حكومة خم الرماد!!
* كل من قرأ الحوار الذي اجراه الزميل (عبد الرؤوف طه) بالزميلة (الصيحة) مع المرشح لوزارة العدل (أبوبكر حمد)، وصل إلى قناعة بأن ما أثير من شكوك حول شهاداته ومؤهلاته كان صحيحا، فكل الإجابات التي أدلى به جاءت غامضة ومهتزة، تعطى إحساسا للقارئ بأن صاحبها خائف أو كاذب !!
* عندما سئل عن منعه من أداء القسم كوزير للعدل رغم حضوره إلى القصر الجمهوري في الوقت المخصص لذلك، جاءت إجابته بأن ذلك لم يكن منعا، وإنما تأجيل، وعندما سئل عن سبب التأجيل، أجاب بأن التأجيل شمل وزيرا آخر معه، وعندما أعاد الصحفي السؤال عن السبب الخاص به، قال إن هنالك عددا من الدستوريين لم يؤدوا القسم منهم بعض مساعدي رئيس الجمهورية.. وهكذا ظل الوزير المرشح يراوغ حتى اعترف أخيرا تحت ضغط أسئلة الصحفي، بأن “التأجيل ـ حسب ما قيل له ـ لمزيد من التداول في الأمر”، وعندما سأله الصحفي .. “التدوال في أي أمر؟”، عاد للمراوغة بالقول “التدوال في أمر التأجيل”، وأخيرا جدا أجاب بأن “الأسافير تتحدث، ولذلك تم تأجيل أدائنا للقسم”، وعندما سئل عن ما اذا كان يملك مستندات تدحض اتهامات الأسافير له بأن شهادة الدكتوراه التي حصل عليها من أمريكا مزورة، أجاب بأن “الشاب الذي سرَّب الاتهام أرسل له اعتذاراً عن ذلك التسريب”.. تخيلوا، هذا هو المستند الذي يدحض به وزير العدل القادم اتهام التزوير (أنعِم به من وزير عدل)!!
* وهكذا سارت الأجوبة، مجرد مراوغات وكذب ولف ودوران.. خذوا مثلا إجابته عن شهادة الدكتوراه التي يحملها، فبدلا من أن يبرز الشهادة وعليها اسم الجامعة التي تخرج منها، وتاريخ التخرج..إلخ، حتى يمكن الاتصال بادارة الجامعة والقطع ما إذا كانت مزورة أم لا، إذا به يتحدث عن أن معايير الاختيار لتولي منصب وزير العدل هي شهادة البكالريوس وشهادة المعادلة، وعندما سئل عن حقيقة عمله في جامعة قطر وطرده بسبب الشهادة المزورة التي يحملها، أخذ يتحدث عن أن زوجته هي التي تعمل بها، وأنه كان يعمل متعاونا يعطي محاضرات بعد الساعة الثانية ظهرا، ويأخذ المقابل المادي لهذا العمل، ثم ترك العمل من تلقاء نفسه لانه استقر في السودان وفتح مكتب محاماة يعمل به 12 محاميا، وهو مضطر لإغلاقه الآن بسبب اختياره للوزارة، وعندما ذكر له الصحفي أنه كان متفرغا للعمل في لجان الحوار الوطني لمدة عام كامل ورغم ذلك لم يغلق مكتبه، قال إنه لم يكن أن يتوقع أن يأخذ الحوار أكثر من شهر.. هذا هو أيها السادة الشخص الذي كان سيعمل وزيرا للعدل في حكومة السودان، لا يعرف كيف يجيب على أسئلة صحفي، فماذا كان سيفعل لو وجد نفسه في مواجهة محام ضليع أمام محكمة؟!
* رغم ذلك أقول إن المشكلة ليست في الوزير، وإنما في الذين ظلوا ــ كما يقولون ــ يواصلون الليل مع النهار طيلة ستة أشهر بعد ثلاثة أعوام من الحوار، لاختيار حكومة تحمل في عيونها اشواقنا وآمالنا، وتضع السودان على اعتاب عهد جديد، فيخرجون علينا بمجلس وزراء، وزير العدل فيه لا يعرف كيف يجيب على أسئلة صحفي عن شهادته المزورة، ووزير مالية وزع زيت طعام فاسد على جنوده عندما كان قائدا عسكريا، ووزير استثمار كان في يوم من الأيام مساعدا لرئيس الجمهورية وخرج مطرودا من منصبه تلاحقه اتهامات الخيانة العظمى التي وجهت له عندما كان معارضا، فأي أشواق وآمال تحملها هذه الحكومة لنا، غير آمال منسوبيها، وتحقيق مصالحهم الخاصة بخم ما تبقى من رماد بلادنا، إن بقي فيها رماد؟!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة