأماكنه هل كانت معلومة بالنسبة إليكم؟
لا لم تكن معلومة؛ لأن اللجنة الثلاثية هي التي تم تفويضها .
*وماذا عن ما أثير حول اعتقال المعارضين وتعذيبهم في بيوت الأشباح هل تتحمل مسؤولية ذلك اللجنة؟
كما قلت ليس لديّ صلاحية وكذلك مدير الجهاز أسألوا اللجنة، لأن الجهاز ليس لديه حق الاعتقال منذ زمن الصادق المهدي (لعلمك).
*دوركم في الجهاز بعد الإنقاذ هل كان محصوراً في جمع المعلومات فقط؟
في زمني أنا بالذات كان جمع معلومات فقط .
مَن الذي قام بتأسيس الجهاز؟
أسالهم.
*ومن الذي يجب أن يُسأل عن تلك الإعتقالات؟
نحن لا نصدر قرارات الاعتقالات وقوائم الاعتقالات لم تكن معروفة، وكانت هناك اتهامات لمعارضين واعتقالات، وكما ذكرت ليس لديّ صلاحية وكذلك مدير الجهاز وأعطيت اللجنة الثلاثية الصلاحية فمثلاً إذا تم اعتقال شخص تنظر اللجنة في أمره فإما أن ترفع أمره إلى أعلى في حال ثبوت التهمة عليه أو يتم إخلاء سبيله لذلك فإن الذي يجب أن يُسأل هو اللجنة.
متى تمت إقالتك من جهاز الأمن؟
في يوم 2- 5 – 1992 م وتم تعيين بكري حسن صالح وكنت يومها في جولة خارجية خارج البلاد شملت العراق وكوريا والصين.
*من الذي قام بتسليمك قرار الإعفاء ؟
لم يتم تسليمي قراراً مكتوباً بإعفائي وبعد عودتي وبعد اجتماع لمجلس قيادة الثورة قال لي التيجاني آدم الطاهر إنت لسه ما سلمت، قلت ليه منو ، قال لي بكري ، المهم صدر قرار بتعييني في وزارة الشباب والرياضة .
*هل كنتم في مجلس قيادة الثورة تناقشون مجمل القضايا الوطنية ؟
كنا نناقش القضايا الوطنية ، وكان معنا وزراء، في بعض الأحيان يأتوا إلينا بقرارات مطبوخة جاهزة مثلاً إذا كان الاجتماع الساعة العاشرة يأتون بالقرارات قبل ربع ساعة فقط، وهذا هو الذي دفعنا لرفض ذلك وطالبنا بأن تأتي إلينا القرارات قبل 24 ساعة حتى ندرسها ونرد عليها كانوا يتعمدون ذلك لأنهم يكونوا متخذين القرارات مسبقاً ويأتوا بها لكي نبصم عليها .
*ماهي الخطوات التي اتبعتموها لمناهضة البصم على القرارات المطبوخة ؟
اجتمعنا في منزل وزير الداخلية فيصل علي أبو صالح حيث كان يقطن في بيت الضيافة فيصل أقسم علينا مغلظاً على المصحف الشريف (حتى نحلف إنو ما نعمل حاجة في ضرر البلد) واستمرينا على هذا المنوال .
*مَن كان معك في ذلك الاجتماع ؟
كل مجلس قيادة الثورة.
*بما في ذلك الرئيس ؟
كل مجلس قيادة الثورة بما في ذلك الرئيس لم يخرج.
*ماذا حدث بعد ذلك؟
شعرنا بعد ذلك أن الناس تمادت في عمل أشياء باسم قيادة مجلس الثورة وهذا هو الأمر الذي دفع فيصل للاستقالة وعثمان.
*نريد مثالاً لتلك القرارات مثلاً إعدام مجدي وجرجس؟
لعلمك مجدي والضباط الذين قاموا بانقلاب لم نسمع بهم إلا بعد دفنهم .
*وماذا فعلتم ؟
(حانقول شنو) وقد تمت محاكمتهم بقانون القوات المسلحة.
….
في الحلقة القادمة
*تهميشي بدأ يوم إعفائي من الجهاز.
*قابلنا علي عثمان في منظمة الدعوة.
*عثمان أحمد حسن لم يكلف بقيادة الانقلاب.
*دربت عبد الرحيم محمد حسين ولا أعرف علاقته بالانقلاب.
حوار : أشرف عبد العزيز – سعاد الخضر
صحيفة الجريدة
ما أشبه هذا الحوار بحوارات أخرى أجريت مع أناس اخرين كانوا في حكومات سودانية سابقة منذ الإستقلال وإلى الان.
من الواضح انه بلدنا دائما مجكومة بالأنانية وبقصر النظر وبالترقيع وبمنتهى التخبط وبالعمالة ,, وهذا يشمل كل الحكومات (الوطنية) ,, عسكرية ومدنية ,, منذ خروج المستعمر والى يومنا هذا.
اذا لم تتم معالجة مسألة الأخلاص لله تعالى في الحكم والإنتماء الحقيقي للوطن السوداني المكلوم ,, فسوف تستمر هذه الدائرة الخبيثة في الدوران إلى تصل بنا إلى اسفل سافلين.
والله هو الحافظ وهو الهادي إلى سواء السبيل.