تحولت محلات السمك في العاصمة من رواكيب في أطراف المدينة إلى حيشان في الأحياء الراقية.. في الأنهار غذاء للناس
تزخر المياه العذبة كالمالحة، مع التباين المعروف في الكم والنوع والمذاق، بالكثير من الأسماك التي تُعد مصدر غذاء رئيس للكثير من البشر، لذا تنشط عمليات الصيد والإتجار في الأسماك في كثير من المناطق الواقعة على ضفاف الأنهار.
ولأن السودان وشعوبه ليسوا استثناءً عن ذلك، وبما أنه يتمتع بأنهار كثيرة أهمها النيلان الأبيض والأزرق، فإنه من الضروري استعراض بعض من جوانب هذا النشاط الاقتصادي الحيوي والمهم، فصيد الأسماك والإتجار فيها واستعراض أنواعها أمر يحتاج إلى تقصٍّ ورصد ومتابعة.
وها هي (اليوم التالي) تحاول ملامسة هذه الأنشطة وتسليط الضوء عليها من أقرب نقطة ناشطة في المجال (جبل أولياء)، لكن قبل الولوج إلى ذلك دعونا نبدأ بعرض سريع لأنواع الأسماك التي تتوفر في النيلين خاصة الأبيض (الضحل) والغني بها.
أنواع ومواصفات
في السياق، قال السماك بشير إبراهيم لـ (اليوم التالي): تُعدُّ أسماك القرقور الأكثر وجودا وأهمية، وهي أنواع من الأسماك ذات شوكات (غضاريف) قوية وحادة هذا من جانب، ومن جانب آخر يُعدُّ لحمها من أكثر لحوم أسماك المياه العذبة طيبا ولذة. وأضاف: هناك نوع مهم جدا من الأسماك يكثر في النيل الأبيض، ويطلق عليه السكان المحليون اسم (الشلبة)، والشلبة سمكة نحيفة فضية اللون ولامعة، ذات أشواك رفيعة وكثيرة، وهي التي يصنع منها الفسيخ الذي اشتهرت به نواحي النيل الأبيض، بجانب ذلك هناك نوع شهير آخر يطلق عليه (البياض)، وهو لذيذ الطعم قليل الأشواك.
أهمية البلطي
من جهته، قال التاج حسن – صائد أسماك – لـ (اليوم التالي): يظل سمك البلطي الذي اشتهر به النيل الأزرق من أهم أنواع الأسماك على الإطلاق وأجودها وأكبرها حجما، إذ يصل وزن أحد أنواعه، ويسمى بالعجل، إلى 80 كيلوجراما، كل هذا إلى جانب أنواع أخرى مثل التمبرا، البردة، خشم البنات، الكأس، والقرموط وخلافها.
نشاط تجاري
هذا الوجود الكثيف من الأسماك داخل أنهار السودان جعل من العمل في صيدها والإتجار فيها وتخصيص مطاعم وشوايات لها أنشطة تدر دخولا كبيرة للكثيرين، وربما هذا ما يفسر انتشار عدد كبير من مطاعم الأسماك في العاصمة الخرطوم مؤخرا، من بينها بعض المطاعم الفاخرة والفخمة، حتى صارت شوارع الخرطوم خاصة الكبيرة والمكتظة بالمحلات التجارية التي لا تخلو من مطاعم من هذا النوع، حيث أصبحت تمثل منافسا شرسا للمطاعم القديمة والعريقة مثل سوق الموردة وجبل أولياء التي ظلت مطاعمها تقدم وجبة السمك الطازج من البحر إلى الصاج إلى المعدة مباشرة لسنوات طويلة، ولا يزال بعضها ناشطا وقائما إلى اللحظة.
بين التقليد والحداثة
شكل المباني وأسماء المطاعم تمثل لافتات جاذبة لمحبي الأسماك، لكن غالبا ما تساهم هذه المباني الحديثة في فرار الذين تعودوا على تناول مثل هذه الوجبات في الهواء الطلق، إذ ترتبط في أذهانهم بالطبيعة، كيف لا وهي منتج النهر الرائع، هذا بالطبع إلى جانب الأسعار الخرافية التي يفرضها (منيو) المطاعم الحديثة على زبائه ما جعلها ملاذا للصفوة والطبقات ذات الدخل العالي، أما عامة الناس ليس لهم بد إلا بالتوجه إلى خزان جبل أولياء للاستمتاع برائحة السمك وضجة السوق ومنظر البحر والشكل المعماري لتلك الرواكيب المبنية من المواد المحلية.
الخرطوم – سارة المنا
صحيفة اليوم التالي