تحقيقات وتقارير

الجرائم العابرة والهجرات الوافدة.. السودان في وجه التحدي

مما لا شك فيه، إن الهجرة الوافدة للسودان سواء كانت شرعية أوغير الشرعية، أوجدت الكثير من الإشكاليات الشائكة والمتشابكة المعقدة، ولها تأثيراتها الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية السالبة، فضلاً عن تأثيرها المباشر على الجرائم العابرة، التي باتت تشكل خطراً على الأمن القومي، وأبرز تلك الجرائم جرائم الاتجار بالبشر، الأمر الذي استدعى السلطات المختصة لتكريس الجهود لإيجاد الحلول الناجزة للقضيتين، ونجد أن التدفق المستمر للاجئين من دول الجوار يرسم واقعاً غير مألوف بالبلاد، وأصبحت الجرائم التي يرتكبها الأجانب تشكل خطراً على استقرار وأمن البلاد، وبالأمس اجتمع نفر من المختصين والخبراء بالمركز العالمي للدراسات الافريقية لتشريح قضية الجرائم العابرة والهجرة الوافدة، وأثرها على الأمن القومي السوداني ووضع الحلول للمعالجة.

تهديد الأمن القومي:
العميد شرطة حسن الفكي الذي تحدث ممثلاً لدائرة جوازات الأجانب بالإدارة العامة للجوازات، أقر بوجود آثار سالبة للهجرات الوافدة للبلاد، مما يهدد الأمن القومي، وكشف عن عدد من الممارسات والظواهر السالبة التي تبدر من الأجانب بالبلاد.. مشيراً الى انتشار العمالة الأجنبية خاصة العاملات الأجنبيات في المنازل وبعض المؤسسات.. لافتاً الى أن أي عامل منهم يقوم بتحويل أكثر من مائة دولار شهرياً الى ذويه في بلاده.. الأمر الذي يؤثر على العملة الوطنية والنقد الأجنبي بالبلاد.. وقال إن الخادمة الأجنبية لا تقبل براتب أقل من ألف جنيه شهرياً.. مشيراً الى أن غالبيتهن انتقلن لبيع الشاي، وهنا كانت الطامة عندما كشف حسن عن وجود بعض منهن يعملن على ترويج المخدرات خاصة حبوب الخرشة.. وقال بعضهن يقمن بخلط الحبوب المخدرة بالشاي، ولذلك نجد أن الشباب يجلسن لفترات طويلة أمامهن دون أن يتضايقن منهن.. لافتاً الى أن الخطوة ساهمت في زيادة نسبة العطالة، فضلاً عن أن الأواني التي تبيع فيها الشاي (الكبابي) ملوثة وتسبب الأمراض، بالرغم من أن السلطات تقوم بارجاع بعض الوافدين، خاصة الذين دخلوا عبر طرق غير شرعية، إلا أن العميد حسن أكد أنهم يعودون مرة أخرى، ونبه الى أن حملات ضبط الوجود الأجنبي تكلف الدولة كثيراً، وحذر ياسر من الرد على تلفونات من أرقام عالمية مجهولة.. موضحاً أنها في الغالب تكون لعصابات تسعى لاستقطاب ضحايا.

تغلغل الفساد:
ممثل للإدارة العامة للمباحث الجنائية العميد شرطة ياسر عبد الرحمن يرى أن مرتكبي الجرائم العابرة ماعادوا يلجأون الى العنف كما كان في السابق.. مشيراً الى أن الفساد أصبح واحداً من آليات عمل الجريمة العابرة وسبيلها الأوحد، وقال إنه تغلغل في أوساط الأجهزة العدلية والحكومية والمنافذ..لافتاً الى أن الدولة وضعت من السياسات العامة والصارمة للحد من تلك الجرائم.. مبيناً أن أخطر الجرائم العابرة تتمثل في الاتجار بالبشر والمخدرات، وأن الأخيرة هي الأعلى بجانب جرائم تزييف العملات، وتجارة السلاح، وإثارة النزاعات القبلية.. وقال إن الجرائم العابرة أصبحت مستحدثة وتعتمد على وسائل الاتصالات الحديثة، وتستخدم فيها أجهزة عالية التقنية.. وأقر ياسر بوجود عصابات للاتجار بأعضاء وأنسجة البشر، لكنه نفى وجود التجارة داخل السودان، وظل الاتجار بالبشر يؤرق مضاجع الدولة، إذ أن الظاهرة ظلت في تنامٍ إلا أنه بنفس القدر نجد أن المجهودات التي تبذلها الحكومة في مكافحة الظاهرة أسفرت عن وقوع كثير من المجرمين في قبضتها، وكشف العميد ياسر عن تمكن المباحث من ضبط أكبر تاجر للاتجار للبشر بالخرطوم بحوزته (32)ألف دولار، وأكثر من (700) ألف جنيه سوداني، بجانب ثلاثة متهمين آخرين.

جرائم متعددة:
الفريق(م) د. عمر قدور يرى أن الجريمة العابرة أخطر من عصابات المافيا، منوهاً الى أنها وصلت في بعض البلدان للاستيلاء على السلطة، وأن هدفها الظاهري المال، وهي محصورة في خمسة مواضع تتمثل في تجارة الخمور، وغسيل الأموال، وتجارة السلاح غير المشروعة، والرشوة، بجانب تجارة البشر والأعضاء والدعارة.. الأمر الذي وصفه قدور بالخطير، وقال إن الأمر وصل لدرجة بيع البنات، إلا أن العميد ياسر نفى وجود هذا النوع في السودان.. وقال إن الدعارة لا توجد هنا بالصورة الموجودة بالغرب، قدور قطع بأن الجرائم العابرة ستظل مصدر قلق للحكومات في السودان مالم تتم السيطرة على الحدود سيطرة تامة، بيد أنه اعتبر أن هذه الخطوة من الأحلام التي يصعب تحقيقها.

تهريب الأسلحة:
أما العميد شرطة مروان حسين ممثل إدارة مكافحة التهريب أقر بأن تهريب السلاح أصبح أمراً مزعجاً للبلاد.. وقال إن ضبطيات الأسلحة المهربة كانت كبيرة خلال الاسبوعين الماضيين، وأما تهريب البشر أشار الى أنه يتم بصورة يومية خاصة في الحدود الشرقية. وشدد المشاركون على ضرورة ضبط الحدود وتكثيف عمليات مراقبتها، الى جانب وضع التشريعات الرادعة لمكافحة الجرائم العابرة والتعاون مع المحيط الاقليمي لمكافحتها. وأشار حسن الى أن حملات ضبط الوجود الأجنبي تكلف الدولة كثيراً، وقال إن بعض الجنسيات احتجت على زيادة رسوم التسجيل وأكد أن الهجرات الوافدة للسودان من دول الجوار بدأت من قديم الزمان، خاصة من دول غرب افريقيا، وذلك لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في تلك الدول.. مشيراً الى أنه في بعض المناطق الحدودية خاصة الشرقية والشمالية، انصهر الأجانب في المجتمع السوداني وتزوجوا وحصلوا على الجنسيات السودانية.

تقرير: ثناء عابدين
صحيفة آخر لحظة