هذا ما اكتشفه إعلامي ألماني في مساجد بلاده..
ما الذي نسمعه في خطب الجمعة داخل المساجد في ألمانيا؟ هذا ما أراد معرفته الصحفي كونستانتين شرايبر واستمع إلى 13 خطبة بالعربية والتركية. وجاءت النتائج مخيبة للآمال.
الصحفي كونستانتين شرايبر، الذي يتقن اللغة العربية، استمع داخل عدة مساجد في مناطق مختلفة بألمانيا إلى 13 خطبة جمعة بالعربية والتركية. ثم ترجمها وكلف باحثين في الشؤون الإسلامية بتحليلها والكشف عن معانيها. وحاول الدخول في حوار مع الأئمة الذين ألقوا تلك الخطب. ونشر النتائج في كتاب بعنوان “الإسلام من الداخل”.
DW: السيد شرايبر ما الذي دفعك إلى تأليف كتاب حول خطب الجمعة في مساجد ألمانية؟
كونستانتين شرايبر: حضرت صدفة في السنة الماضية صلاة جمعة في أحد المساجد بألمانيا. وسبق لي بالطبع أن كنت مرارا داخل مساجد في الخارج وأيضا في ألمانيا، لكن لم يحصل ذلك أبدا خلال خطبة جمعة. وسبق ان كلفني رب العمل السابق بالتصوير داخل مسجد حيث عثرت على كتيبات غريبة تحمل محتوى مناهض للديمقراطية. وبعدها جاء لقاء مع الإمام. وبعدها قدم زائر للمسجد نفسه على أنه “إسلامي”. إذن هي كانت تجارب غريبة دفعتني إلى الاستماع داخل سلسلة من المساجد الألمانية إلى خطب جمعة.
اختيار المساجد لم يخضع لمنهجية معينة. لكن ما هي ارتساماتك بشكل عام حول هذه الخطب؟
الخطب التركية التي استمعت إليها كانت دوما سياسية، أحيانا بشكل واضح وتارة أخرى بشكل خفي الأمر الذي يدفعك إلى البحث بعض الشيء. لكن كان هناك دوما إطار سياسي. في حين أن الخطب العربية كانت دينية روحية ومحافظة. وجميعها كانت تحذر من خطر الحياة في ألمانيا.
أين تجلى هذا الطابع المحافظ؟
كنت أتوقع وجود توجه ديني معين وإطار فكري يتحدث في حدوده الأئمة. وكان بالإمكان إدراج أصوات ليبرالية في المضمون. لكنني لم أعثر على هذه الأخيرة وتعجبت علما أنني استمعت إلى هذه الخطب في عام 2016. العديد من الألمان التزموا بمساعدة لاجئين عرب. ووقعت اعتداءات إرهابية بدوافع إسلاموية أثرت على المسلمين وغير المسلمين على حد سواء. كان بالإمكان بسهولة التطرق إلى ما هو مشترك عوض التركيز على ما يفرق. وبما أن هذا لم يحصل، فذلك فاجأني.
كونستانتين شرايبر داخل استوديو التلفزة
عندما نقرأ الخطب التي نشرتها في كتابك من العجب أن نلاحظ بأن بعض الأئمة يحلق بالمستمعين إليه في مشرق أسطوري. كيف تقيم هذا الأمر؟
يساهم هذا في أن جزءا من المسلمين لا يجد له موطنا في ألمانيا. وبإمكاننا إسقاط ذلك أيضا على الخطب حول الحياة في ألمانيا أو أوروبا. لكن غالبية الأئمة تتخلى عن ذلك. وهذا ما اتضح في الكلام معهم. فتحت مسمى “الوطن” يفهمون تركيا أو مصر وليس أبدا ألمانيا. وجوابا على سؤال هل لديه اتصالات مع ألمان أجاب أحد الأئمة بأن لديه اتصالات مع مواطنيه الأجانب. إذن بالنسبة إليه الألمان في ألمانيا هم أجانب. وهذا النهج يتواصل على مستويات مختلفة. فمرة يتم رفض ألمانيا بشكل واضح، ومرة يتم شد المستمعين في عالم مختلف تماما.
وهذه الحالة تنطبق على الإمام الذي يحذر من المخاطر الثقافية بسبب عيد الميلاد. المسلمون، وهذه هي الرسالة لا يحق لهم الانفتاح على هذا الحفل(عيد الميلاد). ما هي استنتاجاتك من هذا كله؟
أشعر فعلا بالإحباط، لاسيما وأن هذه الخطبة ألقيت في الأسبوع الذي وقع فيه الاعتداء على سوق عيد الميلاد في برلين. ويتم ذكر الاعتداء كحادثة قُتل فيها أشخاص والآن تتم محاولة التحرك ضد الإسلام. فلا يتم الحديث بوضوح عن اعتداء. في المقابل يعلن الإمام بأن أكبر خطر ينطلق من عيد الميلاد. وفي هذا السياق شعرت بذلك كاستهزاء بالضحايا وأيضا استهزاء بالجدل الأمني.
حاولت بعد كل خطبة ربط الاتصال بالأئمة. كيف كانت تجربتك؟
طلب الحديث تم رفضه بوضوح، والعديد من الأئمة أجَلوا المقابلة إلى أن فات الوقت. وهذا شيء ليس غير عادي: لا أحد ملزم بإعطاء مقابلة. نحن الصحفيين نعرف هذا الشيء. أردت إعطاء الأئمة إمكانية شرح مواقفهم. وكان بمقدورهم بهذه الطريقة شرح تلك النصوص. ربما هم كانوا يعنون أشياء مختلفة عما فهمته.
نسمع ونقرأ ـ حتى في دراسات علمية ـ أن المسلمين الشباب يذهبون بأعداد قليلة إلى المسجد. ما هو انطباعك؟
أنا لم أنجز دراسة، بل كتبت تحقيقا صحفيا. ولا يمكن لي تأكيد هذه النتيجة من خلال تجربتي. وغالبية المستمعين كانوا شبابا صغار.
هل لديك تصور كيف يمكن تحسين الاندماج؟
أنا لست سياسيا، ولذلك لا أطالب بشيء. يمكن لي كصحفي الذهاب إلى أماكن لا يتردد عليها آخرون. وإذا كان الإسلام جزء من ألمانيا فيجب أن ينطبق عليه ما هو قائم بالنسبة إلى جميع المجالات الاجتماعية الأخرى: يجب أن يكون منفتحا على النقاش. وليس هذا هو الحال ما دمنا لا نفهم الموضوعات التي يتم مناقشتها هناك. ولذلك يجب أن نتساءل ما الذي يجب فعله لتكتسب الغرف شفافية أكبر ويشعر المؤمنون بأنهم في أرض الوطن.
DW