في بيتنا بنات قليلات الحياء (1)
تخيل أن تربي ولدك على الفضائل وتجتهد لتغرس فيه حب الخير واجتناب الشر، ثم تضبطه متلبساً بالجرم المشهود!! هذا ما حدث لي مع ولدي الذي صرفت عليه دم قلبي كي يتعلم في أفضل الجامعات، بل سافرت معه الى الولايات المتحدة كي أرى وأشمشم الجو العام في جامعته التي اخترتها له لأنها مدينة قائمة بذاتها، وليس بها أحياء سكنية سوى تلك التي تضم العاملين في الجامعة وبذلك ضمنت أنه لن يكون ضحية للمافيا ولكن تغويه فاتنات هوليوود بحكم أنه ورث الوسامة الفتاكة عن والده!!
ولم يخيب الولد ظني وظل يحرز نتائج طيبة وتخرج بتقدير محترم جدا، ولم ألحظ أنه »تأمرك« أو استغرب أي صار غربيا، أعني أنني فرحت لأنه لم يتطبع بطباع الخواجات، ولم تفلح بنات الخواجات في الضحك على عواطفه، ولكن من جاور الحداد اكتوى بناره، )سبحان الله فمن يجاور المليونير لا يصبح مليونيرا(، فقد وقعت واقعة جعلتني أدرك أن من خالط الأمريكان لا بد أن تروح قيمه وعادات أهله في خبر كان، فقبل أيام دخلت عليه في غرفتي التي حرص على تزويدها بجهاز تلفزيون خاص )اعترضت على ذلك في بادئ الأمر لأنني لم أكن أريد له أن يكون في حالة خلوة غير شرعية مع ذوات الثدي الفضائيات، ولكنه طمأنني بأنه لا يتعامل مع القنوات العربية وأن قنوات العهر الغربية لا يمكن التقاطها إلا نظير رسوم متلتلة(.
المهم أنني دخلت عليه الغرفة من دون استئذان رغم أنه سبق أن حذرني مرارا من عمليات التفتيش المفاجئة، وبدوري أكدت له مرارا أن من حقي كأب مداهمة أي جزء في بيتي، وأنني لن أستأذن للدخول عليه في غرفة ما إلا بعد أن يقيم في بيت خاص به.. دخلت الغرفة ووجدته في وضع شائن ومخجل!! ستقول: ولماذا لا تستر ابنك وفلذة كبدك؟ وسأقول لك إنه طالما أنني أعطيت نفسي حق انتقاد الآخرين على سلوكهم غير السوي فلا مجال لاستثناء ولدي، وما حصل هو أنني وجدت أمامه عدداً من الفتيات بملابس »زي قِلتها« أي أن وجود تلك الملابس على أجسادهن وعدمه كان سيان، وكانت الفتيات يتمايلن على الرغم من أن حالهن كان »مائلاً« ولو جلسن متصلبات كأبي الهول.
كان ولدي جالساً قبالتهن وفي يده ورقة يسجل عليها »ملاحظات«!! وسقط قلبي في حذائي، وتوقف قلبه عن النبض بضع دقائق عندما رآني أقف أمامه، ثم استجمع شجاعته وشرع يبرطم بكلام غير مفهوم: الكويت تعادلت مع السعودية ولكن الحكم طرد المهاجم المغربي، و… زجرته بنظرة قاسية فتوقف عن الكلام ومد لي الورقة التي كان يكتب عليها أثناء جلوسه أمام سرب الفتيات الكاسيات العاريات!! ألقيت بالورقة أرضاً وفكرت في طريقة مثلى لمعاقبته: سأحرمه من الميراث؟ ولكن الحرمان من الميراث يتطلب وجود ميراث وتركة!! لا.. سأزوجه كي أحصنه ضد الغواية والفتنة!! ولكن من أين لي ببلهاء تقبل به وهو مثل أبيه في مجال الوسامة والثروة! جلست إلى جواره مغموماً فالتقط أنفاسه وشرع يشرح لي: دي يا أبوي الحلقة الأخيرة من برنامج **** »التافه )قالها هكذا بالحرف( وأنا كنت بسجل شوية معلومات عنه لأنني لاحظت أنك لم تكتب عنه قط!!
انفجرت في وجهه: وهل كنت تتوقع مني أن أجلس قبالة هؤلاء الفتيات قليلات الحياء بحجة متابعة ذلك البرنامج للكتابة عنه كي تخلعني أمك في ميدان عام!! أكد لي مجدداً أنه »مش بتاع حركات زي دي«، وأنه رصد جوانب من البرنامج وأنه كان يتمنى لو يقدر على الكتابة لينهال على البرنامج وحامله وشاربه ضرباً بالنعال.. ثم قال: خلاص يا أبوي هذه آخر دقيقتين في البرنامج.. أنظر.. ونظرت،.. ولحسن حظي لم تكن أم الجعافر موجودة في الغرفة وإلا لانهالت علينا ضرباً وشتما، وتم إعلان فوز شاب اسمه ***** فسجد على أرض المسرح »شكراً لله« ثم نهض واحتضن حسناء تلبس ما قل ودل، واختلط الحابل بالنابل وتطايرت البوسات باليمين وبالشمال.. رجال على نسوان على نص نص!! ووجدت نفسي أهتف: أمجاد يا عرب أمجاد.
زاوية غائمة
جعفر عبـاس