“مبارك الفاضل” الاتفاق والاختلاف!!
تابعت باهتمام كبير الحلقات التي تبثها سودانية (24) مع الأستاذ “مبارك الفاضل المهدي” والتي وصلت تقريباً إلى الرقم عشرة، وهي من الحلقات التوثيقية المهمة والجديرة بالمتابعة والاطلاع والاستماع والمشاهدة. الأستاذ “مبارك الفاضل” اختلف الناس حوله أو اتفقوا، فهو من الشخصيات السياسية المهمة في البلد ولا يقل وطنية عن كل الساسة الكبار الإمام “الصادق المهدي” والزعيم الراحل “الترابي” والسيد “محمد عثمان الميرغني” وبقية الساسة السودانيين الذين أعطوا الوطن جهدهم ومالهم ووقتهم وأسرتهم، فالحلقات التي قدمها الأستاذ “الطاهر حسن التوم” معه هي من الحلقات المهمة، إذ أن تاريخ السودان ما زال يعتريه الغموض، ولم يكتب بدقة، وحتى الساسة السودانيين رافضين أن يتحدَّثوا عن تجاربهم خشية أن يخرج ما يجرح الآخرين، ولكن من خرج للعمل العام عليه أن يتحمَّل النقد..
فالسيد “مبارك” تحدَّث عن ملفات كثيرة قلَّ أن يتحدَّث عنها البعض حتى الإسلاميين الذين كانوا في المعارضة إبان فترة الرئيس الأسبق “جعفر نميري” لم ترو بالطريقة التي سرد وقائعها الأستاذ “مبارك” في إفاداته للقناة..تحدَّث “مبارك” عن “أمبو” وما هم زعماء “أمبو” وكيف استطاع أن يفشل مخططهم بعد أن جلسوا مع الحركة الشعبية ومناقشتهم لمذكرة القوات المسلحة، وروى تفاصيل دقيقة من الصعب أن يكون إنسان محتفظ بالتاريخ والأسماء بهذه الطريقة، والسيد “مبارك” تشبَّع بالسياسة منذ صغره، وقد كان اليد اليمنى للإمام “الصادق المهدي” وفي إحدى الحوارات التي أجريت مع الإمام، قال: أنا الذي صنعت “مبارك” وأنا الذي قدَّمه للعمل السياسي، ولكن الإمام قال هذا بسبب الخلاف بينه وسيد “مبارك”.. ولكن لو لم يكن سيد “مبارك” قدر المسؤولية لما قدمه الإمام في مثل هذه الأعمال السياسية الخطيرة داخل وخارج البلاد، فسيد “مبارك” يتمتع بشخصية قوية وعلاقات واسعة مع الساسة في الدول المختلفة، وقد لعب دوراً مهماً في المعارضة إبان فترة الإنقاذ الأولى وتكوين التجمع الديمقراطي، وكيف كان يتحرَّك من أسمرا إلى أديس إلى القاهرة إلى ليبيا، وكيف كان يجتمع بقادة تلك الدول، وكيف كان يجمع المال ويصرفه على المعارضين.. لقد عرَّض نفسه إلى مخاطر كبيرة، ولكن بخبرته السياسية استطاع أن يخرج من كل زنقة يتعرَّض لها، وما أعجبني في سيد “مبارك” الهدوء الذي يتمتع به في تلك الحلقات وسرده للوقائع وكأنها اليوم، يسردها بكل تفاصيلها ومواقفها الساخنة منها والباردة ..
لم ينفعل في سؤال أو في موقف وهذه هي صفة القائد كيف يتعامل مع الأحداث، وقد التقينا به في حوارات كثيرة، فهذه هي طريقته مع الصحافة والإعلام، وهو صاحب معارك كثيرة خاصة مع الإمام “الصادق المهدي” فلم يثُر في أي حوار أُجرِىَ معه، بل أحياناً يقول ليك لا تبرز هذه عندما يكون الحديث عن الإمام “الصادق”، فالإمام “الصادق” كان من المفترض ألا يخسر سيد “مبارك” مهما حدث من خلاف بينهما، فهو إضافة لحزب الأمة والأنصار وليس خصماً عليه، فهو زعيم وقائد اختلف الناس حوله أو اتفقوا، وأعلم يقيناً أن كثيرين لن يرضيهم حديثي هذا، ولكن هذه هي الحقيقة التي يجب أن يُسلِّم بها الجميع داخل حزب الأمة والأنصار، وهو يستطيع أن يقود معاركة بفن وإتقان وحتى عندما اختلف مع الإنقاذ لم ينكسر أو يتراجع عما كان يقوم به.. ولذلك عندما عاد لم ترفضه الإنقاذ، بل قبلته وقدمته على الآخرين.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي