إغلاق قنصلية الكفرة.. بوادر أزمة دبلوماسية
في خطوة مفاجئة قررت الخارجية الليبية إغلاق قنصلية السودان بالكفرة، وأمهلت بعثة السودان الدبلوماسية (72) ساعة لمغادرة البلاد، واتهمت الحكومة الليبية المؤقتة موظفي القنصلية بتجاوز الاتفاقية الدولية، واستندت في قرارها على أنهم يقومون بممارسات تهدد الأمن القومي الليبي. سارعت الخارجية السودانية وأصدرت بياناً في وقت متأخر من ليل أمس الأول نفت فيه الاتهامات، وتأسفت على القرار، ودمغتها بغير المؤسسة وفاقدة الأدلة. وكشفت عن شروعها في اتصالات مع حكومة الوفاق الوطني لمزيد من التحقيق حول الأمر، والتأكد من وفاء الجانب الليبي بكافة الحقوق الخاصة بالبعثات الدبلوماسية والقنصلية.ترددت الاتهامات الليبية ضد السودان قبلاً، وكان المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي الذي يقوده خليفة حفتر، اتهم قبل يومين السودان وتركيا وقطر . ومهدت الحكومة الليبية لهذه الخطوة عندما ضمنت السودان مع الدول التي تقوم بدعم الحركات الإرهابية في ليبيا، الأمر الذي رفضته الحكومة السودانية، التي ظلت تؤكد دائماً التزامها بمواصلة الجهود لدعم الاستقرار الليبي، وردت الاتهام على الحكومة الليبية، وقالت إنها تدعم الحركات المتمردة السودانية، السؤال الذي يبرز هنا ماهو تاثير هذه الخطوة على العلاقات بين البلدين التي ظلت متأرجحة منذ العام 2015م؟ وهل تؤدي إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين؟ حق سيادي سفير السودان بليبيا سابقاً حاج ماجد سوار قال إن القرار صدر من حكومة غير شرعية بقيادة حفتر، يترأسها عبد الله التني الذي كان يترأس آخر حكومة تتبع للمؤتمر الوطني العام الليبي، بيد أنه إتجه شرقاً وانضم لبرلمان طبرق لقيادة حرب ضد الحكومة الشرعية تحت مزاعم مكافحة الإرهاب، وذلك في الوقت الذي كُونت حكومة توافق وطني لها كل السيادة على الأراضي الليبية بقيادة فايز السراج تحت إشراف الأمم المتحدة. و اعتبر ماجد أن الخطوة قطعاً تمثل سابقة متكررة للحكومة الليبية، لافتاً إلى أنها طالبت بإبعاد الملحق السوداني بطرابلس، وقال سوار إن حفتر يمارس حق سيادي دون سند شرعي، وحول الانصياع للقرار عن عدمه أجاب سوار أن على الحكومة الشرعية التدخل والتواصل مع الخارجية السودانية باعتبارها المعنية، ولا شك أن الخارجية لن تكتفي بالبيان، فهناك تواصل مع قنوات أخرى. وكشف عن وجود ثلاث بعثات بليبا الرئيسية بطرابلس وقنصلية بكل من بنغازي والكفرة، واقتضت الضرورة وجودهما، وشدد على ضرورة تواجد سفير من أجل التواصل اليومي، وحتى لا يضعف عمل القنصليات، بالإضافة لفتح قنوات سياسية مع جهات الاختصاص، والحديث عن ممارسة مهام خارج النطاق عار من الصحة، فوجود القنصلية بالكفرة مهم جداً للكثافة السكانية بالمنطقة، سيما وأن المنطقة معروفة بالهجرات غير الشرعية وتهريب البشر، وفقدانهم يشكل خطر على الموطنين المتواجدين بها، بجانب مصالح السودان الأمنية، فحفتر يصر على دعم الحكومة السودانية للتمرد، الأمر الذي اعتبره سوار ذر للرماد في العيون، على الرغم من دعمه لبعض الحركات المدعوم بالأدلة والأسانيد. وفيما يُشاع عن دعم السودان للتمرد بليبا أضاف حاج ماجد: نحن لا ننكر دعم الثوار في بداية الثورة الليبية كما جميع الدول وحلف الناتو، والسودان أعلن موقفه بوضوح بعد التشظي بالمنطقة، والدافع توفير الأمن والاستقرار بطرابلس، واتهم سوار جهات بدعم حفتر ووقوفها بصورة أو باخرى، مشيراً إلى أن المهددات التي تواجه السودان تأتي عن طريق ليبيا منذ قيام الجبهة الوطنية، وضرب الإذاعة السودانية في العام 1983 ودعم القذافي للحركة الشعبية ومساندته لانفصال الجنوب مروراً بغزو أمدرمان، ودعمه لحركة العدل والمساواة، وما فعله أركو مناوي مؤخراً بشمال دارفور، وجدد السفير تأكيده على عدم شرعية القرار. قرار متوقع أما مدير الإدارة الأمريكية بوزارة الخارجية سابقاً الطريفي كرمنو فقد أرجع أسباب طرد البعثة إلى اضعاف التمثيل الدبلوماسي بليبيا وتقليص النفوذ السوداني، وقال الحديث عن ممارسات تتنافى مع الوضعية التي حددتها الاتفاقيات يقصد به التجسس، ولا أحد يستطيع نفيها أو إثباتها وتخضع لتقديرات الحكومة بالدولة المعنية، ولا يتوفر وقتها أي مجال للتفاوض أو التحقيق بهذا الشأن باعتبار أنه شأن سيادي. ورهن كرمنو عودة الأوضاع لنصابها بتحسن العلاقات بين الحكومتين، ويرى الطريفي أن وجود البعثة السودانية بالكفرة يمثل ازعاجاً لحفتر، وحجر عثرة لدعم التمرد وتهريب الأسلحة، خاصة وأن القذافي خلف ترسانة أسلحة كبيرة خلفه، وردد أن الامر متوقع، طالما أن العلاقات متوترة، وكذلك الجو العام، وعدم اتساق تواجد بعثة بالكفرة مع سياسته العامة تجاه البلاد. موقف ضعيف فيما وصف مدير مركز العلاقات الدولية د.عادل حسن وضع حفتر القانوني على مستوى الدولة الليبية بالمشكوك فيه، وأن شرعية الرئيس فايز السراج منقوصة باعتبار أنها لم تستمد من الشعب الليبي. وقال إن هناك قوة إقليمية ودولية تقف إلى جانبه، وفي إطار تلك الموازنات قد تحقق بعض أهدافها التي لا تخلو من المصالح، ويشير عادل إلى أن القضية تجاوزت الحكومة الليبية، والمراد بالخطوة ضرب العلاقات بين البلدين الذين يتأثران معاً، وقال: أي قطيعة ستكون عواقبها وخيمة وتؤثر عليهما. وطالب حسن الدول العربية والاسلامية بالأطلاع بدورها ومحاولة ترتيب الأوضاع، لافتاً إلى أن الموقف العربي ضعيف، مما منح جهات أخرى أحقية التحكم بالواقع الليبي، ودعا لتسوية الخلافات وتجاوز الأزمات بالمنطقة العربية.
تقرير:معاوية عبد الرازق
اخر لحظة