منوعات

محطات في حياة «المثليين»: رفض مبارك سجنهم 5 سنوات ووصفهم شيخ الأزهر بـ«المرضى»

في اليومين الماضيين، شغلت أزمة المثليين الرأي العام المصري، بعدما أوقفت نقابة المهن الموسيقية حفلات فريق «مشروع ليلى»، بسبب رفع علم المثليين في إحدى حفلاتها، وإلقاء قوات الأمن القبض على 7 من المشاركين في الحفل، وطالبت حركات سياسية من بينها الاشتراكيين الثوريين بالإفراج عنهم، مؤيدة مطالبهم، فيما رفضت المؤسسات الدينية على رأسها الأزهر الشريف تواجدهم، ووصفهم أحمد الطيب بـ«المرضى».

قضية «كوين بوت»

ظهر المثليون في مصر، وأثاروا الرأي العام لأول مرة، في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتحديداً في عام 2001، حينما ألقت قوات الأمن القبض على 52 مثلياً بتهمة «ممارسة الفجور».

وجرت المحاكمة في حراسة أمنية مشددة، بعدما أحدثت ضجة إعلامية، وعَقبت عليها المنظمات الحقوقية، وأصدرت محكمة أمن الدولة العليا أحكاماً بالسجن لمدد تتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات ضد 23 منهم، لكن الرئيس الأسبق حسني مبارك أمر بإعادة محاكمتهم في محكمة جنائية عادية، قائلا إن الاتهامات التي وجهت إلى هؤلاء الرجال لم تكن خطيرة بدرجة كافية لإحالتها إلى محكمة أمن دولة، وفق «بي بي سي».

وجرت إعادة المحاكمة، وصدرت أحكام ضد 21 شخصاً بالسجن لمدة 3 سنوات، لـ«إدانتهم بممارسة المثلية الجنسية»، وبرأت 29 آخرين.

تلك القضية جسّدها الروائي الشاب محمد عبدالنبي في رواية صدرت قبل نحو عام تحت عنوان «في غرفة العنكبوت»، يسرد فيها ما يحدث في عالم المثلية، وطبيعة الشخصيات، واضطهادهم، مستعيناً بقصة أحد المقبوض عليهم، في الحادثة المعروفة إعلامياً بـ«كويت بوت».

إدانة حقوقية للسلطات المصرية

بعد تلك القضية، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش في عام 2004، تقريراً حمل عنوان «إهدار العدالة في الحملة المصرية ضد السلوك المثلي»، قالت فيه إن الحكومة المصرية ما تزال تواصل اعتقال وتعذيب رجال مشتبه بممارستهم الجنس المثلي بمحض إرادتهم، وأن الاعتقال والتعذيب الذي تعرض له مئات الرجال يكشف عن هشاشة الحماية القانونية لخصوصية الفرد والقواعد الإجرائية القانونية لكافة المصريين.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن «حظر التعذيب هو حظر مطلق وشامل بصرف النظر عن الضحية. ومن شأن القبول بتعذيب الضحايا الذين لا يتمتعون بشعبية جماهيرية ـ بسبب آراءهم السياسية أو سلوكهم الجنسي ـ أن يسهل للحكومة استخدام الممارسات الشنيعة ضد الآخرين».

قضايا بعد الثورة

بعد ثورة 25 يناير، وتحديداً في عام 2014، انتشر مقطع فيديو على «يوتيوب»، لحفل زفاف بين شابين مثليين، وألقت قوات الأمن القبض على 7 أشخاص ممن ظهروا في الفيديو، ووجهت إليهم تهمة «ممارسة الفجور».

وفي تقريرها عن مصر لعام 2017، قالت منظمة العفو الدولية، إنه يجرى القبض على أشخاص واحتجازهم ومحاكمتهم بتهمة «الفجور»، بموجب القانون رقم 10 لسنة 1961، استناداً إلى ميولهم الجنسية أو هويتهم النوعية الحقيقية أو المفترضة.

حملة ضد رهاب المثلية

أطلق مجموعة من الشباب قبل عامين مبادرة تدعو لمحاربة «رهاب المثلية الجنسية والتصدي للأفكار المغلوطة التي يروجها الناس عن المثليين الجنسيين»، تحت عنوان «ضد رهاب المثلية»، تجددت مع الحملة ضد المثليين قبل يومين، وأعلنت حركات سياسية من بينها الاشتراكيين الثوريين، التضامن الكامل مع المثليين في الحق في التنوُّع والاختلاف.

وأكدت دفاعها عن الحق في التحرُّر من النبذ والاضطهاد والملاحقة، والحرية في الإعلان عن التنوُّع.

وطالبت الحركة في بيان لها نشرته على صفحتها بموقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك» بمقاومة ما وصفته كافة أشكال الاضطهاد والنبذ والتشويه، وشددت على الدفاع عن كل المُضطهَدين بسبب الجنس أو الميول الجنسية أو العرق أو اللون أو الدين.

المؤسسات الدينية ترفض المثلية

شيخ الأزهر، أحمد الطيب، اعتبر في كلمة بأحد المؤتمرات الدولية، أن «الشذوذ من الأمراض الإنسانية وليس من حقوق الإنسان»، منتقداً رؤساء الكنائس في أوروبا المؤيدين لزواج المثليين، فيما طالب بابا الفاتيكان، الكنيسة بالاعتذار للمِثليين على ممارستها التاريخية معهم.

الكنيسة أيضا ترفض المثلية، حيث قال البابا تواضروس خلال زيارته لأستراليا، الشهر الماضي: «الكتاب المقدس فقط هو المرجع للعلاقة بين الرجل والمرأة وهذا الزواج (المثليين) مرفوض تمامًا من الإيمان المسيحي ومن المؤمنين ومن الله».

لكن البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، قال في خطاب بمدينة ريو دي جانيرو، يوليو 2013: «إذا كان أحدهم مِثلي الجنس ويبحث عن الرب بنية حسنة، فمن أنا لأحكم؟».

وفي تصريحات أخرى، طالب الكنيسة الكاثوليكية بالاعتذار للمِثليين بسبب الأسلوب الذي تعاملت معهم به، موضحًا: «على الكنيسة أن تظهر لهم الاحترام أيضًا، وأن تعتذر ليس فقط لهم، بل للنساء المستضعفات والفقراء والناس الذين تعرضوا للاستغلال، فهم شرائح لابد من مداراتها والعناية بها. يجب ألا يكون المِثليون عُرضةً للتمييز، وينبغي احترامهم ومرافقتهم أبويًا».

لا قانون يُجرّم المثلية

لا توجد منظمات عدة تتبنى مطالب وحقوق المثليين، قليلون من يدافعون عنهم، أبرزهم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي طالبت مراراً وتكراراً الشرطة بالكف عن ملاحقة الأفراد وعقابهم نتيجة لميولهم وهوياتهم الجنسية وممارساتهم الخاصة، مشددة على أهمية وحرمة الحياة الخاصة للأفراد وحقهم في الخصوصية المكفولة بواقع الدستور والقوانين وكذلك الاتفاقيات الدولية الملزِمة للدولة.

وفق تقرير للمبادرة، فإن «المثلية الجنسية ليست مُجرَّمة في القانون المصري إلا أن قناعات القائمين على القانون وضبابية مواده جعلت من الممكن عقاب الأفراد ـ فقط ـ لانتهاجهم ممارسات وأساليب حياة لا يرضى عنها المجتمع حتى وإن لم تكن مجرمة قانونيًّا».

وقال المحامي عصام الإسلامبولي، لـ«بي بي سي»، إن القانون المصري لا يجرم المثلية الجنسية ولكن يعتبرها جنحة تتعلق بالآداب العامة، ويتهم المقبوض عليهم بارتكاب فعل فاضح أو تحريض على الفسق والفجور.

المصري لايت