الثلاثي المرعب !!
* يبدو أن هذا العام سيكون عاما لانتشار الأوبئة في البلاد، فالإسهالات المائية (اسم الدلع للكوليرا) ظلت تتنقل من ولاية الى ولاية وحصدت الكثير من الأرواح، وهي تحكم قبضتها الآن على الجزيرة أبا، ومعظم مناطق ولاية النيل الأبيض، وقد أورد تقرير رسمي أن عدد الوفيات تجاوز (المائة) بينما تكتظ المستشفيات بمئات المرضى، وهنالك أنباء عن ظهور المرض مرة أخرى فى الخرطوم والجزيرة، وذلك بدون أن يفتح الله على الحكومة بكلمة واحدة تفصح فيها عن الاسم الحقيقي للمرض، وتعلن الأماكن الموبوءة مناطق كوارث، حتى تتلقى العون الدولي الرسمي وغير الرسمي مما يعجل بالسيطرة على الوباء، ولكن لماذا تستعجل الحكومة السيطرة على الوباء، فهل سمعتم بوزير أو ابن وزير، أو والٍ، أو حتى حتة معتمد محلية قتلته أو أصابته الكوليرا؟!
* تشير الدلائل أيضاً الى احتمال ظهور وباء السحائي هذا العام، ولقد دعت منظمة الصحة العالمية الى اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع ظهوره أو انتشاره على نطاق واسع!!
* كما تشير الى عودة مرض الليشمانيا (خاصة الجلدية) وظهوره في ولاية الخرطوم، وحدوث انفجار وبائي كالذي حدث فى عام 1986 بسبب تشابه الظروف المناخية والبيئية بين ذلك الوقت والآن، بالإضافة الى رصد الذبابة الناقلة للمرض جنوب ولاية الخرطوم ومناطق أخرى، وهو أمر في غاية الخطورة حيث أن مجموعة أمراض الليشمانيا التي تنقلها (الذبابة الرملية) صارت أخطر مهددات صحة الإنسان في السودان بسبب انتشارها في مناطق واسعة بالبلاد بعد أن كانت محصورة في السابق في مناطق معينة في الجنوب والشرق، كما أن المشاكل البيئية والأمراض المرتبطة بها في تصاعد مستمر!!
*كلنا نذكر الوباء الكبير لمرض الليشمانيا الجلدية الذي انتشر في الخرطوم ومناطق واسعة من البلاد في عام 1986 واصاب فى الخرطوم وحدها ما لا يقل عن (خمسة عشر ألف) مواطن من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ولم يفرق بين غني وفقير، الا أنه كان أكثر انتشاراً في المناطق المحيطة بالنيل بسبب كثافة وجود الناقل، وكانت تلك هي المرة الأولى التي انتشر فيها بشكل وبائى بولاية الخرطوم، وتسبب في الكثير من الرعب والهلع لدى المواطنين، خاصة أن القروح والدمامل التي يحدثها في الجلد تأخذ وقتاً طويلاً حتى تشفى، كما أنها قد تصيب الإنسان في مناطق حساسة مثل الوجه وتحدث ندوباً تظل موجودة مدى الحياة، كما أنها في غاية الخطورة لمرضى السكري والأيدز وأصحاب المناعة الضعيفة، وقد تؤدى الى الموت إذا قادت لحدوث مضاعفات !!
* وباء الليشمانيا يحدث عادة في دورات زمنية مرتبطة بالتغيرات المناخية، وحركة السكان (النزوح والهجرة)… إلخ، ويرجح بعض الخبراء أن الخرطوم وامتدادتها شمالاً وجنوباً (الشمالية والجزيرة)، مهيأة لحدوث دورة وبائية جديدة حيث شهدت فترات جفاف في السنوات الماضية ثم كثافة في هطول الأمطار في العامين الأخيرين، بالإضافة الى ازدياد معدلات الهجرة والنزوح إليها هرباً من الظروف المعيشية السيئة في الأقاليم، الأمر الذي أوجد الظروف المثالية لانتشار المرض بشكل وبائي، ولا أحد يعرف بالضبط ماذا يمكن أن يحدث ولكن كل شئ محتمل، خاصة أن اكتشاف وجود حلات فردية أو (تحت إكلينيكية) لم يتوقف مما يعني أن الانتقال النشط ــ Active Transmission ــ لم يتوقف، الأمر الذي يستدعي أخذ الحيطة والحذر للقضاء على الناقل وكبح جماح المرض!!
* فضلاً عن ذلك فإن النوع الأكثر خطورة من المرض (الكلازار أو الليشمانيا الحشوية)، وهو مرض قاتل إن لم يجد التشخيص والعلاج في وقت مبكر، لا يزال يسجل ارتفاعاً ملحوظا في عدد الإصابات في مناطق عديدة وغير تقليدية، وهو مؤشر خطير لما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب، خاصة مع ازدياد حدة وارتفاع معدل الإصابة بمرض الايدز الذي يهيئ الفرصة لانتشار واستفحال الأمراض الأخرى!!
* يبدو أن هذا العام سيشهد كوراث صحية خطيرة، إن لم تتبع الحكومة وهيئاتها والجهات ذات الصلة، الرسمية والشعبية، الخطوات والإجراءات الاحترازية المناسبة لمنع انتشار الأمراض والأوبئة وتوفير الحماية للمواطنين!!
مناظير- زهير السراج
صحيفة الجريدة