تحقيقات وتقارير

أنباء عن خلافات بداخله الشعبي… هل تقصم (جزرة السلطة) ظهر الحزب؟

بعد عودته إلى السلطة هل تصيب المؤتمر الشعبي اللعنة ؟ سؤال يفرض نفسه على الساحة إن صحت التسريبات التي خرجت بها صحف الخرطوم أمس التي ألمحت إلى أن خلافات دبت في جسد حزب (الشيخ) غضون اليومين الماضين بعد اختلاف الآراء حول تقييم المشاركة الأمر الذي أوجد – بحسب التسريبات- صراعاً بين قيادة الحزب التنظيمية والمجموعة المشاركة في السلطة. في ذات الوقت سعت قيادة الشعبي إلى لملمة أطراف الصراع بأسرع ما تيسر تفادياً لحدوث شرخ في جسد الحزب يصعب معالجته مستقبلاً.

أصل الحكاية
بعد مرور ثلاثة أشهرمن عمر حكومة الوفاق الوطني، قررت الأمانة العامة للشعبي تشكيل لجان متابعة لممثلي الحزب في الجهاز التنفيذي بمعنى أن تكون هنالك لجنة مسؤولة عن أداء كل وزير بيد أن مساعد رئيس الجمهورية ورئيس شورى المؤتمر الشعبي، إبراهيم السنوسي، رفض الأمر جملة وتفصيلاً بل دفع بمقترح قدمه بنفسه يتمثل في رئاسته لكتلة الشعبي في الجهاز التنفيذي وهو الأمر الذي بدا مرفوضاً من أمانة الشعبي العامة والتي أصرت على أمر اللجان مما يجعل السنوسي يرضخ لقرار الأمانة العامة على مضض .

لماذا رفض السنوسي؟
الشاهد في الأمر أن تياراً عريضاً داخل الشعبي ظل يتهم إبراهيم السنوسي بجر الحزب إلى المشاركة في السلطة خاصة وأن قرار المشاركة جاء في آخر أيامه في قيادة الشعبي مما جعل كثيرين يقولون إن السنوسي سعى لمشاركة الشعبي في السلطة بحكم العلاقة الأزلية التي تجمع بينه ورئيس الجمهورية عمر البشير، ويستشهد آخرون بأن مشاركة السنوسي في السلطة كمساعد رئيس جمهورية جاءت بعد أيام من إعلان الشعبي حصته في السلطة مما يعني أن الرجل جاء عبر نوافذ أخرى وليست نافذة الشعبي في السلطة ، المهم في الأمر أن مصدراً وثيق الصلة كشف أن السنوسي رفض تكوين لجنة لمتابعة أدائه في الجهاز التنفيذي بل رفض أمر لجان المتابعة بصورة كلية خشية من توصيات اللجان أو من قرار يصدر من تلك اللجان يوصي بالخروج من الجهاز التنفيذي مع الإبقاء على المشاركة في الجهاز التشريعي من هنا تنبع مخاوف السنوسي من أمر تشكيل لجان المتابعة الحزبية.

خلافات صامتة
لم ينكر القيادي بالمؤتمر الشعبي، د.عمار السجاد، وجود خلافات داخل حزبهم مبيناً أن الخلاف انفجر في غضون الأيام الماضية بعد قرار الأمانة العامة بتكوين لجان لمتابعة أداء وزراء الشعبي في الجهاز التنفيذي، بيد أن السجاد عاد وقال لـ(الصيحة) إن الخلاف تم تداركه بعد قبول السنوسي بتكوين لجنة خاصة لمتابعة أدائه في الجهاز التنفيذي. في ذات الصدد يقول الأمين السياسي بالشعبي، الأمين عبدالرازق، أن ما يحدث داخل الشعبي مجرد اختلاف آراء لا يفسد للود قضية. ونفى بشدة رفض السنوسي لتكوين اللجان قائلاً إن السنوسي تنظيمي من طراز فريد ولا يمكنه أن يخالف قراراً صادراً من الأمانة العامة لحزبه. وأضاف( السنوسي ارتضى تكوين لجنة خاصة بمتابعة أدائه ولم يرفض كما يشاع). وختم قائلاً( نحن حزب شورى وديمقراطية نتقبل الآراء المختلفة ولا نحجر على أحد). من جانبه يقول عمار السجاد إن علي الحاج هو أمين عام منتخب من قبل القواعد يجب أن ينصاع الجميع لأوامره خاصة القرارات التي تصدر من الأمانة العامة.

لقاء خاص
في ذات الوقت تشير التسريبات إلى وجود خلاف صامت بين الشيخ إبراهيم السنوسي والأمين العام للشعبي د. علي الحاج نشب في غضون الأيام الماضية، بيد أن مصدراً مقرباً من الطرفين وصف الأمر بالإشاعة قائلاً إن العلاقة بين الرجلين على درجة عالية من الحميمية والمودة. من جانب آخر يقول الأمين عبدالرازق إن الحاج والسنوسي التقيا في غضون الأيام الماضية بمنزل الأمين العام واستقبلا وفداً من دولة تركيا مشيراً إلى حجم التنسيق العالي بين الرجلين في كثير من الملفات التنظمية، وقال عبدالرازق إن السنوسي أكثر قيادات الحزب انضباطاً من نواحي تنظمية ولا يمكن أن يفتعل مشاكل داخل الحزب .

أزمة البرلمان
قبل أيام قليلة شن النائب البرلماني عن كتلة الشعبي، كمال عمر، هجوماً لاذعاً على رئيس البرلمان ووصفه بالدكتاتور في تعامله مع النواب عطفاً على قوله إن اللائحة البرلمانية مصممة لصالح المؤتمر الوطني وخدمته ملوّحاً بخوض معركة ضد رئيس البرلمان وقانون الأمن. لهجة كمال عمر الغاضبة ربما تعيد العلاقة بين الشعبي وغريمه المؤتمر الوطني إلى المربع الأول وهو مربع المخاشنة والمواجهة الذي كان سائداً بين الفريقين قبيل انطلاق مسيرة الحوار الوطني، بالتالي يكون نتاج المشاركة في السلطة هو العودة لحالة الخصام ؛ إما الوطني وإما الشعبي و هذا ما يرفضه كثير من قيادات الشعبي التي ترى أن التقارب مع الوطني فيه خير لصالح التيار الإسلامي بصورة عامة.

السلطة هل تفتن الشعبي؟
توقع كثيرون أن يتعرض المؤتمر الشعبي لحالة انشقاق إبان الشد والجذب الذي تلى قرار المشاركة في السلطة بيد أن حكمة أهل الشعبي مكنتهم من تجاوز ذلكم المطب الصعب ثم توقع مراقبون انشقاق وشيك إبان الصراع على منصب الأمين العام للحزب بيد أن تنازل السنوسي لمصلحة علي الحاج فوت الفرصة على حدوث انشقاق كان قاب قوسين أو أدنى. ثم عادت الإرهاصات بانشقاق الشعبي مرة أخرى بعد مرور ثلاثة أشهر على مشاركة الحزب في السلطة إذ ينادي كثيرون بخروج الحزب من الحكومة في أعقاب الردة التي صحبت الحريات التي كان يرفعها الشعبي شعاراً حيث تم اعتقال عدد من السياسيين في عهد الشعبي في الحكومة دون أن يحرك نوابه في البرلمان ساكناً، الأمر الذي أصاب قواعده بسخط كبير لذا يطالب تيار عريض بالتخلي عن المشاركة الأمر الذي ربما يؤدي لحدوث انشقاق في الحزب. بيد أن قيادياً رفيعاً بالشعبي، أمسك عن ذكر اسمه، قال لـ(الصيحة) إن انشقاق الشعبي من المستحيلات قائلاً إنهم حزب الشورى التي تحسم كل خلاف، مستبعداً بشدة حدوث انشقاق أو مفاصلة داخل صفوف حزبهم .

الخرطوم : عبدالرؤوف طه
صحيفة الصيحة