العنف بالجامعات.. لمصلحة من؟
الوحدات الجهادية .. خنادق وبنادق داخل الجامعات
عمار السجاد.. يجب حل الوحدات الجهادية عاجلاً
عمار باشري.. الوحدات الجهادية منارة من منارات العلم بالسودان
ناجي إمام.. الوحدات الجهادية انتهى دورها منذ 2000م
طالب معارض: هي سبب العنف في الجامعات
في مطلع التسعنيات، والإنقاذ تشبه شاباً غض الإهاب، كانت الجامعات السودانية تعج بالأناشيد الجهادية التعبوية التي تحث الشباب على الجهاد في أدغال جنوب السودان ضد حركات التمرد، فكانت المحصلة الآلاف من أفواج الطلاب يتحركون صوب سوح الجهاد منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وبعد الانتهاء من المعارك الحربية يعود الطلاب لجامعاتهم مما جعل لهم مكاتب خاصة تحمل اسم الوحدات الجهادية صارت عنواناً بارزاً داخل كل جامعة.
الوحدات الجهادية
الوحدات الجهادية عبارة مكاتب خصصت للطلاب المجاهدين داخل دور الجامعات السودانية، فيها تتم اجتماعاتهم وممارسة مناشطهم الاجتماعية والتربوية، وهي لا تنفصل عن حركة الطلاب الإسلاميين الوطنيين، بل هي عبارة عن أمانة من ضمن الأمانات العامة للإسلاميين الوطنيين بالجامعات، تجد هذه الوحدات قبولاً وتقديراً كبيرين من الإسلاميين، بينما يرفضها مناوئوهم بحجة أنهم جماعة تحب العنف وتثير الرعب داخل الجامعات ويتهمها كثيرون بإثارة العنف في الجامعات السودانية.
الشاهد في الأمر أن معظم المنتسبين للوحدات الجهادية تبدو هيئتهم أقرب للرجل العسكري من حيث المظهر والتصرفات، ومن السهل تمييزهم عن الطلاب الأكاديميين، ربما ساهمت المعارك الحربية التي شاركوا فيها في إظهارهم في ثوب العسكر.
خرجوا منها
ثمة عشرات الأسماء على مر التاريخ خرجت من رحم الوحدات الجهادية بالجامعات أبرزهم الشهيد علي عبد الفتاح وهشام عبد الله ومحمد عبد الله خلف الله ومن الأحياء والي شرق دارفور الحالي أنس عمر ومحمد حاتم سليمان وآخرون ما زالوا يفاخرون بهذه المدرسة التي لا تزال تعطي.
تفريخ
الشاهد في الأمر أن معظم الذين يذهبون للعمليات الحربية خلال سنوات الدراسة يتم استيعابهم في الأجهزة الأمنية والعسكرية بعد تخرجهم من الجامعة خاصة بعد اكتسابهم المهارات العسكرية بسبب تواجدهم المستمر في أرض العلميات .
مطالب بغلقها
في العام 2014م تعالت الأصوات المطالبة بإغلاق الوحدات الجهادية في الجامعات خاصة في جامعة الخرطوم بعد الاتهامات التي كالها طلاب المعارضة للوحدات الجهادية ودمغها بإثارة العنف في الجامعات، ونقلت الصحف في ذلك الوقت قراراً صدر من البروفسير صديق حياتي مدير جامعة الخرطوم وقتها وطالب من خلاله بإغلاق الوحدات الجهادية بالجامعة، بيد أن الأمر لم ينفذ حتى في العام 2016م،حيث تعالت الأصوات المطالبة بإغلاق الوحدات الجهادية لدرجة جعل الأمر يدخل قبة البرلمان السوداني ومناقشته، وقتها دافع النائب البرلماني عصام الدين ميرغني بشدة عن الوحدات الجهادية مطالباً بإبقائها وعدم تصفيتها بأي حال من الأحوال .
مطالبة بالتصفية
في العام 2016م ارتفعت وتيرة المطالبة بتصفية الوحدات الجهادية داخل الجامعات وتصفيتها بصورة تامة تماشياً مع روح الحوار الوطني التي كانت سائدة وقتها ونشط عدد من المحاورين على رأسهم رئيس تيار إسناد الحوار عمار السجاد حملة مكثفة بغرض غلقها بعد اتهامه للوحدات الجهادية بالاعتداء عليه ونجله داخل جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وما زال السجاد عند مطلبه، إذ يقول (للصيحة): لا داعي لوجود الوحدات الجهادية بالجامعات في ظل الوضع الحالي، وأضاف أن الوحدات الجهادية مشروع حزبي سياسي يتبع المؤتمر الوطني ووجودها يتنافى مع مرحلة ما بعد الحوار الوطني، ويجب أن تبعد الوحدات الجهادية من داخل الجامعات. وأردف: ليس من حق أي طالب التدخل في مسألة حفظ النظام في الجامعات آن الأوان لتصفية الوحدات الجهادية، وهي تعتبر أنموذجاً أقرب للنظام الداعشي، ويجب التخلي عنها والتحول لدولة القانون.
لم ينس السجاد ن يقول إنه أحد الذين عملوا في الوحدات الجهادية بالجامعات في أوقات سابقة، بيد أنه يصر على إغلاقها بغية التماشي مع الروح السلمية وقوله إن الوحدات الجهادية تمثل رأس الرمح في العنف الذي يسود الجامعات السودانية .
نفي تام
أحد المنتمين للوحدات الجهادية بالجامعة الإسلامية في وقت سابق يرى عكس ما ذهب إليه عمار السجاد ويشدد في حديثه لـ(الصيحة) بعد الإصرار على حجب اسمه أن دور الوحدات الجهادية بالجامعات دور سليم فهم خفاف عند الفزع، وفي سوح المعارك، مبينًا أنهم مجموعة تلبي نداء الوطن ساعة الشدة ولا تمارس العنف بالجامعات، بل هم وطنيون من كل أرجاء السودان، لا يجمعهم تنظيم واحد، بل الذي يجمعهم هو نداء الجهاد والوطن وأضاف، المطالب بغلق الوحدات الجماعية تعتبر مطالب ساذجة وتخرج من أنفس مريضة، مشيرًا أن اتهامهم بالعنف لا يسنده أي دليل، نافياً بشدة تورطهم في حالات العنف بالجامعات، وقال نحن جماعة تربوية في المقام الأول لا نلجاء للعنف مطلقاً لدينا مناشط ثقافية وتربوية معروفة مثل حلقات التلاوة وصيام كل (إثنين وخميس) من الأسبوع عطفًا على مشاركتنا المستمرة في العمليات الحربية ذوداً عن الوطن بالإضافة للزيارات المتكررة لأسر الشهداء ودعمهم وتفقد أحوالهم المادية والمعنوية ومساعدة ذوي الإعاقة في المعارك الحربية، وفي ذات الوقت ليس لدينا نشاط سياسي في الجامعات .
دفاع مستميت
ثمة من يرى أن الوحدات الجهادية هي منارة من منارات التعليم في الجامعات ويجب الإبقاء عليها وتشجيعها بدلاً من السعي لإغلاقها، وهنا يقول القيادي بالمؤتمر الوطني عمار باشري (للصيحة): الوحدات الجهادية جزء من مكوننا الفكري والثقافي، وهي تجربة أحيت جذوة الجهاد، وبها قيم تربوية تتمثل في إحياء سنة الجهاد والدفاع عن الأوطان. ويمضي باشري قائلاً: لعبت وحدات التربية الجهادية دورًا كبيراً وبارزاً في التصدي للاستهداف الخارجي وقدمت الوحدات الجهادية أبهى وأنضر إشراقاتها للذود عن الأوطان وحماية الأعراض والدين والقيم والنفس، بل قدمت مئات الشهداء في سوح المعارك. وقال باشري إن المستعمر الغربي يستهدف الوحدات الجهادية ويسعى لنزعها بغرض سلخ الطلاب فكرياً.
وختم بالقول: الوحدة الجهادية تفاعل معها كل الشعب السوداني لأن الذين ينضمون إليها هم من رحم الشعب السوداني، وفلذات أكباده، تركوا قاعات الدرس من أجل الذود عن الأوطان.
وشدد باشري على أهمية الإبقاء عليها وتطويرها بدلاً من العمل على تصفيتها .
ما (لها) وما (عليها)
في ذات الوقت، هنالك من انتموا للوحدات الجهادية في وقت سابق، ولكن تركوها في أوقات لاحقة، بيد أنهم لا يزالون يحفظون لها بشيء من الإخلاص.. ناجي إمام أبرز كوادر الوحدات الجهادية بالجامعات في أوقات سابقة، يضع عدداً من سلبيات وإيجابيات الوحدات على طاولة الصيحة، ويقول: الوحدة الجهادية حتى 2000م كان لها دور محوري في متابعة ورعاية المجاهدين من قطاع الطلاب من حيث المتابعة الأكاديمية وتوفيق الأوضاع لهم بصورة عامة. ويضيف إمام: الأن صارت الوحدات الجهادية واحدة من وجهات الحزب الحاكم وكتائبه الأمنية، ولكن إمام يرفض أن يحمل الوحدات الجهادية مسؤولية العنف الطلابي في الجامعات، ولم ينف دورها في نفس الوقت في ممارسة العنف، قائلاً: هي منطلق لكتائب طلاب الوطني باعتبارها مخازن إمداد بالأسلحة البيضاء والملتوف.
ووضع ناجي إمام عدة أسباب للعنف الطلابي الجامعي منها الاحتقان السياسي واحتكار المنبر الطلابي للمؤتمر الوطني وتفريغ العملية الديمقراطية من محتواها عبر تزوير الانتخابات الطلابية، وأضاف بالقول: الوحدات الجهادية بالجامعات انتهى دورها منذ 2002م.
رؤية مغايرة
دمغ الوحدات الجهادية بالعنف أصبح ثابتاً عند الطلاب المناوئين لسياسات الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني)، وهنا يقول أمين عام لأحد الأحزاب السياسية ـ فضل حجب اسمه ـ إن الوحدات الجهادية الفاعل الأساسي والأبرز في عمليات العنف الطلابي بالجامعات وهم مجموعة من الطلاب الحربيين الذين ينتمون للمؤتمر الوطني، مشيراً بالقول: هولاء يحملون الأسلحة البيضاء والمتلوف في الجامعات لتفريق أركان النقاش بالقوة، ولا يتورعون عن ضرب من يخالفهم الرأي، ويتهم محدثنا الحرس الجامعي في كل الجامعات بالتوطؤ والخوف من إدارة الوحدات الجهادية، مبيناً أن هذه الجماعات على صلة وثيقة بالأجهزة الأمنية ويصعب السيطرة عليهم، ويضيف محدثنا: المنتسبون للوحدات الجهادية شرسون للغاية، ويصعب هزيمتهم في أحداث العنف، وهم لا يجيدون فن الحوار بل يجيدون فن الخلافات .
تعطيل البيئة الجامعية
يتهم البعض الوحدات الجهادية بتعطيل العام الدراسي في الجامعات من خلال تكرار الاشتباكات مع التنظميات السياسية بالتالي أصبحت مهدداً لاستمرار الدراسة وينبغي التخلص منها، وهذا ما أشار إليه عمار السجاد في مطلع حديثه للصيحة قائلاً: إن الحرس الجامعي هو المسوؤل الأول عن تأمين الطلاب بالجامعات ويجب ألا يكون للوحدات الجهادية دور في التأمين وإبعادهم النهائي من الجامعات يساهم في استقرار العام الأكاديمي، بينما يتمسك عمار باشري بضرورة بقائها حتى تكون ترياقاً للطلاب ضد الاستلاب الغربي وسيفاً بتاراً في حالات الاعتداء على الوطن .
الخرطوم ـ عبد الرؤوف طه
الصيحة