عالم جميل !!
*وجمال شعر إيليا…من جمال بيئته..
*من جداولها…وخمائلها…وروابيها…وأطيارها…وسحبها…وسحرها… وغموضها..
*ثم مساءاتها ذات القمر…والدجى…والشهب…والنجوم..
*ولذا فهو من أرق شعراء العرب المعاصرين إحساساً بالجمال…وتعبيراً عنه..
*وظل أسير بيئته الجميلة هذه رغم غربة المهجر…وبيئته..
*وبيئتنا – في أقصى الشمال – لا يزال جمالها يكمن بين طيات نسيج حاضري..
*وهو الذي يعين على تحمل وحشة الراهن المتوحش..
*وتهفو النفس- في بعض المساءات- إلى مساءات ذات أسمار تحت ضوء القمر..
*وعندما يغيب القمر تتلألأ السماء نجوماً…وشهباً…وكواكب..
*ويأتي الدجى بأطيافه…وأشباحه…وأفراحه…وأحزانه…وهواجسه..
*فكل لواعج النفس تشع عند الدجى…كما الشهب..
*وتتضخم فيه المخاوف من كائناته كذلك…ثم تكتسي جمالاً روائياً عند الصباح..
*كائنات تمر…وكائنات تمور…وكائنات تماري..
*وتبقى (بنت المريق) هي الكائن الأسطوري الأشد قبحاً…..وجمالاً..
*وبعد أن زعم أحدهم أنه نجا منها…هفت نفسه إلى الزواج..
*وتخيَّر واحدة من أجمل بنات البلدة…ووافقت..
*وظلت الموافقة لغزاً محيراً إلى وقت طويل…في طول سنوات رفضها الزواج..
*وتقاصر التفسير حول طبيعة الكائن عن إشباع فضول الأنفس..
*فقد قيل أن جمالها- رغم قبحها- يتمثل في تحريكها مكامن الجمال لدى ضحاياها..
*وضحاياها دوماً من الرجال…ولم تظهرلامرأة قط..
*فطبيعة (الإحساس) بالجمال الذي تحركه…يحرك بدوره (حسيات) ملازمة..
*وربما هذا هو ما جعل جميلة البلدة تقبل بذلكم (الناجي)..
*وجعل حسناء رائعة الطيب صالح (عرس الزين) تقبل بالزين عريساً..
*وجعل زينة بنات القرية (زينة) تقبل بما فعله بها المجنون..
*وفي كتابنا (شذرات) قصصنا كيف أنه جن عقب ملاقاته (بنت المريق)..
*وكيف أنه جُن- تحديداً- بجميلة جميلات القرية….زينة..
*وكيف أن زينة (البكر) هذه جُنت وهي تتبعه إلى طاحونة النصارى المهجورة..
*ويظل جمال الطبيعة (البكر) حاضراً في عوالم الفطرة..
*في القرى…والنجوع…والأرياف…والبلدات….. وفي دواخل إنسانها..
*وفي دواخلي أنا ميل فطري إلى عالم الفطرة..
*إلى مناطقنا- هناك – بنيلها…ونخيلها…وليلها…وشهبها…ونجومها..
*وفي شرقنا…وغربنا…وجنوبنا…….جمال مماثل..
*ومن قلب مثل هذا الجمال انطلقت إبداعات مشاهير الأدباء لتعم العالم بأسره..
*ومنها إبداعات إيليا…وتولستوي…والطيب صالح..
*فضجيج الحضارة يصم الآذان عن سماع الخرير…والهديل…والحفيف..
*ويعمي الأبصار عن رؤية الشهب…والنجوم…والسماء..
*ويرين على القلوب فلا تستشعر الشفق…والغسق…والسحر…والدجى..
*وفتاة من منطقتنا عاشت سنوات عمرها العشرين في لندن..
*وحين زارتها مع والديها تملكها ذهول (جمالي) أرادت التعبير عنه شعرا..
*فكتبت بالإنجليزية ما يُعد إسفافاً قياساً لشعر إيليا..
*بيد أنها رددت مفرداته ذاتها مثل القمر…والدجى…والشهب…والنجوم..
*وحملت معها بعضاً من هذا الجمال إلى عاصمة الضباب..
*فقد تعرفت على (جمال)، وأحبت…فيه…وبه…وعبره……الجمال..
*ولكنه عاد بعد أن لم يجد الشهب والدجى والنجوم !!!.
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة