البرلمان يمرر تعديلات لجنة بدرية .. (الشعبي) .. غموض يكتنف الوجهة
بين )الطلاقة والتراضي) استمات زعيم المؤتمر الشعبي الراحل د. حسن عبد الله الترابي، في ردهات الحوار الوطني، بالمدافعة عن الحريات، حتى أسماه مريدوه بــ (إمام الحريات). بيد أن ما خطه الترابي، ورفض مشايعوه ممارسة الجرح والتعديل عليه من قبل البرلمان، تعرض لكثير من التعديل على يد أعضاء اللجنة الطارئة للتعديلات الدستورية برئاسة بدرية سليمان.فأين سترسو مراكب الشعبي، التي مخرت قاصدة الحريات، بعد ما شق البرلمان قناة قال إن وجهتها الحريات، بوقت يقول قادة بارزون في الشعبي أنها وجهة لن يرضوها.
الحريات
لم تكن مفاصلة الرابع من رمضان من عام 1999م بين الإسلاميين التى قسمتهم إلى طودين (وطني وشعبي)، إلا لأسباب الحريات ومصادرتها او هكذا يقول الشعبيون. هذا وإن دمغ الوطنيون الترابي وجماعته بالعمل على محاولة تركيز “الشيخ” لجل السلطات في يده، المهم أن المفاصلة مضت لأكثر من خمسة عشر عاماً قبل أن يجلس البشير والترابي على منضدة الحوار الوطني بعد استجابة الأخير لدعوة الأول لخطاب الوثبة الشهير في العام 2014م بقاعة الصداقة لينطلق الحوار الوطني بمشاركة عدد من الأحزاب السياسية والحركات المسلحة وينتهي عند محطة التوقيع على مخرجات الحوار والوثيقة الوطنية في العاشر من أكتوبر 2016م.
التعديلات الدستوية
أقرت الهيئة التشريعية القومية مشروع التعديلات الدستورية ملحق “الحريات” بإضافة بنود جديدة تنص على إنشاء محاكم لمقاضاة منسوبي جهاز الأمن المخالفين لقانونه، وأن يكون الجهاز مساءلاً أمام المجلس الوطني، وأسقط نواب الهيئة التشريعية مقترح تقليص صلاحيات جهاز الأمن الاستثنائية وصوتوا على بقائه كقوة نظامية قومية مهمتها رعاية الأمن الوطني الداخلي والخارجي وفقاً لما يحدده القانون، على أن يركز الجهاز مهامه في جمع المعلومات وتقديمها للأجهزة المختصة بجانب مكافحة جرائم الإرهاب وغسل الأموال. ولم تجد التعديلات قبولاً داخل المؤتمر الشعبي المستمسك بإجازة التعديلات الخاصة بالحريات كلها دون نقصان ما قد يفجر أزمة جديدة تجعل الشعبي بمنأىً عن المشاركة في حكومة الوفاق الوطني وعلى مقربة من العودة الى مربع المعارضة من جديد.
مطبات عديدة
مرت التعديلات الدستورية الواردة في ملحق الحريات بمطبات عديدة خاصة بين المؤتمرين الشعبي والوطني إثر إصرار الشعبي على إجازة تعديلات الحريات دون المساس بها خاصة في تقليص صلاحيات جهاز الأمن ولتحديد مهامه في جمع المعلومات وتقديمها للجهات المختصة، ومن هنا نشأت الصراعات التى برزت بين رئيسة اللجنة الطارئة للتعديلات الدستورية ،بدرية سليمان، والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر، بعد أن اتهم كمال بدرية بالتحايل على التعديلات الدستورية ومخالفة ما وقع عليه رئيس الجمهورية، بينما ردت بدرية وقتها بأنها لن تستطيع أن تجيز جميع التعديلات دفعة واحدة بسبب عدم قانونية الأمر.
وعاود كمال هجومه على بدرية يوم (الاثنين)، ومما قاله إن التعديلات بشكلها الحالي لا تمثل ما تم الاتفاق عليه في ملحق الحريات الصادر عن مؤتمر الحوار العام. وزاد كمال بأنه قد أجريت تعديلات جوهرية على معظم النصوص المقدمة للبرلمان والتى حولت الحماية من دستورية إلى قانونية، ولم يفوّت الفرصة ليوجه انتقادات لرئيسة اللجنة الطارئة بدرية سليمان متهماً إياها بإضعاف الضمانات الدستورية المقدمة في ملحق الحريات. وأضاف عمر أن بدرية سليمان “استفادت من تجربتها في الأنظمة الشمولية وحولت كل الضمانات الدستورية القوية إلى ضعف” وقطع كمال بأن التعديلات بشكلها الأخير لا تمثل حزبه ولا الحوار الوطني.
المشاركة وعدمها
المثبت أن حزب المؤتمر الشعبي تمسك بإجازة التعديلات الدستورية كما جاءت دون حذف (شولة)، والثابت أن التعديلات الدستورية مرت بشكلها الحالي، ودونما وجود موازنة جديدة فإن الصراع قادم بين الشعبي والوطني لا محالة بعد إجازة التعديلات الدستورية ملحق الحريات بعد اضافات اللجنة الطارئة.
وجزم القيادي بالمؤتمر الشعبي، أبوبكر عبد الرازق، بعدم مشاركتهم في الحكومة القادمة حال عدم إجازة ملحق الحريات كما تم الاتفاق عليه، واعتبر خلال حديثه مع (الصيحة) ما تم من تعديلات على ملف الحريات بأنه أمر يشي بعدم إلتزام الحكومة بما تم الاتفاق عليه، وقال إن الحوار لا يحتمل التراجع عما تم الاتفاق عليه. ونبه أبو بكر إلى أن التعديلات تم إفراغها من محتواها ومضمونها بعد أن قدمها الرئيس للإجازة من قبل الهيئة التشريعية القومية، وربط أبوبكر مشاركة الشعبي في الحكومة بإجازة التعديلات الخاصة بالحريات أو دون ذلك عدم المشاركة في الحكومة والتراجع عن الحوار.
كاف ومقنع
يرى رئيس حزب العدالة القومي، القانوني أمين بناني، خلال حديثه لـ(الصيحة) أن ما تم في ملف الحريات كافٍ ومقنع لإدارة العملية السياسية بالبلاد وصولاً للدستور الدائم. وأشار بناني إلى أن ماجاء في الحوار الوطني هو ما تمت إجازته، وأضاف بناني بأنه لايرى سبباً لممانعة الشعبي عن المشاركة في الحكومة، واستشهد بناني بتجاوز القوى المحاورة للانتكاسة التى حدثت في منصب رئيس الوزراء التى تجاوزها الجميع بما فيهم الشعبي نفسه، ورأى بناني أن التعديلات أعطت المجلس الوطني حق مساءلة جهاز الأمن وجمع المعلومات وهذا ما طالب به الحوار. واستدل بناني بتبعية قوات الدعم السريع والدفاع الشعبي للقوات المسلحة التى وصفها بالخطوة الصحيحة لجهة جعل كل القوات تحت حاضنة القوات المسلحة مما سيساعد على تأمين البلاد. ونصح بناني المؤتمر الشعبي بعدم التعنت ورفض المشاركة في الحكومة القادمة حتى يتسنى التأسيس لعملية سياسية جديدة تقود إلى بناء دستور دائم ودولة قوية.
امكانية التدارك
يختزل القيادي في الشعبي، رئيس تيار إسناد الحوار، المشهد في صفحته على (فيسبوك) بعبارة (لقد خدعونا)، بينما تقول أصوات ثانية بإمكانية تدارك الأمر عند طرح القانون داخل البرلمان، ذات البرلمان القادر نوابه الوطنيون على تمرير كل مشروع قانون باستخدام الأغلبية المكانيكية.وفي هذه المرحلة تحديداً، سيكون الشعبي في أمر عسر، حيث أن الدفع نواحي المشاركة بعد ما تضعضعت مسوغاتها الأّول، قد يكون كافياً لشق الحزب الذي لطالما تماسك انصاره على سني زعيمه الراحل.
الخرطوم: محمد أبوزيد كروم
صحيفة الصيحة