سياسية

الحركات المسلحة بدارفور..الارتزاق في سوق البارود

– انتقادات دولية واسعة حطمت حائط الصمت المُطبق على جرائمها ،اشتعلت الأسابيع الماضية، حيث انتقدت تقاريرعديدة لمنظمات دولية ، الوجود المسلح للحركات السودانية في ليبيا ،
وأشارت الى أن مئات المقاتلين من فصائلها يغذون حالة عدم الاستقرار في ليبيا، ويقاتلون من أجل المجموعات المتنافسة، ويسعون إلى بناء حركات تمرد والانخراط في عمليات قطع الطرق والاتجار بالأسلحة، وفقاً لما ذكره باحثون مقرهم جنيف، بينما أشار أحدث تقرير لفريق خبراء اللجنة المعنية بالسودان، حسب تقرير لمجلس الأمن، فإن حركة العدل والمساواة (جيم) وحركة مني مناوي في ليبيا وجنوب السودان شاركتا في أنشطة المرتزقة وأنشطة إجرامية أخرى (النهب والاختطاف من أجل الفدية والاتجار بالبشر في ليبيا، وأشار الى أن ذلك يهدد الأمن الإقليمي والدولي ويعرض استقرار المنطقة للخطر .بسبب انخراطها في العديد من الجرائم.
إسناد مستمر
ارتبط وجود الحركات المسلحة في ليبيا منذ قبيل الإطاحة بالقذافي عندما دعمت حركات دارفور المتمردة، بمشاركة مقاتلين أجانب من دول أخرى، القذافي ضد قوات تحالف الثورة الليبية إلا أنها فشلت في حماية نظامه. ومنذ العام 2015م ساندت قوات اللواء حفتر في السيطرة على حقول النفط مقابل الحصول على رواتب شهرية لقواتها بجانب ضمان الحصول على الإمدادات العسكرية ، حسب تقرير فريق الخبراء المعني بالسودان الذي صدر عن مجلس الأمن خلال يناير الماضي. وفاق العدد الكلي لحركات دارفور المليون وقدر عدد عرباتها بنحو (207) عربات. ويسعى قادة الحركات الى استقطاب المزيد من المقاتلين من ولايات دارفور ومن معسكرات اللاجئين بتشاد او السودانيين الموجودين في ليبيا اذ أن عتادها وآلياتها المتوفرة تنقصها القوات المقاتلة .
ارتزاق
وحسب مراقبون، مارست الحركات المتمردة في دارفور، جنوب كردفان وجنوب النيل الارتزاق ودخلته من أوسع أبوابه وارتبطت بالعديد من الجرائم من بينها المشاركة في الحروب الأهلية في كل من ليبيا وجنوب السودان بالإضافة الى ارتباطها بعمليات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود بالإضافة الى جرائم داخلية ارتكبتها مثل مهاجمة القرى والمدن والاعتداءات المتكررة على المواطنين وممتلكاتهم بجانب اختطاف الأجانب والعاملين في شركات التعدين والتنقيب بغرض الحصول على فدية. الى ذلك تظل النظرة الدولية تجاه تلك الحركات غافلة تماماً لإدانتها او تجريمها ما يفسح المجال واسعاً أمام العديد من التساؤلات المشروعة ، من بينها مدى الدعم الغربي لقوى لحفتر بغرض تمكينه من خصومه عبر الاستقواء بتلك القوات المأجورة بعدما تم تكرار ذات السيناريو في جنوب السودان، وغض الطرف عن تلك الجرائم بجانب تسهيل حصولها على المال اللازم لإعادة بناء صفوفها عقب ضربات موجعة تلقتها من القوات المسلحة السودانية في حملتها لتطهير جيوب التمرد بدارفور.
حركة العدل والمساواة
لا يبدو سجلها هي الأخرى،غير أسود، حال النظر الى الجرائم التي ارتكبتها في كل من ليبيا وجنوب السودان بهدف الحصول على الدعم والمال .فقد شاركت الحركة الى جانب القذافي إبان الثورة الليبية وشاركت في قتل المواطنين الليبيين من أجل إعادة القذافي الى الحكم ونهبت أمولاً من البنوك الليبية وأدخلتها في الدورة المالية للحركة في شركات متواجدة في كينيا ودولة جنوب السودان. وخلال العام 2016 أرسلت قواتها للقتال مع حفتر. وتنشط الحركة في تجارة تهريب البشر وتبييض الأموال. ويشار الى أن للحركة سجل أسود في مجال تجنيد الأطفال والزج بهم في القتال الذي تتبناه بالوكالة في ليبيا، الأمر الذي جعلها عرضة لانتقادات منظمات حقوقية ودولية.
حركة مناوي
ساندت القذافي في العام 2012 وقاتلت في سبيل تثبيت أركان نظامه ونهبت مبالغ مالية كبيرة من البنوك الليبية واستطاعت الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعربات، وسحبتها الى دارفور عقب سقوط نظام القذاقي .وشاركت الحركة مع حفتر في احتلال منطقة الهلال النفطي (البريقة .السدرة. ورأس لانوف).وقفلت الطريق البري الذي يربط بين (أجدابيا) والكفرة ومارست أعمال نهب وسلب لممتلكات المواطنين واختطاف بعضهم بغرض الحصول على فدية بالإضافة الى نهب وسلب مواقع الحقول النفطية بمناطق (السرير) و(زلة). أما حركة عبد الواحد، فقد شاركت في الحرب الدائرة في ليبيا الى جانب قوات حفتر بقيادة صالح جبل سي مقابل الحصول على الدعم المالي والعسكري.
مناطق نشاط الحركات
ظلت مناطق النفط الجاذب الرئيس لنشاط الحركات المتمردة، واستناداً الى مصالحها هنالك استطاعت التموضع في تلك المناطق تحت تسهيل وإيعاز من اللواء حفتر. وحسب المصادر المحلية الليبية- تنتشر في حوالي 12 منطقة من بينها حقل (زلة) النفطي المعروف ومنطقة (الرجمة) الواقعة في بنغازي،(سبها) ومنطقة (الليثي)، وكذلك منطقة (المرج)، (الشعلة)ن (أم الأرانب)، (أباري) ،( ربيانة) غرب مدينة الكفرة، منطقة (أبو رزيق) ،(الواو الكبير والفوار) ومنطقة (الخليج), وهي حقل نفطي يقع شرق الشعلة و السرير.. وتنشط حركة مناوي في منطقة (زلة) بعدد قوات (100) وعربات (30) وفي منطقة (ربيانة) بعدد (50) فرداً وعدد (15) عربة. وتتواجد مجموعة عبد الله جنا في منطقة (ربيانة) بنحو (100) فرد وعدد (15) عربة . وتتواجد مجموعة يوسف كرجكولا في منطقة (سبها) بعدد (25) فرداً و(7) عربات بينما تنشط حركة الوحدة في منطقة (براك الشاطئ) وتشارك بعدد (35) فرداً وعدد (3) عربات. وتنشط حركة التحرير والعدالة كاربينو في منطقة (سبها) وتشارك بعدد (50) فرداً وعدد (15) عربة .وتنشط مجموعة عبد الله بندة في منطقة (جبل كلنجا).
إستراتيجية فعالة
ووفقاً لتقرير للأمم المتحدة خلال يناير الماضي ، فإن جيش تحرير السودان الذي يقوده مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة لم يعد لهما «وجود كبير في دارفور نتيجة لإستراتيجية الحكومة الفعالة في مجال مكافحة التمرد».وأشار التقرير الى أن « غالبية قوات حركة العدل والمساواة تتواجد حالياً في جنوب السودان، في حين أن جيش تحرير السودان / حركة تحرير السودان يعمل بشكل رئيس في ليبيا. وأكد أن هذه الجماعات تعمل في أنشطة مرتزقة، وتمارس أنشطة إجرامية في تلك البلدان «. وذكر التقرير أن تلك المجموعات تعمل على إعادة بناء قواتها المقاتلة في ليبيا وجنوب السودان حتى تتوافر لها «فرص جديدة لإعادة الانخراط في دارفور بقدرات عسكرية معززة».
وقال التقرير الصادر عن مجموعة مسح الأسلحة الصغيرة إن عدم التوصل الى اتفاقات سلام وإعادة دمج المتمردين في كل من تشاد والسودان، أدى الى «وجود سوق للمقاتلين عبر الحدود» يربط بين البلدين وليبيا. وأضاف أن المناطق الصحراوية التي يتنازع عليها المسلحون ومهربو الأسلحة وتجار الأسلحة هناك تشكل خطر متزايد اً من زعزعة الاستقرار ما لم يتم دمج تلك المجتمعات . وأشار الى أن الانتفاضة المدعومة من حلف شمال الأطلسي التي أطاحت بالدكتاتور الليبي معمر القذافي في العام نفسه عملت على استقطابهم، مما يوفر سهولة الوصول إلى الأسلحة وقال التقرير «إن هذه الفوضى تجذب المقاتلين – بما في ذلك قوات المعارضة المسلحة – من شمالي تشاد ودارفور، ولها بالفعل تداعيات في تشاد والسودان».» ولفت الى أن مثلث تشاد والسودان وليبيا أصبح مرة أخرى مركزاً لنظام إقليمي للصراعات، وأشار الى أن النتائج الملحوظة لهذه الصراعات عودة ظهور سوق إقليمية للمقاتلين عبر الحدود منذ عام 2011 .. وكانت الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة وصلت الى العاصمة الليبية في العام الماضي تهدف الى توحيد الفصائل المتحاربة لكنها فشلت الى حد كبير في ممارسة سلطتها. وقال جيروم توبيانا، المؤلف المشارك في التقرير، إن حوالي 1500 مقاتل سوداني قد يكونون حالياً في ليبيا، معظمهم من القوات الموالية للقائد في الشرق الأوسط خليفة حفتر. واستشهد التقرير بعدة أمثلة عن وجود مجموعات تشادية وسودانية متمركزة في منطقة (الجفرة) الصحراوية الوسطى، وهي نقطة اشتعال أخيرة للقتال بين قوات موالية لحفتر وأعدائها، وفي بنغازي، حيث تشن قوات حفتر حملة طويلة ضد المعارضين الآخرين. وأضاف البيان أن «الأزمة الليبية ومسألة الوجود في الصحراء لن تحل من خلال تدخل عسكري في جنوب ليبيا او بوضع جنود غربيين على طول حدود مسامية وغير موجودة تقريباً».

الانتباهه