الإسلاميون ومشكلة الجنوب!
عجبت من فقرة في مقال السفير المثقف خالد موسى يقول فيها إن بعض القوى السياسية والنخب صوّبت سهام نقدها نحو الإسلاميين متهمة إياهم بأنهم ضحوا بالجنوب في سبيل تكريس سلطتهم وتحكيم الشريعة الإسلامية وذلك حين منحوه حق تقرير المصير عبر اتفاق د.علي الحاج مع د. لام أكول في فرانكفورت وأن هذا الموقف ينهض دليلاً عملياً على :(رجعية فكر الإسلام السياسي الذي يقوم على إعلاء شأن الرابطة العقدية والتطبيقات الشرعية على الوحدة الوطنية).
لست أدري من أين استل خالد موسى وهو المثقف النحرير هذه المقولة وأعني تحديداً قوله إن إعلاء مفهوم الرابطة العقدية على الوحدة الوطنية يمثل تصرفاً أو موقفاً رجعياً ؟!
عجبي يكمن في استدعاء كلمة (الرجعية) التي اندثرت ولم نعد نسمعها حتى من أهلها الشيوعيين بعد الضربة القاصمة التي تلقوها جراء انهيار الاتحاد السوفيتي (العظيم!) الذي ارتمت دوله ، بعد أن تفكك وتمزق وتفرق أيدي سبأ ، في حضن النظام الرأسمالي الذي كان قبل انهيار الشيوعية في بلاد المنشأ هو عين وقمة الرجعية والإمبريالية الأمر الذي أصاب رفاق السودان بهزة نفسية زلزلت كيانهم ورجت نفسياتهم رجاً وجعلتهم يبغضون تلك الكلمة التي كانوا يلوكونها آناء الليل وأطراف النهار ويقذفونها في وجوه خصومهم جميعاً خاصة من الإسلاميين كما جعلتهم يتوارون خجلاً من ترديد تلك الكلمة التي أبعدوها تماماً من قاموس مفرداتهم الجديد سيما بعد أن اكتشفوا أنهم كانوا مقودين كالعميان خلف نظرية متخلفة لطالما صورها لهم جهلهم المريع في شكل جنة أسطورية تضج بالجمال والبهاء رغم دمامتها وبشاعتها ورجعيتها وتحول ذلك العداء الأعمى لأمريكا – أس البلاء وموئل الشر في أدبياتهم وخطابهم السياسي – إلى عشق مجنون حاكوا به الشاعر جميل وهو يحكي عن كيف تحولت مغاضبته لبثينة عند لقائه الأول بها إلى افتتان صار مثالاً يردده العشاق بين كل حين وآخر :
وأول ما قاد المودة بيننا
بوادي بغيض يا بثين سباب
على كل حال ليس بمستغرب هروب الشيوعيين من أسر جنتهم القديمة وارتمائهم في أحضان مبغوضتهم الكبرى (ماما أمريكا!) ولكني مندهش من استدعاء مفردة (الرجعية) البائرة مجدداً.
لكن من هم أولئك المتهمون – بكسر الهاء- يا خالد موسى حتى نعرف؟ أهم جماعات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية الذين أجمعوا على تقرير المصير عام 1995 تحت إلحاح حليفهم وقائدهم العسكري قرنق وفيهم كل قبائل اليسار بالإضافة إلى الميرغني أم حزب الأمة الذي مهر توقيعه على ذلك في شقدوم عام 1994 ؟.
دعنا من ذلك لنناقش (جدلية) القطرية والأممية وأيهما الأولى بأطلاق صفة (الرجعية) عليها؟.
من المعلوم في مفهوم المعتقدات أو النظريات الأممية بما فيها الإسلام والشيوعية وحتى القومية العربية أنها تتجاوز المحلية إلى العالمية ولا تحدها حدود القطر الجغرافي الذي ما تكرس في رأيي إلا بعد الثورة الصناعية وما تمخض عنها من هجمة استعمارية للتنافس المحموم على الموارد والثورات في دول العالم الثالث.
أما بالنسبة للإسلام تحديد فإن الأممية تقوم على وحدة الكون تحت سلطان الله الواحد الأحد ووحدة الخلائق في الأرض فالطير لا وطن جغرافي لها وكذلك الحشرات كل يسبح الله وينتقل دون جواز في الفضاء الواسع دون جوازات سفر ولا يعترف بما تقاسمه البشر بأطماعهم وصراعاتهم.
لكن هل تقدم الوحدة القطرية على الأممية أو على العقيدة؟
بالطبع لا ذلك أن التوحيد العقدي يقدم على الوحدة القطرية فقد خلق الله الخلق لعبادته وحده سبحانه وجعلها موطنا للبشر الذين فرضوا عليها ، جراء أطماعم ، توزيعها جغرافيا على أساس الغلبة القائمة على منطق القوة ولذلك عندما قدم نبي الله هارون وحدة بني أسرائيل (خشيت أن تقول فرقت ببن بني اسرئيل) عنفه حامل البوصلة المعبر عن المثال الرباني نبي الله الكليم موسى وأمسك برأس أخيه هارون يجره إليه ويهزه هزاً ثم مضى إلى السامري غير مكترث لوحدة بني إسرائيل خلف قوميتهم الإثنية أو القطرية.
ثم دعنا نخرج من هذا الجدل الفكري أو العقدي إلى حقائق التاريخ لنقول إننا لن نكل أو نمل في دحض فرية أن الحركة الشعبية الجنوبية ما كانت تروم غير تخلي الشمال عن الشريعة ثمناً للوحدة فذلك مجرد هتر فارغ مبني على أوهام تستبعد الحقيقة الموثقة في الخطاب السياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان المعبر عنه في أدبياتها بما في ذلك دستورها القائم على نظرية مشروع السودان الجديد الذي يهدف إلى(تحرير السودان) الوارد في اسم الحركة.
لم يكن إلغاء الشريعة يشكل هاجساً لقرنق بدليل أنه بدأ تمرده في مايو 1983 أي قبل سن قوانين الشريعة الإسلامية في سبتمبر من ذلك العام.
كان هدف قرنق أن يحكم الجنوب الشمال ولذلك نصت نيفاشا على الانتخابات قبل قيام تقرير المصير بحيث إذا تحقق لقرنق الفوز فإنه سيبقى على الوحدة وإلا فالانفصال.
أتحدى من يثبت لي أن قرنق كان معنياً بالشريعة وليس بهاجسه الأكبر المتمثل في نظرته العنصرية لواقع الحال في المجتمع السوداني مما ظل يطرحه ويدندن حوله في دستوره وأوراقه السياسية إن الافارقة يشكلون غالب أهل السودان وبالتالي ينبغي أن يحكموا السودان كما حكموا جنوب أفريقيا بعد زوال نظام الفصل العنصري الذي كان يقارن ببنه وبين النظام الحاكم في السودان منذ الاستقلال.
لماذا يصر بعض المثقفين على تجاهل الحقائق التاريخية التي أثبتها جيمس روبرتسون السكرتير الإداري الاستعماري الذي رأس مؤتمر جوبا عام 1947 والذي اعترف فيما بعد في مذكراته أنه زوّر مؤتمر جوبا حتى يُفضي إلى الوحدة؟! لماذا يصرون على نفي أن الجنوب ظل طول عمره يبحث عن الانفصال ويشن الحرب تلو الحرب من أجل ذلك الهدف ؟ لماذا يتجاهلون أنه حتى مؤتمر المائدة المستديرة 1965 الذي ظلوا يستشهدون به كدليل على رغبة الجنوب في الوحدة عبر الفيدرالية لم يكن كذلك سيما وأن حزب سانو انقسم حولها حين انسحب الانفصالي القيادي في سانو أقري جادين من المؤتمر وخرج إلى الغابة مقاتلا في سبيل الانفصال ؟.
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة
انت من طبل ودعا الي انفصال الجنوب حرضت وجيشت الناس لمحاربة الجنوب الكافر كما تزعم متجاهلا ان الجنوب هو صمام امان للسودان في هويته وانتماؤه الأفريقي ومجال ومكان الدعوة الشرعية الصحيحة للأسلام ثم تذكر تاريخ ليس له علاقة بالموضوع بل ظللت صب الزيت في النار وتحصر القضية في يساريون كفار ومسلمين فرقت بين الشعب ولتطبل بدعوي الأسلام اللذي لايوجد له تصور وتحقيق الا في رأسك الفارغ والآن نحصد ثمار عظمتك الغبية المصريون الآن في الجنوب يجهزون لآزالتك وكل الشعب السوداني البرئ انت يجب ان تحاكم لأنك متسبب ؤئيسي في تدمير السودان يامعنوه