بلغت 101 حزب.دمج الأحزاب ..«العقدة في المنشار»
منتصف أغسطس الماضي تحرك رئيس حركة «الإصلاح الآن»، غازي صلاح الدين العتباني، خطوة عملية في مبادرته لدمج الأحزاب السودانية باعلانه تسليم مساعد رئيس الجمهورية، ابراهيم محمود، حينما التقاه في القصر الجمهوري، مقترحات لإحياء العمل السياسي وتشجيع الأحزاب السياسية علي الاندماج وتهيئتها حتي تكون الانتخابات المقبلة عادلة ومنصفة.مرة اخري ،يرمي غازي بحجر في بركة الأحزاب السياسية السودانية حول مبادرته «دمج الأحزاب» وهو يقلل من الخوف من الخطوة مفصلا فيها ، لافتا خلال حديثه في ورشة عن الانتخابات والممارسة السياسية امس الاول«الثلاثاء» الي ان مبادرته «اندماج للأحزاب السياسية لتكوين تيار وطني عريض لخوض انتخابات 2020».
ماقبل التشظي
دعوة «العتباني» المنشق من المؤتمر الوطني ، سبقتها دعوات مماثلة تقر بان كثرة الأحزاب علي نحو ما هو ماثل غير مفيد للتجربة السودانية وانه ربما يتسبب في زيادة «طين التباين بلة».
وتشير دفاتر مسجل شئون الأحزاب الي ان معظم الأحزاب السياسية المسجلة والتي بلغت 101 حزب ولدت من رحم القوى السياسية وفي مقدمتها حزب الامة القومي بقيادة الصادق المهدي ، الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني ، حزب البعث العربي و الشيوعي والمؤتمر الوطني بجانب الأحزاب القادمة من منصة الحركات المسلحة والتي لم تنج من التشظي حتي بلغت نحو 50 حركة مسلحة خرجت من جسد 3 حركات وهي حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة والحركة الشعبية قطاع الشمال .
الاتهامات طالت المؤتمر الوطني ـ الحزب الحاكم ـ بالتسبب في تناسل الأحزاب السياسية وتكاثرها الي ان بلغت 101 حزب ،لكنها لم تغفل توجيه ذات السهام الي الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية نفسها وتكلس وجوه بعينها علي مقعد القيادة لسنوات طويلة غير ابهة بنداءات القوانين واللوائح الحزبية .
ورغم توافق قيادات القوى السياسية علي صواب الفكرة وايجابية مقترح التقليص او الحد من زيادة الأحزاب الا ان الخلاف ظل شاخصا في كيفية تنفيذ المقترح .
بعض القوى السياسية رأت ان الفيصل في الحد من الترهل في الأحزاب السياسية التي بلغت 101 حزب سياسي هو صناديق الاقتراع عبر اجراء انتخابات حرة نزيهة متوافق عليها من جميع القوى لتحدد الاوزان الحقيقية للأحزاب السياسية،فيما ترفض اخري فكرة دمج الأحزاب علي ارضية من الاتفاق بعيدا من صناديق الاقتراع .وقريبا مما سبق وجود أحزاب ترفض وجود ما يعرف بقانون الأحزاب نفسه ،وتري ان الحل استيعاب بعض من مواد القانون في قانون الانتخابات مثل منع الحصول علي دعم خارجي .
«دوسة» وتوفيق الأوضاع
في ورقته «تجربة مجلس شئون الأحزاب السياسية» التي قدمها في ورشة الانتخابات ومستقبل الممارسة السياسية في السودان انتقد مولانا محمد بشارة دوسة الرئيس السابق لمجلس شئون الأحزاب تكاثر عدد الأحزاب ، ودعا الي تعديل قانون الأحزاب السياسية ليتماشي مع مخرجات الحوار الوطني ومعالجة الافرازات السابقة للتجربة، مؤكدا حق الأحزاب السياسية في التحالف والاندماج ضمن مطلوبات اصلاح الحياة السياسية، وفق اجراءات يتم تحديدها بالقانون تتعلق بتوفيق الاوضاع، دون اي اقصاء لكيان سياسي قائم او هضم حقوقه الدستورية.
و حرض دوسة علي ضرورة رفع الحد الأدني لعضوية المؤتمر التأسيسي لإنشاء الحزب السياسي بعدد «ألفي» شخص يمثلون كل ولايات السودان.، بالاضافة الي التأكيد علي مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات كوسيلة لتولي السلطة والمسئولية العامة علي مستوي الاجهزة التي تأتي بالانتخاب، الي جانب اهمية الالتزام بالدستور والقانون والنظم الاساسية ودساتير الأحزاب، مشيرا الي ان بعض الأحزاب المسجلة لا تنطبق عليها معايير ومواصفات الحزب .
صناديق الاقتراع ولكن ..
القيادي بحزب الامة القومي صديق اسماعيل ،حمل المؤتمر الوطني مسؤولية تشظي القوى السياسية ، لكنه اعلن انحيازه لضرورة وضع حد لتشظي الأحزاب وترهلها ، رافضا فكرة الاندماج علي اساس التوافق ،مشددا علي ضرورة ان يكون الفيصل صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة تتوافق عليها كافة القوى السياسية بلا اقصاء او عزل .
صديق في حديثه لـ «الصحافة» قال ان الدعوة لدمج الأحزاب كلمة حق اريد بها باطل ،واضاف : الشعب من سيحدد من يبقي في الساحة السياسية او ينسحب وتابع : يجب ان يرهن الامر لارادة الشعب وليس القوى السياسية ،مطالبا المؤتمر الوطني بالكف عما اسماها صناعة القوى السياسية الموالية.
إفادات صديق اسماعيل بدت متسقة مع ما دلي به د. بشير ادم رحمة القيادي بحزب المؤتمر الشعبي ، والذي قال لـ «الصحافة» : مافي زول يري في كثرة الأحزاب فائدة ،مشيرا الي ان غياب الحريات تسبب في تشظي الأحزاب السياسية ، محملا المؤتمر الوطني المسئولية .
بشير دعا الي ان تكون الانتخابات الفيصل في تحديد الاوزان لكنه رفض وجود مجلس الأحزاب السياسية وقال : انا ارفض وجود مجلس للأحزاب وقانون الأحزاب واري انه يمكن اضافة بعض مواد قانون الي قانون الانتخابات لا اكثر ولا اقل.
افادات القياديين بحزبي «الامة» و «الشعبي» لم تبتعد عن وجهة نظر القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبدالعاطي، الذي اشار الي ان القول الفصل عند الجماهير عبر صناديق الاقتراع ،مؤكدا ان الأحزاب السياسية ليست شركات ليتم دمجها وان الامر متصل بفكرة ، لكنه عاد وقال في حديثه لـ «الصحافة» اذا كان ما يربط الأحزاب فكرة فلا ضير من ان يحدث اندماج اما اذا ما كان الهدف الحصول علي تمثيل في البرلمان او استقطاب الجماهير فلا فائدة وسيكون الامر خصما علي التجربة السياسية ومستقبل البلاد.
ربيع دعا الي وقف ما اسماها بالترضيات والاحتكام الي صوت الجماهير ، مفندا اتهام حزبه بالتسبب في انشقاقات الأحزاب ،وقال : الأحزاب السياسية ضعيفة وفقدت البوصلة والمؤتمر الوطني سعي لجمع الأحزاب ومحاولة ارضائها،واضاف: علي الأحزاب ان تهتم بتقوية مؤسساتها واشاعة الديمقرطية في داخلها .
الطريق الي التحالفات
المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر بدا مشككا في امكانية دمج الأحزاب بعضها البعض ، ميالا الي التحالفات السياسية ،وقال في حديثه لـ «الصحافة» : فكرة الدعوة لدمج الأحزاب صفوية وان كانت منطقية ،وما اراه ان المرحلة المقبلة مرحلة تحالفات سياسية واقليمية ومحلية ،واضاف: يمكن ان يحدث اندماج لكنه سيكون صفويا، وترهل الأحزاب علي نحو ما هو ماثل حالة طبيعية لكنها مرضية .
ومضي خاطر الي انه رغم الصعوبات السياسية والاقتصادية والدولية التي تمر بها البلاد برزت حقائق لا يمكن اغفالها وهو ان السودان دستوريا يتجه نحو اللامركزية الفدرالية والديمقراطية في التبادل السلمي للسلطة وادارة التنوع وحفظ العلاقات الدولية بما يحقق التنمية .
ودعا خاطر الي ضرورة اعادة النظر في الواقع السياسي بدافع الامل في ان تحفظ التحالفات وحدة الوطن واماني مواطنيه الذين قال ان لديهم الرغبة والاستعداد للتقدم الى الامام .
الصحافة.