تحقيقات وتقارير

البرلمان يفتح ملف البترول واعترافات مثيرة للوزير!!

أخيراً اعترفت الحكومة بالتدني المريع في إنتاج النفط، وقالت وزارة النفط والغاز إن النصف الأول من العام الجاري شهد تراجعاً في الإنتاج ليصل (88) ألف برميل في اليوم، وبلغ التراجع نسبة (85%) مقارنة بالعام الماضي ولم تذكر وزارة النفط والغاز في بيانها أمام البرلمان يوم (الاثنين) الماضي أن انخفاض إنتاج السودان من (458) ألف برميل في اليوم قبل انفصال الجنوب ونضوب آبار البترول في حقول بليلة ودفرا وهجليج له أسباب أخرى غير التي حددتها الوزارة بانخفاض أسعار النفط عالمياً، مما دفع الشركات الصينية لخفض إنتاجها.. ولم يجد وزير الدولة بالنفط “سعد الدين حسين البشرى” حرجاً في الشكوى لنواب البرلمان من الشركات العاملة في مجال النفط التي أحجمت عن الإنفاق المالي على برامج تطوير الإنتاج. وكشف الوزير عن حجم الأموال التي تم ضخها للخزينة العامة من عائدات بيع البترول داخلياً، حيث بلغت (4,9) مليار جنيه، وعائدات الخام المرحل عبر الأنابيب بلغ (10) ملايين برميل بعائد (97) مليون دولار أمريكي.
ومضى الوزير في بيانه المثير أمام البرلمان ليقول إن الإنتاج المحلي من المواد النفطية بلغ (3) ملايين طن متري، بينما المستورد (999) ألف طن متري خلال نصف عام فقط.. وقال إن الوزارة تخطط لحفر (9) آبار استكشافية، ولم يذكر أن تكلفة حفر البئر الواحدة تصل لـ(2) مليون دولار، ويحتاج إلى حفر وتوصيل (77) بئراً تطويرية. ولم يخطئ بيان وزارة النفط الذي قدمه وزير دولة لأول مرة يتردد اسمه في وسائل الإعلام مثله وأكثرية الوزراء الصامتين في مملكة الكلام.. ولكنه قدم اعترافات مفيدة أمام نواب البرلمان، وذلك نظراً لتراجع إنتاج البترول من عام لآخر منذ انفصال جنوب السودان عام 2011م، وبدأ الانخفاض من (458) ألف برميل في اليوم إلى (250) ألف برميل، ثم وصل إلى (88) ألفاً في العام الجاري، وما عادت الوزارة تحدثنا عن الفتوحات النفطية الجديدة كما كانت تفعل من قبل، بل أصبح البترول وتبعات إنتاجه من أسباب (قعود) الاقتصاد السوداني بسبب تراكم ديون دولة الصين على البلاد وفرضها لشروطها المجحفة، مثل اتفاقيات قسمة الإنتاج التي وقعتها معها الحكومة في تسعينيات القرن الماضي في جنح الظلام الدامس.. وفرضت الحكومة حينذاك تعتيماً على ملف البترول أضر بالبلاد سياسياً وأغرى الجنوبيين على الانفصال لهثاً وراء الذهب الأسود من جهة وإيقاظ الشعور القومي وسطهم بأن الشمال يخفي عنهم حقائق إنتاج البترول من جهة أخرى، وحينما تم تخيير المؤتمر الوطني ما بين وزارة المالية أو النفط ليقبض على واحدة ويترك الأخرى لشريكه الحركة الشعبية شعر بأن الوزارتين صعب عليه أن يترك إحداهما تفلت من بين يديه وتمسك بكليهما، وكانت تلك واحدة من أسباب تبديد الثقة وتجافي شركاء الحكومة الجديدة (الوطني والشعبية).
وبعد أن كان د.”عوض أحمد الجاز” يطير إلى فينّا عاصمة النمسا أغنى دول الاتحاد الأوروبي يبحث عن مقعد للسودان في منظمة (الأوبك) ولو بصفة مراقب ريثما يبلغ الإنتاج مليون برميل في اليوم، كما تدل المؤشرات الأولية ليتمتع السودان بالعضوية مثل نيجيريا وفنزويلا والسعودية والكويت، فإن تلك الطموحات الكبيرة هزمتها مماحكات (السياسة الصغيرة) وسوء التدبير وبؤس التقدير، حتى تدنى الإنتاج إلى (88) ألف برميل ولم يعد السودان يطالب أو يتطلع إلى الانضمام لمنظمة الدول المنتجة للبترول.. وتعود أسباب تدني إنتاج البترول التي (سكت) عنها الوزير أمام البرلمان إلى عقودات قسمة الإنتاج الظالمة، وسوء التقدير والتدبير حينما طغت نظرة د.”عوض الجاز” الأمنية على رؤية د.”حسن الترابي” السياسية.. د.”عوض الجاز” وطاقمه كان يخطط لاستخراج البترول من الجنوب بعد توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام 1997م على أن يبقى البترول في دارفور والشمالية والجزيرة احتياطياً للأجيال القادمة.. وأنفقت الدولة على حفر آبار البترول في ولاية الوحدة وأعالي النيل رغم أن الأخيرة يعدّ بترولها (مزيج النيل) من الأصناف الرديئة.. واستخدمت الشركات الصينية تكنولوجيا استكشاف متخلفة وتكنولوجيا استخلاص الماء من الزيت أكثر تخلفاً وظهرت في مزيج النيل مشكلات الشمع، وقد تكبدت الدولة مبالغ طائلة للتغلب على تلك المشكلات الفنية، الشيء الذي أرهق الخزينة وقلل من عائدات البترول، وفي ذات الوقت سياسياً بدلاً عن أن يصبح البترول عامل إغراء للجنوب للتمسك بالوحدة، كما كان يريد د.”عوض الجاز” وطاقمه الأمني، حدث عكس ذلك وعدّ الجنوبيون خروج البترول سبباً لانفصالهم عن الشمال والاستئثار بإنتاج أرضهم وحدهم، خاصة وأن التنمية الاجتماعية العنصرية في مناطق الإنتاج جعلت الجنوبيين يهرولون نحو الانفصال.. وحتى في المناطق الشمالية في غرب كردفان أصابت اكتشافات البترول المنطقة التي كانت آمنة ومستقرة بلعنة النفط.. رفع بعض الشباب البندقية في وجه الحكومة وخربوا ديارهم بغير حق وتفشت الفوضى وأعمال النهب، وخطف الأجانب وإعاقة أعمال الشركات بسبب تعويضات الأهالي التي كانت تدفع بواسطة موظفين بوزارة الطاقة لقيادات النظام الأهلي وبعض الذين ينصّبون أنفسهم أوصياء على المجتمع.. وازدهرت تجارة الغش والخداع.. والرشاوى والفساد.. فانقلب المجاهدون إلى متمردين.. والمخلصون الذين قاتلوا مع اللواء “الجنيد حسن الأحمر” و”إبراهيم شمس الدين” في كوبري البّو ومريال أجيت إلى قُطّاع طرق.. وتم إهدار مليارات الدولارات بحرق الغاز في الهواء حتى اليوم لتفسد الانبعاثات الغازية المناخ في تلك المنطقة ويصيبها الجدب والأمراض.. وكان منتظراً أن تشهد المنطقة تنمية وتستفيد البلاد من مليارات الأطنان من الغاز المهدرة سنوياً بقيام محطة الفولة الحرارية، ولكن الصينيين رفضوا تكملة المشروع وأصبحت بلادنا اليوم تحت رحمة الصين بتراكم ديون لا يعرف وزير المالية “الركابي” على وجه الدقة كم تبلغ، ولا كيف سيتم سدادها، وقد أصبح البترول اليوم عبئاً ثقيلاً على الخزينة العامة.. ولا تزال الحكومة (خائفة) من غضبة الشعب كما حدث في سبتمبر قبل ثلاث سنوات، وتتهيب الحلول الصعبة بتحرير المواد البترولية ورفع الدعم عن الجازولين والبنزين المستورد.. حتى لا تضطر لإنفاق مليارات الجنيهات في مطاردة مهربي الوقود لبلدان دول الجوار.. ولو امتلك وزير الطاقة والغاز شجاعة الراحل “عبد الوهاب عثمان” أو “بادي أبو شلوخ” لقال الحقيقة كاملة عن البترول وتبعاته وخيبة أمل السودان فيه.. ولكن الوزير لزم الصمت ولم يحدثنا عن حقول (الروات) في النيل الأبيض ولا عن إمكانية زيادة الإنتاج من الآبار الحالية من خلال عمليات هندسة دقيقة لتقليل كميات المياه وزيادة البترول، وهي الرؤية التي قدمها الوزير السابق الدكتور “محمد زايد”، ولكن أصحاب المصالح المرتبطين بالشركات الأجنبية تربصوا بالرجل وهم من دعاة حفر آبار جديدة بتكاليف تصل لـ(2) مليون دولار للبئر الواحدة في الوقت الذي تنخفض قيمة حفر البئر الواحدة إلى أقل من (500) ألف دولار باستخدام التقنية الغربية الأمريكية والفرنسية، والسودان كان بالأمس محروماً من تلك التقنية.. فلماذا لا يتجه غرباً بعد رفع الحصار بدلاً عن أن يفرض عليه الصينيون شروطهم المجحفة وتكنولوجيا متخلفة عن العصر.

المجهر.

‫2 تعليقات

  1. وتعود أسباب تدني إنتاج البترول التي (سكت) عنها الوزير أمام البرلمان إلى عقودات قسمة الإنتاج الظالمة، وسوء التقدير والتدبير
    الكدب هههههها قمنا هوي ياناس مشروع البترول تم في مناقصه واضحه ٣شركات قدمت امريكيه بمليار وثلا ثمائه والروس مليار ومئتان والصين مليار ومائه زائدا سفينه سلاح ~قسمه الزيت تمت حسب التعاقد الدولي للبترول الحكومه اعطوها ١٠في المائه بعدما كانت ٨ لاانها جربانه مقطعه ماعندها قروش يعني قسمه البترول زيت ما قروش بعدين الصين كانت واضحه اما تشيل زيتك وبطريقتك او تضم حقك مع حقنا وبلعطاء الدولي في اوربا او هونكونق~لندن يعني شفافيه وكان العائد يوضع في حساب بنك السودان بالبحرين بالدولار ~الكيزان اكلو اللي اكلو والان شو مابعرف قسمه في الضلام !!!!!!!!!

  2. سوء التقدير والتدبير هى افة المسؤولين عندنا من حلفا القديمة الى انفصال الجنوب الى بيع املاك الشعب الى الميزانية سياسة وقرارات غارقة فى التخبط نتيجة عدم المؤسساتية وتطبيق فكرة الشخص الواحد بدلا من الاستشارة او الشورى من عقلاء الامة والمتخصصين ليس معقولا ابدا ان تكون كل كفاءات السودان فاسدة وبلا ضمير