أمن السودان كيف ..؟
من الواضح والجلي الذي يستبينه كل ذي عين، أن هدوء الأوضاع في دولة جنوب السودان واستقرارها، سينعكس على الأوضاع عندنا هنا في بلادنا، لارتباط عضوي بين الأمن في الجانبين ونتيجة لتداخلات نعرفها ونعلمها ،أدت الى الوضع الراهن سواء أكان في دولة الجنوب،
أم ما يأتينا منها من أضرار بالغة مثل تسلل الحركات المتمردة الى دارفور والمنطقتين او تسرب السلاح، او تدفقات اللاجئين. وقد وصل عددهم الى ما يفوق المليون ونصف لاجئ جنوبي .
> لا يمكن أن يتحقق السلام والاستقرار في السودان، اذا كانت الأوضاع رخوة ومتوترة ومضطربة في دولة الجنوب، التي يظل قيامها نتيجة خطأ إستراتيجي جسيم ارتكبه القوى الدولية والإقليمية التي وقفت وراء التيار الانفصالي الجنوبي، ففشل الدولة الوليدة كان ظاهراً قبل قيامها، وعندما تداعت بسرعة وانحدرت وسقطت سقوطاً عمودياً الى القاع، لم يتفاجأ عدد كبير من المراقبين والمحللين والخبراء الإستراتيجيين ومن كانوا يعلمون ببواطن الأمور ولديهم إلمام كافٍ بالتركيبة الاجتماعية والسياسية في هذا الجزء المنفصل من وطنه الأم .
> ويتعيَّن على السودان وهو ينشط في هذه الأيام ضمن مجموعة هيئة الإيقاد وهي تعمل كمنظمة إقليمية تضم المنطقة لإحياء اتفاقية السلام بين الأطراف المتنازعة في دولة الجنوب، أن يسعى بكل ما يستطيع وما يتوفر له، في التعجيل بما يضمن حدوث التسوية السياسية الجنوبية ويتحول الصراع الى الملعب السياسي بدلاً عن الحرب الضروس. فانهيار دولة كاملة في خاصرتنا الجنوبية ليس بأمر مستحب في ظل المعطيات الراهنة وتقاطع الحالة الأمنية الخاصة بالسودان وما يجري في محيطه بالمنطقة، ويقول عدد كبير من الخبراء والمتابعين، إنه من غير الممكن ضبط كل الحدود الطويلة والمفتوحة مع دول الجوار مع وجود اضطرابات دامية في أجزاء واسعة من هذا الجوار ، مثل الصراع في ليبيا والحرب في دولة جنوب السودان والوضع الهش في إفريقيا الوسطى واحتمال توسع الأزمات الأمنية في دول جوار أخرى لها تأثيراتها البالغة علينا.
> اذا كان للسودان واجب تجاه جنوب السودان الذي كان جزءاً منه، فلا مناص أبداً من أن يكون دورنا في الإيقاد هو الأكثر فاعلية وتأثيراً، لأننا بالفعل أصحاب المصلحة الحقيقية في هدوء الجبهة الجنوبية، فنحن الأكثر تأثراً بما يجري والجهة الوحيدة التي تأوي اللاجئين وتستضيفهم وتقدم الإعانات والإغاثة لهم وتوفر الأمن والسلامة العامة لمن يصلنا من ضحايا الاقتتال والحرب .
> ويتوجب أن نشير الى أن علاقة السودان بالفصائل والأطراف الجنوبية حكومةً ومعارضة، هي الأقوى بين كل دول المنطقة ولا توجد جهة تعرف وتمتلك دراية وافية بكل التفاصيل الدقيقة للأوضاع في الجنوب مثل السودان، ونظرًا لأهمية هذا الدور وارتباط الأمن القومي السوداني بما يدور في جنوب السودان، علينا الاهتمام أكثر بهذا الملف والعمل على إنجاحه وتعزيز فرص تطبيق اتفاقية السلام الجنوبية وإحيائها، فالمستقبل الذي هطلت سحائبه بعد رفع العقوبات، يجب أن نضمن له ظروفاً أفضل وواقعاً أحسن مما نعيشه الآن.
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة