إلى الأمام يا دكاترة السودان !!
* لم استغرب الهجمة الشرسة للسلطات على لجنة أطباء السودان، واعتقال رئيسيها السابق والحالي (حسن كرار ومحمد يسن) بتهمة كيدية وهي تهديد الأمن الصحي للبلاد، فقط لأنهما مارسا حقهما الدستوري في التجمع السلمي ورئاسة تنظيم سلمي (لجنة أطباء السودان المركزية) التي نجحت في حشد معظم الأطباء وراءها في كل المواقف المهنية والنقابية التي اتخذتها منذ تأسيسها قبل أكثر من ثمانية أعوام، ومنها الإضراب الناجح في عام 2010 ، وإضراب العام الماضي، إحتجاجاً على الأوضاع المهنية المزرية للأطباء والاعتداء المستمر عليهم من قبل افراد القوات النظامية والهروب من العقاب، بسبب الحصانة القانونية المجحفة الممنوحة لهم، ولقد أثبتت اللجنة مقدرتها التنظيمية الفائقة والثقة الكبيرة التي تتمتع بها من قاعدة الأطباء العريضة بمختلف تخصصاتهم ودرجاتهم المهنية وأعمارهم، بالإضافة إلى شجاعتها الفائقة وصمودها القوي وعدم تهيبها من السلطة وأجهزتها الشرسة، رغم كل ما تعرض له أعضاؤها الأشاوس من اعتداءات وحشية وتهديدات مباشرة وإغراءات يسيل لها اللعاب، بدون أن يغير ذلك من مواقفهم المشرفة، وإصرارهم على تحقيق أهدافهم النبيلة في العيش الكريم، وتحسين بيئة العمل التي تردت الى أدنى المستويات في السنوات العشرين الأخيرة؛ بسبب الفساد الحكومي وسياسة الخصخصة التي ضربت العمل الطبي الحكومي في مقتل، وأثرت بشكل كبير على الجماهير الكادحة التي تعتمد عليه اعتماداً كلياً في الحصول على العلاج !!
* هذا النجاح الكبير الذي حققته اللجنة والقاعدة الكبيرة التي تساندها، سواء في تنظيم الإضرابات الناجحة أو انتزاع المكاسب من بين أنياب ومخالب الحكومة، أخاف السلطات فحشرت الكثير من الأطباء في المعتقلات في سنوات مختلفة، ومارست الكثير من المضايقات على قيادة اللجنة وعضويتها، خاصة أن قطاعات مهنية أخرى حذت حذو الأطباء وأنشأت تنظيمات وتجمعات سلمية بدلاً عن التجمعات النقابية المرتهنة للحكومة، من أجل الحصول على حقوقهم وتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية!!
* كما أن نجاح اللجنة في تنظيم الاضرابات الناجحة والمثمرة، كسر حاجز الخوف وأثبت أن الإضراب الناجح ليس بالأمر الصعب، بل هو سهل جداً إذا سمت الأهداف، وتوحدت الصفوف، واجتمعت الكلمة وراء قيادة تنظيمية واعية وشجاعة، لا تهاب السلطة، مهما كانت درجة شراستها ووحشيتها، من أجل تحقيق المطالب العادلة للجماهير والمجاميع التي تنتمي إليها وتمثلها!!
* فضلاً عن ذلك، فلقد تمكنت لجنة الأطباء من تعرية التنظيمات المهنية والنقابية القائمة في البلاد، وأثبتت إنها ليست سوى تجمعات وهمية هلامية لا حول لها ولا قوة ولا دور أمام التجمعات الحقيقية التي تمثل الإرادة الحرة لأعضائها، وأنها مجرد أصنام أو تماثيل عجوة حكومية تحشدها السلطات كلما اشتاقت لسماع هتافات النفاق من بعض المنتفعين أو الخائفين على مواقعهم، وتأكلها عندما تجوع، وبإمكان أية جماعة أو لجنة مهما كانت صغيرة (أو حتى مكونة من شخص واحد) متى ما كانت على حق، وتسعى لتحقيق مطالبها وأهدافها المشروعة بوسائل سلمية مشروعة ــ حسب المواثيق والقوانين العالمية والوطنية ــ أن تفضحها وتكشف هلاميتها وزيف تمثيلها لعضويتها، وعجزها عن تحقيق أي مكاسب لمن تدعي تمثيلهم، وهو ما أثبتته لجنة الأطباء المغوارة إزاء اتحاد الأطباء المزيف والتنظيمات النقابية الأخرى، بدءاً من نقابة المنشأة وحتى أعلى الهرم النقابى الذى يسمى باتحاد عمال السودان، الذي لم نسمع يوما أنه حقق مكسبا أو منفعاً لأعضائه، أو فعل شيئا ذا فائدة للبلاد، غير تنظيم مسيرات التزلف والنفاق للحكام.!!
* لذلك لم يكن غريباً أن تُستهدف اللجنة بواسطة السلطات وتنظيماتها الهشة مثل (اتحاد الأطباء)، ويعتقل الرئيسان السابق والحالي لها، وتُوجه لهما تهمة مزيفة لرئاستهما لتنظيم دستوري مشروع هو (لجنة الأطباء المركزية) التي نجحت في إخافة الحكومة، وبثت الرعب في قلوب الحاكمين، واثبتت أن العمل الجاد المخلص، وتوحد الصفوف وراء قيادة واعية وشجاعة، يمكن أن يحقق الأهداف السامية، ولو طال الزمن وادلهم الليل، وتحصن الظلم بالقوة والجبروت!!
* لقد أثبتت لجنة الأطباء، أن أطباء السودان وجماهير الشعب السوداني لا يزالوا- كما عهدناهم- نموراً شرسةً لا تخشى السلطة، مهما كانت شريرة، في سبيل انتزاع الحقوق المشروعة، ولقد أعطتنا القدوة والأمل في إمكانية السعي الجاد لتحقيق التطلعات والأهداف المشروعة والصمود والنجاح، وهي تستحق منا كل تأييد وتقدير واحترام، وإلى الأمام يا نمور السودان!!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة
اللهم عليك بالشيوعيين العرمانيين ومن ينفخ في كيرهم.