الصادق الرزيقي

لقاء الأحزاب.. فول الصويا.. الخداع الأمريكي.. استقالة هارون.. وذات الرأسين!!

[JUSTIFY]
لقاء الأحزاب.. فول الصويا.. الخداع الأمريكي.. استقالة هارون.. وذات الرأسين!!

لقاءات.. وحصاد
لقاء الخميس بمقر المؤتمر الوطني لأحزاب الحكومة والحركات الموقعة على وثيقة الدوحة واتفاقية سلام دارفور، بالرغم من خروجه بنتائج معقولة وكانت متوقعة، إلا أنه كشف حجم الأزمة السياسية الراهنة، وهي تتلخص في فقدان الثقة بين الجميع، والتأويلات الخاطئة لأي تصرف ومبادرة.
فبعض الأحزاب كما ظهر من تعلقيات وتصريحات قياداتها خلال اللقاء أو وبعده أو عند خروجها منه قبل نهايته، كانت تعبر كلها عن عدم رضاء منطلقاته وفي أغلبها شخصية وذاتية، وخرج اللقاء في هذا الجانب من سياقه العام وتحول لانتقادات إجرائية ونقد لما سمي «خيار وفقوس» المؤتمر الوطني وانتقائيته في التعامل مع القوى السياسية وحرصه أو بالأصح جريه ولهاثه وراء أحزاب المعارضة أكثر من ظهوره كحادب وحريص على علاقته مع الأحزاب المتوافقة معه والشريكة له.
إذا لم يستطع المؤتمر الوطني إزالة المخاوف والهواجس من صدور وعقول حلفائه، فكيف يتمكن من إقناع البقية بالتعامل معه والحوار من أجل الوفاق الوطني الذي قدمه في وثيقته؟
ينبغي على الحزب الحاكم أن يضمن تأييد ومناصرة من هم معه، يعضدوه ويشدوا من عزيمته نحو الإصلاح والتغيير، قبل أن يطرق أبواب أحزاب المعارضة وجرها لمربع الحوار، وينبغي أيضاً على أحزاب حكومة الوحدة الوطنية والأحزاب الأخرى المنضوية تحت لواء هيئة أحزاب الوحدة الوطنية أن تعرف قبل الخطو موضع أقدامها، كما على بعضها أن يكون صادقاً مع نفسه ويتجه لإصلاح أوضاعه، فهناك أحزاب غير مرئية ولا وجود لها إلا اسم ولافتة وزعيم وحيد يحمل الحزب في حقيبته.. ويجب أن تكون هناك أحزاب حقيقية وذات تأثير ووجود فيزيائي ملموس.
الواردات والسلع الفاسدة.. من المسؤول؟
نتعجب كل يوم عندما تعلن جهة حكومية رسمية عن دخول أسمدة مغشوشة وأدوية منتهية الصلاحية أو سلع فاسدة أو مواد غير مطابقة للمواصفات، وسر هذا التعجب أن مثل هذه المواد والسلع لا تتسرب عبر التهريب من الخارج من خلال حدودنا الطويلة مع دول عديدة، لكنها مواد وسلع تدخل بشكل رسمي عبر الموانئ والمطارات وبإجراءات صادرة عن جهات مختصة في الدولة!!
منذ قضية التقاوي والمبيدات لم ينقطع الحديث عن الجهات المتورطة في ذلك، وكيف تم هذا التجاوز الخطير، ولماذا تُبرأ كثير من الجهات الرسمية وتخرج من القضايا المثيرة كالشعرة من العجين.
والأعجب من هذا كله ويثير تساؤلات مشروعة، أن وزارة الصحة قبل يومين قالت مدير إدارة تعزيز الصحة فيها إن جهات ضغطت عليها في موضوع فول الصويا، وقالت إن ضغوطاً مورست عليها من جهات لم تتم تسميتها للسماح بدخول شحنة فول الصويا التي كانت محتجزة بميناء بورتسودان والمشكوك في تحويرها وراثياً، وقد رفضت الوزارة دخولها.
في ذات الوقت قال وزير البيئة والتنمية العمرانية د. حسن هلال إنه لا يوجد مبرر لحظر وزارة الصحة مستخلص بروتين فول الصويا، واعترض على عملية حظره بحجة أنه محور وراثياً.. وقال: ليست هناك مواصفة سودانية معلنة حول فول الصويا.
ونبه في منتدى «التقانة الحيوية والتحور الوراثي» الذي نظمه اتحاد الغرف الصناعية أول من أمس، إلى أن هيئة المواصفات ليست لديها معامل ومختبرات وتلجأ لمختبرات خارجية.
هذه القضية الشائكة وأكثر من رأي لدى الجهات الحكومية تضيع فيها الحقيقة، ليست الحقيقة العلمية فقط، لكن الحقائق المتعلقة بالجهات التي تقف وراء التجاوزات واعتساف القوانين والتلاعب بصحة المواطن السوداني وقتله ببطء وتدمير حياته بالمواد المسمومة التي بسببها زادت الأمراض المستعصية والمميتة وسط السودانيين.
إن لم يكن هناك ردع وتعامل حاسم وعقوبات صارمة وتشديد في تطبيق القوانين وكشف الجهات التي تضغط على الإدارات الحكومية المختصة التي تكفي إشاراتها إلى سطوة المفسدين والفاسدين في مؤسسة الدولة، فعلى السودان السلام.
تضليل في تضليل
تنشر الصحف هذه الأيام أحاديث كثيرة للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الذي زار البلاد أخيراً وجهات مختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية حول السودان، خاصة السيناتور سوني لي الذي يزور السودان حالياً على رأس وفد أمريكي بدعوة من المجلس الوطني والتقى عدداً من المسؤولين، وتناولت هذه الأحاديث المتدلية كقطع السراب من أفواه أمريكية الأوضاع في السودان والعقوبات المفروضة من واشنطون عليه، وإنه لا يستحقها كما قال السيناتور سوني لي الذي زاد أن بلاده فقدت فرص الاستثمار في السودان في مجال النفط.
مثل هذه التصريحات سمعناها من مسؤولين أمريكيين كثر زاروا السودان ومبعوثين يقال أنهم سعوا لتخفيف هذه العقوبات، وهي عملية ليست مستحيلة، لكن القليل الذي نفهمه في علاقتنا مع واشنطون أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل معنا برؤية إستراتيجية واضحة لدى صانع القرار في البيت الأبيض ومؤسسات الدولة الأمريكية، هم يريدون تنازلات شاملة وكاملة للسودان، وتوجد اشتراطات محددة ووصفة جاهزة إن تعامل معها السودان ربما يتم التفكير في تخفيف هذه العقوبات ورفعها، وأهمها توجهات النظام الحالي ودوره في مكافحة ما يسمى الإرهاب، ووضع دولة الجنوب وتطبيع علاقاته مع دولة الكيان الصهيوني، ثم تأتي قضايا دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.. هذه الاشتراطات هي البوابة التي تفضي إلى رفع العقوبات أو الإبقاء عليها.
ماذا يفيد السودان قول السيناتور سوني لي بأن السودان بلد مستقر ولا يستحق العقوبات.. فقد بادلنا كلاماً بكلام.
استقالة هارون
على خلفية وجود قوات التدخل السريع وتفلتات بعض منسوبيها في ولاية شمال كردفان، تسرب خبر استقالة والي شمال كردفان أحمد هارون من منصبه بناءً على وعد سابق قطعه للمواطنين بأنه إذا لم تخرج هذه القوات في غضون «72» ساعة سيستقيل من منصبه، وزاد انتشار هذه الشائعة أن الوالي كان سيعقد لقاءً صحفياً يقدم فيه بياناً لمواطني ولايته ..
لكن اتضح أن كل ما ذكر لم يكن صحيحاً، كما أن هذه القوات بدأت بالفعل مغادرة الولاية، لكن المسألة الأهم هي كيفية التعامل مع قضية هذه القوات ووضع الضوابط اللازمة لكبح أية تفلتات صادرة عن أفرادها ووضعها داخل إطار الضبط العسكري المعروف.. أو معالجة أمرها بشكل هادئ دون أن يولد ردود أفعال في الاتجاه المعاكس، وتلك قصة طويلة مولانا هارون هو سيد العارفين بخفاياها وخباياها وظلالها.
ذات الرأسين

مدرسة زالنجي الأولية الجنوبية «أ» ذات الرأسين، أعرق مدارس وسط دارفور نشأت في الثلاثينيات من القرن الماضي، درس فيها عبر مراحل تاريخها المختلفة من أصبحوا قادة وعلماء وقيادات مهنية في الحقب المتعاقبة، وكانت مدرسة نموذجية في كل شيء مبانيها وأسوارها وأشجارها ومعلموها وطلابها وعمالها وداخليتها وموقعها وريادتها وعالمها وسحرها الخاص، نحن دفعة درسنا فيها في سبعينيات القرن الماضي، أيام كان معلموها من كل أنحاء السودان وطلابها كذلك.
اليوم يتنادى بمبادرة من الأخ إبراهيم محمد أحمد كاردي مدير ديوان الزكاة بالولاية، عدد من خريجي هذه المدرسة العريقة للاحتفاء بها وبعيدها الماسي وتقديم واجب الوفاء لها ولمعلميها في مراحلها المختلفة وأزمانها الزاهية.. فهل سيعود لذات الرأسين ألقها وبريقها القديم؟.. تلك مسؤولية خريجيها وفي مقدمتهم الدكتورالتيجاني سيسي!!
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة