بيئة الخرطوم…هل تطيح بالجنرال؟
(تعال واستفيد من العربية دي يا عبد الرحيم)، عبارة داعب بها رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير، والي الخرطوم الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين بفندق كورنثيا، أثناء طوافهما على معرض الموهوبين المصاحب لمنتدى الشباب السوداني الاسبوع الماضي..
العربة التي يعنيها الرئيس عبارة عن عربة نفايات، أبتكرها أحد الشباب المشاركين في المعرض، حديث الرئيس بدا وكأن القصر غير راضي عن أداء الجنرال.
-أحاديث كثيرة في هذا الاتجاه وردت من القصر الرئاسي، على شاكلة (الخرطوم زمان كانوا بغسلوها بالليل)، أبرزها ماصرح به النائب الأول رئيس مجلس الوزراء القومي الفريق أول ركن بكري حسن صالح، إبان افتتاحه الدورة الحالية للمجلس التشريعي للولاية. عبر الفريق بكري عن تراجع خدمات المياه، وصحة البيئة، وعدَ التعديات في البناء واستباحة المساحات العامة، والتمدد الجائر على الشارع العام دليلاً على إخفاقات في النشاط الحضري بالولاية. قالها النائب صريحة في الجلسة (إن العاصمة دون الطموح)..
كان حديث النائب الأول شديد اللهجة حين قال (نحن نراقب ونسمع ونتلقى من المواطنين). ووجه حكومة الخرطوم بابتكار حلول غير تقليدية، وعدم انتهاج تفكير نمطي لاستقرار وحل مشكلة الخدمات في الولاية، لجهة أن خمس سكان السودان يقطنون بها. حديث النائب للوالى حمل في طياته مؤشرات، كأنه يمنح الوالي مهلة أخرى لإيجاد حلول للمشاكل.واعتبر النائب خروج الأرقام والنتائج التي أوردها الوالي في خطابه الذي تلاه في تلك الجلسة من السطور إلى الشارع العام، يبقى تحدياً أمام حكومة الولاية.الفريق عبد الرحيم منذ أن ولي على العاصمة لم يكف عن إعترافه بعدم مقدرته على حل مشكلاتها، واصفاً إمساكه بزمام الأمور فيها بأنها أشبه بقصة (جحا وولده والحمار) فالقرارات التي سيتخذها لن ترضي جميع الناس. وتكررت شكاوى الوالي من قلة الموارد بالخرطوم بقوله، (المورد الوحيد كان وزارة التخطيط والتنمية العمرانية ولكن الحتات كلها باعوها)!
وأقر بأن الأزمات تنحصر في المياه والنظافة والمواصلات، بل مضى الرجل الى أبعد من ذلك، حين أقسم باستحالة إيجاد حل لمشكلة المواصلات (لوصلعكم وصلت صلعتي ما بتلقوا ليها حل والكاش بقلل النقاش)..
وأصبح الحديث عن قلة الموارد هو (الشماعة) التي يعلق عليها غالبية وزراء الولاية تقصيرهم في الاداء، وكثيراً ما يجأرون بالشكوى، فعلى سبيل المثال ظل رئيس المجلس الأعلى للبيئة حسن اسماعيل يردد في كثير من المحافل أن حل مشكلة النفايات يحتاج الى (70) مليون جنيه شهرياً بمحليات العاصمة السبع، مخيراً الحكومة مابين أن تتحمل تكاليفها، أو أن يتحملها المواطن بصفته متلقي الخدمة (في ظل سياسات التحرير الاقتصادي)، وأكد اسماعيل أن نسبة سحب النفايات لم تتجاوز (65%) فقط من اجمالي كمية النفايات التي قدرها بـ(7) آلاف طن يومياً.
هذا ما يقود الى أن ما أفصح عنه وزير الشؤون الاستراتيجية والمعلومات إبان إعلانه للمعالم الأولية لخطة الولاية للعام القادم (2018) في تصريحات صحفية سابقة، حين أرجع ضعف بعض المحليات في إيجاد حلول لقضية النفايات والمصارف الى طرحها مشروعات بتكالف مالية أكبر من إيراداتها، ما جعل الوزير يؤكد أن وزارته ستقدم على شطب المشروعات التي تتعارض مع استراتيجية الولاية، على أن يكون التنفيذ عبر منظومة تنموية متكاملة، ودعا وقتها الى البحث عن سبل للتمويل غير الحكومي، سيما أن الميزانية الموضوعة للتنمية بالولاية لا تتجاوز (350) مليون دولار.المجلس التشريعي للولاية ظل ينتقد ضعف الخدمات بالولاية، حتى أفصح بعض النواب خلال جلساته عن فقدان ثقة المواطن في حكومة ولايته، وهذا ما أشارت إليه العضو الزلال عبد الرحيم، حينما رهنت استمرارية دفع المواطنين لرسوم النفايات المفروضة بالتزام حكومة الولاية بتقديم الخدمة، بينما ذهب رئيس اللجنة الاقتصادية الى أن قضية تراكم النفايات ستؤدي الى هروب المستثمرين، في وقت تبحث فيه الولاية عن سبل لتعظيم إيراداتها.
تقرير:اسماء سليمان
اخر لحظة