منوعات

في ذكرى عاشوراء .. هل دفنت رأس الحسين في القاهرة؟

يحتفل الشيعة بيوم عاشوراء بطقوس خاصة بهم استحضارًا لذكرى وفاة الحسين بن علي، حفيد رسول الله، وتأخذ وزارة الأوقاف في مصر إجراءات احترازية بمنع الاحتفال داخل مسجد الحسين، الذي يوجد ضريح لحفيد رسول الله.

ومع كل عام تطفو على السطح مسألة صحة وجود رأس سيدنا الحسين في القاهرة من عدمه، وهناك من يشككون في وجودها، وآخرون يؤكدون وجودها، وكلا الفريقين يستندان على أقوال ودلائل تاريخية.

الإمام الحسين هو ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وهو ابن فاطمة بنت النبي صلي الله عليه وسلم وحفيد رسول الله صلي الله عليه وسلم وسيد شباب أهل الجنة.

بداية القصة

استشهد الإمام الحسين في كربلاء في موقعة «الطف» التي دارت بين أنصاره وجيش يزيد بن معاوية. وترجع أسباب الحرب إلى ما بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان، الذي كان قد أرسل ابنه يزيد بن معاوية لوالي المدينة المنورة، ليأخذ البيعة من الإمام الحسين لولده، أي لكي يبايع الحسين يزيد بن أبي سفيان خليفة للمسلمين.

رفض الإمام الحسين وأصر على أن تكون البيعة عامة ولا تقتصر عليه وحده، وترك الحسين المدينة وانتقل هو وأهله إلى مكة ليكون بعيداً عن أجواء التوتر.

وفي تلك الأثناء رفض أهل الكوفة أن يتولى يزيد الخلافة خلفاً لوالده معاوية بن أبي سفيان، وأرسلوا إلى الحسين بن علي يريدون أن يبايعوه ليكون خليفة المسلمين. وقدر عدد المتشيعين للحسين بحوالي 12 ألفا، وقيل 30 ألفاً.

أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب، إلى أهل الكوفة ليعرف موقفهم واستعدادهم لمناصرته، ولكن يزيد بن معاوية علم بقدوم «مسلم» فأرسل إلى «والي البصرة» ليتعقب مسلم بن عقيل ويقتله هو ومن أتي معه. فقتله والي البصرة وأرسل برأسه ورؤوس من جاءوا معه إلى يزيد في دمشق.

وفي يوم الثامن من ذي الحجة من عام 60 هجرية، قرر الإمام الحسين الزحف إلى الكوفة، وقد شد من أزره آنذاك أهل مسلم بن عقيل ليأخذوا ثأره ممن قتله.

وفي كربلاء في العاشر من محرم سنة 61 هجرية دارت معركة شارك فيها أكثر من ألف فارس من أتباع عبيد الله بن زياد والي البصرة من ناحية، ويزيد بن معاوية وانضم إليهم أربعة آلاف مقاتل، أما أتباع الحسين بن علي فقد كانوا قلة، فلم يخرج أهل الكوفة للقتال معه ولم يثبت معه إلا ثمانون رجلاُ، قتلوا جميعاً وقتل إمامهم الحسين وفصلت رأسه عن جسده وسبيت نساء بيته من أخواته وبناته وأرسلن جميعاً إلي يزيد بن معاوية في دمشق.

جسد الإمام الحسين

بالنسبة لجسد الإمام الحسين، فقد خرج قوم من بني أسد في العراق إلى ميدان الموقعة وقاموا بالصلاة على سيدنا الحسين وأهل بيته ممن استشهدوا معه، ثم قاموا بدفن الجثمان حيث موضعه اليوم بكربلاء.

رأس الحسين في مصر أم لا؟

أما رأسه التي أُرسلت إلي يزيد بن معاوية، فقد قال المقريزي، المؤرخ المصري، إن الرأس مكث مصلوباً بدمشق ثلاثة أيام، ثم أٌنزل في خزائن السلاح حتى ولي سليمان بن عبدالملك، فبعث فجئ به وقد صار عظماً أبيضاً، فجعله في سفط وطيبة وجعل عليه ثوباً ودفنه في مقابر المسلمين.

وهناك قول آخر للمؤرخين، إن الرأس دفنت في مواضع كثيرة قبل أن تستقر في مدينة عسقلان في فلسطين، وعندما جاءت الحملات الصليبية على الشام وحاصر بلدوين الثالث مدينة عسقلان، خشي الفاطميين أن يصل الصليبيين إلى رأس الحسين، فقامت الحامية الفاطمية في عسقلان بأخذ الرأس الشريف وحملتها إلى مصر وذلك قبل دخول الصليبيين واستيلائهم على عسقلان عام 1153 م / 548 هجرية.

ولقد أمر الخليفة الفائز الفاطمي في مصر بحفظ رأس الإمام الحسين في علبة في أحد سراديب قصر الزمرد، إلى أن تم بناء مشهد لها بالقرب من الجامع الأزهر الشريف و ذلك في عام 1154 م / 549 هجرية، وهو المشهد الحسيني الموجود حالياً مواجهاً لجامع الأزهر.

في بداية الأمر لم يكن هناك مسجد بجوار الضريح، ولكن الأمراء والحكام تسابقوا في عمارة الضريح وما حوله حتي تحول إلي مسجد وزادوا في مساحته حتى وصل إلي شكله الحالي.

وأكد الرواية السابقة عدد من المؤرخين وكتاب السيرة، ومنهم ابن ميسر والقلقشندي وعلي بن أبي بكر وابن أياس وسبط الجوزي والحافظ السخاوي والمقريزي، أجمعوا على أن جسد الحسين رضي الله عنه دفن في كربلاء، أما الرأس فقد طافوا به حتى استقر في عسقلان في فلسطين، ونقل منها إلى القاهرة في العام 548 هـجرية الموافقة 1153 ميلادية.

أما الرويات الرافضة لمقولة وجود الرأس في القاهرة، فقد تبناها السلفيون مستندين على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، عن وجود الرأس في البقيع في المدينة المنورة، واستند ابن تيمية على أقوال العديد من المؤرخين والتابعين الذين عاصروا فترة مقتل الحسين.

وذكر ابن تيمية إن المدفون في مسجد الحسين رجل قبطي وليس رأس الحسين وإن الدولة الفاطمية عندما دخلت مصر وجدت ولع المصريين بحب آل البيت، فأشاعت خبر نقل رأس الحسين إلى مصر ودفنه فيها ليزيدوا ارتباط الشعب بالدولة.

وعلّق الدكتور سعد بدير، أستاذ التاريخ الإسلامي، عن الجدل التاريخي حول مكان رأس الحسين، في تصريحات سابقة قائلًا: «لأن جميع الروايات المتداولة غير مصدقة أو موثوقة، فكل فصيل ديني ذكر مكان الرأس وفقًا لأهوائه، فالشيعة يرون أن الرأس دفنت مع الجسد في كربلاء لأنها عادت مع السيدة زينب إلى كربلاء بعد أربعين يومًا من مقتل الإمام، أي يوم 20 صفر، وهو يوم الأربعين الذي يجدد فيه الشيعة حزنهم».

وبحسب «بدير»، هناك رواية أخرى ذكرت أن الرأس في الشام، احتفظ بها الأمويون، يتفاخرون بها أمام الزائرين حتى أتى عمر بن عبد العزيز وقرر دفن الرأس وإكرامها، وثمة من يقول إن الفاطميين هم من نقلوا الرأس إلى القاهرة من عسقلان لتكون بمأمن من الصليبيين، وهناك من يتبنى مقولة ابن تيمية بوجود الرأس في البقيع.

المصري لايت