تحقيقات وتقارير

سلام المنطقتين.. لعنة (المفاصَلة) بين رفاق السلاح

أفضت الانقسامات الحادة التي تعرضت لها الحركة الشعبية في أعقاب قرار مجلس تحرير جبال النوبة في يونيو الماضي، بتنصيب عبد العزيز الحلو رئيساً مؤقتاً للحركة واقالة رئيس الحركة مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان ومنعهما من دخول ما يطلق عليه (المناطق المحررة)، أفضت تلك الانقسامات إلى واقع جديد خاصة بعد المساندة العسكرية لقيادات الحركة في منطقة (طبانا) بولاية جنوب كردفان، في مقدمتهم رئيس هيئة الأركان اللواء (جقود مكوار)، واعلانه دعمه الكامل لقرارات مجلس تحرير إقليم جبال النوبة. نجح الحلو في كسب قطاع جبال النوبة والنيل الأزرق والقيادات العسكرية، ما جعل استقالته بمثابة إعلان نفسه رئيساً للحركة بعد أن كلفه المجلس بالرئاسة. يحدث هذا، في الوقت الذي أعلن رئيس الحركة المقال عقار عزمه تأسيس حركة جديدة وتراجعه عن الخطوة لاحقاً وانتهاجه للإصلاح داخل الحركة..هذا الوضع أفضى بحسب مراقبين، إلى عرقلة جهود السلام بالمنطقتين، وطرح عدة استفاهمات على طاولة مصير المنطقتين في ظل عدم تمكن الحركة تسمية مفاوضيها رغم جهود الوساطة المعلنة من قبل تحالف نداء السودان وتشكيله للجنة ثلاثية للتوسط بين طرفي الخلاف. أشار الأمين العام للحركة الشعبية على أصحاب القضية الحقيقيين عبد الرحيم آدم الرضي بأن مصير المنطقتين مرهون بحسم قضية الصراع الداخلي بين قادة الحركة، لافتاً إلى أن الثقل الشعبي والجماهيري الذي يتمتع به الحلو وتأثيره على القواعد في جنوب كردفان، يوازي ذات الثقل الذي يتمتع به عقار بالنيل الأزرق، مبيناً أن عدم وصول طرفي القضية إلى تفاهمات بشأن حل الأزمة بينهما، لن يفضي إلى سلام قريب بالمنطقتين. وأشار الرضي بأصابع الاتهام إلى جهات لم يسمها، بالضلوع في تأجيج الأزمة داخل الحركة لشغلها عن قضاياها الرئيسية وإبعادها عن المشهد السياسي. وأكد لـ (آخر لحظة) على مقدرة حلفاء الحركة من قبل الحركات المنشطرة من الحركة الشعبية الأم، على التوسط لانهاء الأزمة للقبول الذي يتمتعون به من قبل رفقاء الأمس بحسب قوله. أهل المصلحة عضو المكتب السياسي بالمؤتمر الوطني د.ربيع عبد العاطي أكد أن أهل المصلحة الحقيقية بالمنطقتين هم الذين سيمضون إلى صناعة السلام دون الوقوف عند محطتي الحلو وعرمان. وقال عبد العاطي أن المعاناة والمسغبة التي تعرض إليها أهل المصلحة الحقيقية بالمنطقتين لجهة تعنت الحركة في تسوية ملف السلام بالمنطقتين سيجعلهم يخلعون عباءتها إلى السلام بعد تسميتهم لمفاوضين جدد، جازماً بأن الاخفاقات التي منيت بها الحركة في الفترة الماضية خاصة في موازين القوى ستفضي بالصراع بين الحلو وعقار إلى صراع شخصي بعيداً عن شعارات القومية التي كان كلاهما يلوّح بها. العقوبات وبالمقابل أوضح الخبير الإستراتيجي اللواء (معاش) محمد عباس إلى أن عدم الوصول إلى تسوية داخل الحركة يرجع إلى أن طبيعة الصراع أثني بين قادتها، معتبراً أن هذا الصراع الأثني يصعب من مهمة الوصول إلى سلام بالمنطقتين، لافتاً إلى أن التنازلات السياسية التي تلوح بها الحركة تجعل من غير الممكن أن تمضي الحكومة إلى تسوية الملف بالصورة المطلوبة خاصة وأن الحكومة تتمسك بالحلول السهلة في الوقت الذي تلعب خلاله الحركة بكرت رفع العقوبات الأمريكية على البلاد، معتبراً أن هذا الكرت سيفضي بالحلو وعقار إلى أن يخمدان نيران صراعهما والتفرغ لمصارعة الحكومة واستغلال المهلة الأمريكية المتعلقة برفع العقوبات للحصول على التنازلات والمكاسب السياسية التي يسعان إليها. معضلة حقيقية واستبعد المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د.راشد التيجاني الربط بين تسوية قضية المنطقتين مع رفع العقوبات الأمريكية، مقللاً في ذات الوقت من تأثير النزاع بالمنطقتين على الاشتراطات الأمريكية الخمسة. وقال التيجاني أن الحركة في هذه المرحلة تحتاج إلى التماسك الداخلي أكثر من التلويح بقضايا الآخرين، لافتاً إلى أن عقار وعرمان في ظل الراهن السياسي ليست لديهما أي تأثيرات على محيط الحركة، مبيناً أن الحلو هو الأقرب إلى حسم الصراع لصالحه من خلال السند العسكري الذي يتكئ عليه. وأكد راشد أن تأخير الحركة في حسم قضية من يمثلها في المفاوضات المقبلة، هي المعضلة الحقيقية التي تجابهها الحركة الآن، وعن السيناريوهات المتوقعة على مستقبل سلام المنطقتين قال من المتوقع أن يستمر الحال كما هو عليه في حال فشل الحركة في الوصول إلى صيغة مرضية بين أطرافها المتنازعة، مستبعداً تسمية جولة المفاوضات المقبلة على الأقل في الوقت الحالي.

ايمن المدو
اخر لحظة