مأساة (75) سودانياً عالقين في أسوان بعد أن تركتهم البصات في نصف الطريق!!

هي ليست المرة الأولى التي يشكو فيها مواطنون سودانيون معاناتهم وتعرضهم لسوء المعاملة والاستغلال وضياع الحقوق أثناء سفرهم من القاهرة للخرطوم والعكس، عبر الطريق البري بالبصات السفرية المصرية.
لا زال مسلسل التجاوزات والانتهاكات مستمراً، فهاهم حوالي خمسة وثلاثين مواطناً سودانياً كانوا متوجهين من القاهرة إلى الخرطوم، أصبحوا عالقين في مدينة أسوان منذ (الإثنين) الماضي، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، بعد أن تركهم البص السفري التابع لشركة “كوكا” المصرية للنقل في محطة أسوان، والذي وعدهم بأن يأتي بص آخر اتفقت معه الشركة، ليكمل الرحلة من أسوان إلى الخرطوم، لكن قبل أن تحل مشكلة هؤلاء لحق بهم أربعون راكباً آخرون أمس (الخميس)، بعد أن تركهم البص التابع لشركة “أبو حشيش” للنقل المصرية وقد وعدهم بأن يأتي بص آخر ليقلهم للخرطوم، ولا زال المواطنون السودانيون عالقون في المحطة المصرية في أوضاع إنسانية مزرية.
}زيادة في التعرفة
“هيثم حسن محمد قبيش” الذي أوضح أنه يمتهن التجارة واعتاد على السفر لجمهورية مصر العربية حيث يشتري البضائع التي يقوم ببيعها في الخرطوم، قال لـ(المجهر) في حديث عبر الهاتف: (أولاً نحن عالقون هنا منذ يوم الإثنين الماضي، قطعنا تذاكر للسفر عبر البص من القاهرة إلى الخرطوم، مروراً بأسوان، تم الضغط على المسافرين من قبل أصحاب البصات المصرية وبيعت لهم التذاكر بـ(850)جنيهاً مصرياً بدلاً عن (500)جنيه، ليتفاجأوا بأن البص ممتلئ بالعفش والحقائب ولا وجود لمكان ليجلس فيه الركاب، ركبنا يوم (الأحد)، البص الذي لا تتوفر فيه إجراءات السلامة، كنا نجلس وسط أكوام العفش حتى وصلنا لمدينة أسوان، أنزلونا هناك وطلبوا منا الانتظار لعشر دقائق ليأتي بص آخر يقلنا من أسوان لمواصلة الرحلة إلى حلفا ومنها إلى الخرطوم، ولكن تم تضليلنا وتركنا منذ (الأحد)، إلى اليوم في الرصيف وتم النصب علي بعض المسافرين في آلاف الجنيهات، وللأسف ظللنا لثلاث ليالٍ في الشارع.
}”الشرطة تقبض علي أحد المسافرين”
المسافر “محمد أحمد مالك” قال لـ(المجهر) (رغم ما تعرضنا له من انتهاك لحقوقنا، قامت الشرطة بالقبض على أحد المسافرين لأنه قام بالتبليغ عن ما حدث لنا في قسم الشرطة، لم يراعوا لأوضاعنا ولا لأن معنا نساء وأطفال ومرضى.
وتقول المسافرة السودانية “هويدا جمعة” حضرنا إلى أسوان منذ (الإثنين) الماضي، في اليوم الأول انتظرنا البص حسب ما أخبرنا السائق المصري الذي أنزلنا في أسوان حتى الساعة الواحدة صباحاً، في محطة البنزين قرب محطة البصات في أسوان، كنا نجلس على الأرض لم نأكل أو نشرب شيئاً، وبعدها جلسنا في مكان آخر من المحطة، كل ما نملك من نقود صرفناه من أجل الأكل والشرب ولا زلنا ننام على الأرض في أوضاع يرثى لها وتتنافى مع الإنسانية، في انتظار معالجة أوضاعنا.
}بصات سيئة وانتهاك للإنسانية
المقدم معاش “عيسى دفع الله” قال لـ(المجهر) لديّ حالة وفاة، ولأنني لم أجد حجزاً في الطائرة جئت بالبص حتى لا يفوتني العزاء، ولكن للأسف نحن عالقون في أسوان لثلاثة أيام في أوضاع تتنافى مع الإنسانية، وأضاف (الحقوا الشعب السوداني الذي يتعرض لأسوأ معاملة وتنتهك حقوقه وإنسانيته، بداية من البص الذي صعدنا على متنه من القاهرة، لا تدري هل هو لنقل البشر أم الأمتعة، لا وجود للتكييف أو التهوية في البص، ومن ثم المعاملة، فقد تمت معاملتنا بدونية وبطريقة سيئة للغاية، وها نحن هنا ومعنا نساء ومرضى نجلس على الرصيف لثلاثة أيام دون أي احترام لإنسانيتنا أو لحقوقنا أو لالتزام شركة السفر التي أخذت أموالنا وتركتنا في الرصيف، وطالب “عيسى” السلطات السودانية بالتحرك لاسترداد حقوق مواطنيها.
}اتصالات
(المجهر) اتصلت بقنصل السودان بالإنابة في أسوان “عبد الرحيم سر الختم” الذي أكد لـ(المجهر) أن القنصلية وقفت على أوضاع المسافرين وأبلغت الجهات المختصة والتي وعدت بحل المشكلة.
وأضاف “عبد الرحيم” (جاء إلى مبنى القنصلية اليوم مجموعة من المواطنين السودانيين أبلغونا بأن بعضهم عالقون في مدينة أسوان منذ الإثنين الماضي، بعد أن تركتهم بصات شركة “كوكا” المصرية في منطقة “صحاري”، وآخرون تركهم بص “أبو حشيش” في نفس الموقع صباح اليوم)، وأكمل (تحركنا فوراً ووقفنا على أوضاعهم، وأجرينا اتصالاتنا وأبلغنا وكيل وزارة التعاون الدولي المصري “رئيس الجانب المصري” في اتفاقية “تشغيل المعابر”، ووعد بحل المسألة وتوفير بصات لنقل المسافرين السودانيين).
وأكد أنها ليست المرة الأولى التي تقوم فيها البصات المصرية بهذه الفعلة، وأن القنصلية قامت رمضان الماضي، بإجراءات عقابية، وامتنعت عن منح بصات “كوكا” و”أبو حشيش” تأشيرات لدخول السودان بسبب عدم التزامها، وأنها تلقت وعوداً بتحسين الخدمات ولكن دون فائدة، وأضاف حسب اتفاقية تشغيل المعابر، الشركات المصرية طالما أنها نقطة بداية الرحلة، مسؤولة عن وصول المسافرين الذين قاموا بحجز بطاقات السفر عليها لوجهتهم أو توفير بصات تقوم بإيصالهم فوراً دون تأخير، مؤكداً أن ذلك تسيب وعدم التزام من البصات المصرية، وأضاف نرجو من الجانب المصري أن يتعامل بصرامة مع البصات المخالفة.
وأكد نائب القنصل أن البصات السودانية مجهزة بخدمات ممتازة وإجراءات سلامة، في وقت لا تصلح بعض البصات المصرية للاستخدام البشري ومقاعدها متهالكة وإطاراتها سيئة.
وأرجع “عبد الرحيم” تصرف البصات المصرية إلى تسابقهم في المواسم على نقل أكبر عدد ممكن من الركاب.
وفيما يلي المواطن السوداني الذي أبلغ السلطات المصرية وقامت باعتقاله، أكد السفير أن موقف الشرطة المصرية خاطئ وأن القنصلية بدأت بإجراءات في هذا الشأن، موضحاً أن المواطن السوداني تم إطلاق سراحه.

المجهر