تحقيقات وتقارير

جنوب السودان.. حرب بـ”أقنعة” قبلية

أستمر تفجر الصراعات القبلية بين الاثنيات والمكونات بدولة جنوب السودان والتي راح ضحيتها الآلاف من مواطني هذا البلد الذي يعاني أصلا من حرب طاحنة بين الحكومة والمعارضة منذ العام 2013.

خلال الاسبوعين الماضيين وقعت أحداث مأساوية بمدينة واو بولاية بحر الغزال الكبري بدولة جنوب السودان، وتبادلت الجهات المشاركة في الاحداث الاتهامات حول المسؤولية، كما اشارت بعض اصابع الاتهامات الي تورط الحركات المتمردة السودانية في الاحداث، بل هناك ادلة ووقائع تؤكد مشاركة الحركات في الموت والدمار الذي اصاب الافراد والمجموعات من قبائل المنطقة.

وكان برنامج الأغذية العالمي أعلن مقتل ثلاثة من عماله كانوا من بين الذين لقوا حتفهم في اشتباكات واو، حيث قتل العشرات في ولاية واو (ثلاثمئة كيلومتر عن راجا) عندما أغلق جنود طرقا وتنقل مسلحون موالون للحكومة من منزل لمنزل في ملاحقة لأفراد من أقليات عرقية.

ويقول العقيد سايمون اولونج احد القادة التابعين للمعارضة المسلحة ان المواجهات القبلية ذات الطابع الاثني تفجرت بصورة واضحة الامر الذي ادي الي مقتل وسقوط العشرات من المدنيين المواطنين ونزوح العشرات الي مخيمات الامم لمتحدة والكنائس بحثا عن الامن والغذاء، كما تعرضت الأسواق وممتلكات ومنازل المواطنين للنهب والسرقة من قبل قوات الجيش الشعبي.

ويقول سايمون انه تم فرض اجراءات امنية معقدة واعلان حالة الطوارئ و حظر التجوال ليلا بمدينة واو من قبل حاكم المدينة، كما يشير الي انتشار انواع الجرائم المركبة في احياء المدينة الامر الذي ادي الي حالة من الترقب والحذر من تفجر الاوضاع الامنية مرة اخري.

وفي ذات الاثناء اشار القيادي الجنوبي استيفن لوال نقور بان هناك مجموعات مسلحة هاجمت موكب قائد عمليات بمنطقة برنجي بولاية واو اثناء تفقدة الاوضاع بالمنطقة، وان الهجوم اسفر عن مقتل اثنين وجرح اربعة اخرون كما اشار لوال الي الاوضاع الامنية والقبلية المتفجرة بسبب الأحداث الامر الذي خلف العشرات من النازحين يزيد عددهم عن اكثر من 9 الاف مواطن بكنيسة القديسة مريم. وقال إن الامم المتحدة عقدت اجتماعاً مع ادارة الكنسية لايواء النازحين وبحث السبل الكفيلة بمساعدتهم وتقديم المساعدات الانسانية لهم. كما قامت المنظمات الانسانية بتوفير المياة والغذاء بجانب الاهتمام بصحة النازحين والذين تعرضوا لاصابات جراء الاحداث الاخيرة وتوفير العلاج والرعاية الصحية.

ويخلص استيفن لوال االقيادي الجنوبي والامين العام للهيئة القومية لدعم السلام والوحدة بجنوب السودان الي ان الاحداث التي دارت بواو خطيرة ومازالت تخلق فجوات اثنية واجتماعية بين المواطنين بعد الهجوم بمنطقة بقاري وبرنجي وانعكست تداعياتها بصورة خطيرة علي المواطنين.

كما اشار استيفن الي ان القبائل التي نفذت الهجوم لم تكن تابعة لقبائل الدينكا فقط انما يمثلون اثنيات مختلفة من الموالين للنظام الحاكم بجوبا كما ان القوات الحكومية بلغت اكثر من 120 جندي تابعين للدينكا. وحذر من مغبة انتشار الفتن والصراع القبلي بدولة الجنوب بين الدينكا من جهة وبين الاثنيات الاخري محملا دول الايقاد والوساطة الافريقية مسئولية فشل مشروع السلام وانهياره من جهة لمورلي والنوير وقبائل الاستوائية الكبري.

وتشير كافة المتابعات والتقارير التي قامت بنشرها الوكالات التابعة لحقوق الانسان ووكالات الامم المتحدة عن الاوضاع الانسانية والامنية الي ان دولة الجنوب تسير نحو حافة الانهيار اذ انتشرت الصراعات القبلية والاثنية التي خلفتها الحروب والمجاعة الاخيرة اضافة الي الصراع حول السلطة بين الحكومة والمعارضة، كل هذه الاوضاع ادت الي تفاقم الاحداث التي نشبت بين الاثنيات في عدة ولايا. وتشير التقارير ايضا الي ان الجنوب ربما يتحول الي ” لا دولة” في ظل استمرار الحرب وتفشي المجاعة الطاحنة والتي ادت الي وفاة المئات ونزوح الملايين من المواطنين الي الدول المجاورة.

تقرير: نوال تاج السر
(smc)