الطيب مصطفى

ماذا بعد القرار الأمريكي الظالم؟

وفعلها الرئيس الأمريكي ترمب الذي لم نحسن به الظن مذ عرفناه ورب الكعبة ومن تراه يحسن ظناً بأسوأ رئيس أمريكي وطئت قدماه البيت الأبيض منذ أن حصلت أمريكا على استقلالها؟

جاء البيض الذين صنعوا أمريكا بترمب انفعالا بشعاره المدوي الذي وعدهم به ..أن يعيد إليها عظمتها بذات الأسلوب القديم الذي أقاموا به دولتهم فتسربل بذات الزي الذي تلفح به ذلك الكاوبوي الأخرق الذي لا يجيد أكثر من اصطياد الهنود الحمر ، أهل الأرض الأصليين ، ليقيم على جماجمهم حلمه الكبير ولذلك جاء ترمب ليستخدم ذات أسلوب أجداده البيض الذين استعمروا أمريكا عقب اكتشافها في عام 1492 ولا أحتاج إلى ضرب الأمثال، فتصريحاته الاستعمارية الصادمة قبل اختياره رئيساً لأمريكا وما حدث إبان زيارته الأخيرة للسعودية تكفي لكشف مخططه الشرير .

سعادتي بقرار الرئيس البشير وقف التفاوض مع الإدارة الأمريكية لا تقل عن غضبي من عدم رفع العقوبات فقد انتصر البشير لكرامة شعب أبي عزيز لطالما صبر على غطرسة أمريكا وظلمها فقد سئمنا من ترديد ما ظللنا نقوله أن بلادنا تعطي بلا مقابل وبالمجان وظلت أمريكا تخادعنا وكأننا أطفال .. تعد وتخلف ثم تعد وتخلف ثم تعد وتخلف وفي كل مرة نعطي كل ما في أيدينا في انتظار وعدها الكذوب فتلطمنا وتضحك على غبائنا الذي يجعلنا نصر على تصديق دولة ما قامت من أول يوم إلا على الظلم بالرغم من ادعائها أنها راعية حقوق الإنسان الذي لم يتعرض للقهر على مدار التاريخ بمثلما تعرض جراء بطشها وتشريعاتها التي فرضتها على الدنيا ومنتجات حضارتها المادية المتوحشة.

ظللنا نذكر حتى مللنا بمقولة وزير خارجية أمريكا الأشهر كيسنجر حين قال للرئيس المصري أنور السادات (إن أمريكا لا تدفع ثمن ما يهدى إليها) ولكن حكومتنا لم تصدق تلك المقولة الواضحة ثم ما صدقت الفعل المتكرر من الإدارات الأمريكية المتتابعة.

أخيراً فعلها البشير واستجاب لنداء العقل وأوقف التعاطي مع أمريكا ..تعاط من طرف واحد كان يأمر وكان الطرف الآخر يستجيب صاغراً ..تعاط بلغ في سنوات ماضيات درجة أن يعزل رئيسنا ، المطلوب جنائياً ودولياً، في قصره ويجلس مسؤولوه يضاحكون الأمريكان والأوربيين في خرطوم اللاءات الثلاثة في حبور وانشراح طلباً لرضا أمريكا وأوروبا فهل بربكم من خزي أكبر وانكسار أبشع من ذلك؟!

الآن يجمد الرئيس التفاوض مع أمريكا حتى اكتوبر وأكاد أعلم يقيناً أن ذلك القرار تصحبه إجراءات أخرى موجعة لأمريكا فلا تحقروا وطنكم أيها الناس ولا تضحكوا أيها الشامتون فقد أمسك السودان بأوراقه ولا عطاء بعد اليوم بلا مقابل.

خبروني عن بلاد تتعاون مخابراتها مع مع السي آي ايه اللاهثة الباحثة عن المعلومة بأي ثمن بدون أدنى مقابل!

ظللت أقول إن المشوهين ممن أشركوا أمريكا بالله ظنوا أنه ما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهي رابعتهم ولا خمسة إلا وهي سادستهم فوالذي فطر السماوات والأرض أن أمريكا رغم جبروتها وطغيانها كائن ضعيف وهزيل يرتكب من الأخطاء ما يدهش حتى الأغبياء !

أمريكا رغم مليارات الدولارات التي تصرفها على استخباراتها ما كانت تعلم وهي تستعجل فصل الجنوب ما كنا نعلمه نحن المساكين أن الجنوب يعيش في برميل بارود لا يمنعه من أن ينفجر إلا الانفصال عن الشمال.

الآن تعض الإدارة الأمريكية أصابع الندم على جهلها المريع!

أخطاء أمريكا جراء غباء استخباراتها لا تستوعبه أضابير الدنيا منذ أن هنأت شاه إيران على (جزيرته الهادئة في بحر متلاطم الأمواج) وذلك قبل أقل من عام من الثورة التي اقتلعته وجاءت بالخميني!

أمثلة لا تعد ولا تحصى على الجهل الأمريكي المريع بالرغم مما يزودها به المشوهون من اتباعها في أوطاننا وأمتنا ممن يجالسون سفراءها ودبلوماسييها وينعمون عليهم بالمعلومات الملغومة بالمرارات الشخصية والأحلام الوردية في مقابل تذاكر السفر (لأرض الأحلام) على طيات السحاب نحو الفنادق المترفة في واشنطون دي سي!

نحتاج إلى أن نكف أيدينا ونوقف التعامل مع أبشع استخبارات عرفها التاريخ البشري فوالله أن ذلك في رأيي مما يستمطر علينا رحمات السماء بل أكثر ..نحتاج إلى أن نوقف أي تعاون في مكافحة الإرهاب فذلك أكثر ما يزعج أمريكا وأوروبا كما نحتاج إلى أن نوقف أي تعاون في مكافحة تهريب وتجارة البشر .

أما دولة الجنوب فإن ما يحدث فيها من حرب أهلية ومجاعة طاحنة مما يقلق أمريكا التي تعلم الجرم الذي ارتكبته في حق شعب تلك الدولة الغلبان المشرد فقد تعبنا مما ظللنا نغدقه على الجنوب خصما من مواردنا الهزيلة وخزانتنا الخاوية التي تغلق أمريكا عليها المنافذ رغم علمها أنها بذلك الفعل الأخرق تضيق على الشعب السوداني الصابر المحتسب لا على الحكومة التي تعاديها، كما تعبنا مما نعانيه من صحة الشعب السوداني الذي تأذى بالهجرة من بلاد موبوءة بالأمراض.

إننا نتعاطف مع شعب الجنوب الذي يعاني كما نتعاطف مع كل من يحتاج إلى مد يد العون ولكن السياسة تحتاج إلى تجاوز العواطف فقد آن الأوان لأن نضغط على حكومة الجنوب حتى توقف تآمرها على بلادنا وشعبنا، أما استرضاء أمريكا بالكف عن التعامل بالمثل مع دولة الجنوب فقد آن له أن يتوقف فأمريكا لا تحترم إلا من يتعامل معها بالمثل.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة