الكوليرا.. الوضع تحت السيطرة..!
* المرض الذي يقتل لا يفرق اسمه كثيراً في مواقيت الخطر؛ سواء كان إسهال مائي أو كوليرا.. الأهم من الجدل درجة الاستعداد لإنقاذ الضحايا؛ وهذا غير ملموس في كافة المناطق التي انتشر بها الإسهال القاتل بولاية النيل الأبيض.. ومن عجائب هذه الولاية أن وزارة صحتها تحذر من استمرار الإصابة بالإسهالات خلال شهرى يونيو ويوليو في المناطق المختلفة؛ إذا لم تتوفر المياه الصالحة للشرب.. فهل الوزارة مستعدة للشهرين؟ قطعاً لا.. والدليل موجود في تصريحات مدير عام الصحة التي تظهِر خليطاً من التقاعس واللا مبالاة.. ولم تقنعنا الوزارة بشفافية حول (الداهية) التي تختلط بالمياه ما هي؟ أو.. أي نوع من الباكتريا مثلاً؟ فحتى الآن الناس يعرفون فاتكاً يهدد حياتهم.. ومعروف أن المياه الملوثة من حواضن الكوليرا.. هل لأن اسم الكوليرا أكبر من عقولهم الضيقة يعجزون عن النطق به كعجزهم عن صد الوباء؟! نقول ذلك لأننا تعودنا على العشوائية والتضليل من كافة الرسميين (في الصحة؛ الاقتصاد؛ التعليم والسياسة عامة)..!
* الوزارة الولائية المهلهلة التي تحذِّر من المرض؛ أولى أن تبث الحذر بين (حيطانها المائلة) لتكون على قدر المسؤولية بإعلان حالة الطوارئ؛ أو شيئاً شبيهاً بالطوارئ على الأقل لمجابهة الطامة؛ بدلاً عن إطلاق التصريحات الفارغة والمستفزة؛ كحديث المدير العام لوزارة الصحة بالنيل الأبيض د. بابكر المقبول..! المذكور يعتبر أن نسبة الوفيات بالإسهالات المائية لم تزد عن الحد المعقول (2%) وأن الوضع الصحي تحت السيطرة؛ ولا توجد كوليرا. هكذا حديث المدير؛ كأن الفجائع عنده تقدّر بكثرة الضحايا؛ أي عندما تبلغ الوفيات المئات وليس العشرات.. وفي خبر آخر نجده يسخر من الذين يحمِّلون الحكومة مسؤولية الوفيات التي حدثت بسبب الإسهالات المائية: (الحكومة لا تمنع الموت والذين ماتوا بالوباء اعترفنا بهم وأعلناهم). انتهى.
* بصرف النظر عن اللغة الهابطة والخواء البادي؛ سنعتبر ما قاله المذكور بأن المياه هي سبب المرض صحيحاً 100%.. فهل المياه مسؤولية جهة غير الحكومة؟! ثم كيف ينفي أنها ليست كوليرا دون إظهار نتيجة تقطع الشك؟ في أي معمل تم التأكد بأن المياه تحمل شيئاً هالكاً غير الكوليرا؟ أم هو نفي (مزاجي) لمسؤول يفتقد التأهيل بغير افتقاره لنصاعة المنطق؟!
* في النيل الأبيض وسائر البلاد نجد كوادر الحكومة الفاشلين لدرجة التحنط لديهم هواية في ترديد عبارة (الوضع تحت السيطرة) حتى ولو كانت نسبة السيطرة (صفر).. إنهم معجبون بهذه الجملة كإعجاب الطفل بلعبة جديدة.. فإذا كان الوضع فعلاً كما يدعون لما فقدنا الأرواح التي يستهين بها المسؤول..!
* الوضع سيكون تحت السيطرة في حال توفرت ببلاد سلطة تعلي من شأن الإنسان؛ ولا تعتبره مجرد رقم.. ستكون الكوليرا تحت السيطرة إذا كانت وزارة الصحة الإتحادية أو الولائية (رحيمة) تتسع بعنايتها لإحياء الأنفس؛ ومتأهبة للأوبة (مكاناً وعلاجاً وكوادر صحية).. لكن هيهات.. فالتعساء المعتمين ومرضى السلطة لا يُرجى فلاحهم..!
* اليوم تكتسح الإسهالات مناطق جديدة وعديدة في النيل الأبيض؛ بل وصل الخطر إلى أحياء العاصمة الخرطوم وسيمتد لغيرها مع تمدد كائنات الوزارات السخيفة المستهترة.. فهل جميع مناطق النيل الأبيض والخرطوم تشرب المياه المُسببة للإسهال؟! لو صحت الأقوال بقطعية حول تلوث المياه كعامل رئيسي لانتشار الكوليرا أو الإسهال المائي؛ فإن المحاسبة العسيرة لمسؤولي المياه تظل مطلباً ملحاً.. لكن كيف يتم حساب شرذمة بلا ضمائر إذا كانت حكومة السودان كلها (بدون فرز) فاسدة وتستاهل (الإعدام)..!
أعوذ بالله
أصوات شاهقة – عثمان شبونة
صحيفة الجريدة