تحقيقات وتقارير

محمد عطا في واشنطن.. دبلوماسية أصحاب النظارات السوداء

في مطلع الألفية الثالثة حطت طائرة مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني السابق الفريق صلاح قوش في واشنطن؛ حيث انخرط في لقاءات سرية مع نظرائه الأمريكيين، لم تكشف تفاصيل تلك اللقاءات، التي أتت تسريباتها بعد وقتٍ طويل من الزيارة، إلا أن الجميع أدركوا أنها أرست دعائم جسر بين الخرطوم وواشنطن، جرت بعده بمرور السنوات الكثير من المياه، حتى بات السودان قريباً من التطبيع الكامل مع أمريكا بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في يناير الماضي والقاضي بتخفيف العقوبات جزئياً عن السودان، مع وضع اشتراطات لرفعها بالكامل في يوليو القادم، وقبل أن ينقضي الأجل كانت زيارة مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول محمد عطا لواشنطن تنقل بالأمس لأجهزة الإعلام منذ انطلاقتها، ليبدو للجميع أن دبلوماسية أجهزة المخابرات (أصحاب النظارات السوداء) باتت أكبر من أن تُحتجز في ملفات خاصة، تعلوها عبارة (سري للغاية).

عطا في واشنطن
ما من شك أن خبر زيارة مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول أمن مهندس محمد عطا إلى العاصمة الأمريكية واشنطن بدعوة رسمية من مدير وكالة المخابرات المركزية (CIA) مايكل بومبيو، سيكون حاضراً اليوم في معظم صحف الخرطوم، بكل تفاصيل الزيارة؛ لمناقشة عدد من الملفات من بينها المهددات الأمنية والأوضاع السياسية والإنسانية في الإقليم، بل وبجدول أعمالها الذي تضمن لقاءات مكثفة مع مدير الـ CIA الجديد مايكل بومبيو ونائبته جينا هاسبل ومساعدَيْه الرئيسيَّين؛ إضافة لعقد لقاءات مع قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالية والأمن الوطني.
فيما تضمنت الزيارة التي تُختتم اليوم الاثنين اجتماع عطا في مبنى الكبيتول (الكونغرس) بعدد من رؤساء اللجان والنواب.
ويقول المستشار الأمني الفريق حنفي عبد الله إن أجهزة الأمن والمخابرات لم تعد كما السابق تكتفي بتأمين البلاد ومحاربة الإرهاب؛ بل باتت تؤدي أدواراً كبيرةً في السياسة الإقليمية والدولية فضلاً عن حفظها (شعرة معاوية) في العلاقات الثنائية في أحلك الظروف.
وتأتي زيارة عطا في ظل مطالبة قوى معارضة بتحجيم جهاز الأمن والمخابرات وتقليص صلاحياته، الأمر الذي رفضه جهاز الأمن مؤكداً مضيه في امتلاك كل مصادر القوة بما يتلاءم مع التهديدات الأمنية.
رفع العقوبات
يرى مراقبون أن التعاون الأمني بين السودان وأمريكا قبيل الحادي عشر من سبتمبر بقليل حفظ السودان من الوصول إلى مصير أفغانستان والعراق. ويشير مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق صلاح قوش في حديث سابق لـ(السوداني) إلى أنهم توصلوا لتفاهمات كبيرة مع نظرائهم الأمريكيين جعلتهم يقتنعون برفع العقوبات عم السودان وإزالة اسمه من الدول الراعية للإرهاب، إلا أن القرار كان ذا طابع سياسي تتحكم فيه لوبيات الكونغرس.
وقد كان جهاز الأمن جزءاً من لجنة الحوار مع واشنطن، حيث قال الفريق أول عطا خلال المؤتمر الصحفي الخاص برفع العقوبات عن السودان – منتصف يناير الماضي – إنه أجرى لقاءين مع مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) المنتهية ولايته (جون برينان) أحدهما كان في العام 2015 للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، منوهاً إلى وجود تنسيق وتعاون مع الاستخبارات الأمريكية منذ العام 2000، وقال إن السودان يُكافح الإرهاب لأغراض وطنية وأنهم في سبيل ذلك مستعدون ومتحسبون لأي نتائج.
ونفى عطا أن يكونوا قدموا أيَّ تنازلات للمخابرات الأمريكية، وقال إنهم سبق أن أوقفوا التعامل مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية بسبب طريقة تعاملها معهم، مشيراً إلى أنهم يتعاملون معهم لكن لا يجدون أي اعتراف، فضلاً عن مواقفهم المتناقضة.
ويقول حنفي عبد الله إن جهاز الأمن لاعب أساسي في مجال رفع العقوبات، بحكم أنه متصل بمعظم الملفات. ويتوقع حنفي أيضاً أن يتم رفع العقوبات عن السودان بشكل نهائي في يونيو القادم، ويقول: “أمريكا دولة مؤسسات، تقوم (CIA) بأداء دور كبير في رسم استراتيجياتها، لذلك أتوقع أن تمضي الأمور مثلما خُطِّط لها”.
دبلوماسية المخابرات
يرى خبراء أن (دبلوماسية أجهزة المخابرات) تعاظمت في الآونة الأخيرة لاعتبارات كثيرة تتَّصل بتشابك القضايا الاستراتيجية على الصعيد الدولي والإقليمي كما هو الحال في قضايا الإرهاب، والاتجار بالبشر، وحرب المياه، لا سيما في عالما باتت فيه العلاقات الدولية تُقاس بالمصالح المشتركة.
ويرى مدير الاستخبارات الأسبق؛ الخبير الأمني اللواء حسن ضحوي، أن الأجهزة الأمنية باتت الأكثر تأثيراً في مجال العلاقات الدولية. ويضيف ضحوي: “العالم بات يُدار من قِبَلِ الأجهزة الأمنية، التي تُشرِفُ على وضع الاستراتيجيات، وتنسيق المواقف والعلاقات وفقاً لما ينسجم مع مصالحها العليا”.
فيما يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بروفيسور عبده مختار، إن ثمة عوامل محلية وإقليمية ودولية أسهمت في رفع أسهم الملفات الأمنية مما عزَّزَ من دور جهاز الأمن والمخابرات في مجال العلاقات الدولية. ويلفت مختار إلى أن تأسيس الخرطوم للمؤتمر الشعبي العربي الإسلامي واستضافتها لقيادات وجماعات توصف بالإرهاب جعل الأجندة الأمنية على صدارة اهتمام واشنطن؛ لا سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وصعود جماعات إرهابية عابرة للحدود كالقاعدة؛ والشباب الصومالي؛ وبوكو حرام؛ وداعش، فضلاً عن الأوضاع الإقليمية المضطربة بعد الربيع العربي خاصة في ليبيا وسوريا ومناطق أخرى في شرق إفريقيا وغربها، وهو ما جعل السودان أشبه بجزيرة في بحر مضطرب تصلح لأن تكون مركزاً لانطلاقة استراتيجية أمريكية تدعم الإسلام المُعتدل وتحارب الإرهاب.
وهنا يُؤكِّدُ المستشار الأمني ومدير المخابرات السابق حنفي عبد الله على تعاظم دور الخرطوم، ويقول إن جهاز الأمن والمخابرات ساهم في تأسيس (السيسا) التي تمثل تجمعاً لأجهزة المخابرات الإفريقية لتبادل المعلومات والخبرات وإحكام التنسيق في القضايا الكبرى وعلى رأسها الإرهاب.
فيما يكشف اللواء حسن ضحوي أن تجربة السودان في مجال الإرهاب بما يشمل عادة تأهيل العناصر المتطرفة باتت معتمدة من قبل العديد من الدول، باعتبارها أنجع السبل للتصدي للتطرف.

تقرير: القسم السياسي
السوداني

‫5 تعليقات

  1. جميل أن تأتى هذه الزيارة فى هذا الوقت سابقة للزيارة المرتقبة لرئس النظام المصرى لإمريكا الذى إستدعاه ترامب.

    بالتأكيد سيكون من أجندة المخابرات المصرية ملف رفع العقوبات عن السودان وفى جعبتهم الكثير من أدلة الفوتوشوب وشهود الزور لعرقلة رفع كل العقوبات وإزالة إسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب..

    اللهم إن أرادو شرا بالسودان فاجعل الدائرة عليهم ورد كيده فى نحرهم

  2. CIA ليس بها جهالة يعلموون علم اليقين دور السودان في جميع المجالات ليس في مكافحة الارهاب فقط.
    لكن كانو يتعاملون مع الوضع في السودان بما يحقق ويتوافق مع مصالحهم فقط.
    الان الوضع تغير بعد دخول التنين الصيني والدب الروسي في لب السودان هنا.ارميكا هرعت وتيقنت بأن السودان قد يخرج من بين يدها والي الأبد.
    نجي لدور مجموعات الضغط داخل الكونجرس او المتشددين بمعني اصح الذين لا يريدون سودان قوي حتي يبقي بقدر الإمكان تحت الضغط المستمر
    بمساعدت بعض دول الجوار ذات الطابع المتعالي علي السودان التي تريد ان يكون السودان تحت و اقل شأنا علي الدوام.
    لكن الأحداث التي فرضة واقع جديد مثل الربيع العربي واثاره من حروب من مجموعات ارهابية عابرة للحدود جعلت أعداء الامس يمدون ايدهم للسودان لوقف زحف الارهابين وعابري الحدود من مهاجرين غير شرعيبن .
    الكوره اصبحت في ملعب السودان .وعلي السودان إستثمار الوضع الجديد لصالحة بعد ان تعلم وادرك اهميته ان لا عمل بدون مقابل .هكذا علمتنا المعادلة المصلحة هي تبقي.
    الان السودان بلعب علي مرتكزات اساسية مع كل الاطراف في تحقيق مصاله العليا.
    الان كثير من الدول تزحف في دخول السودان من عدد ابواب منها الاستثمارية في كل المجالات لصناعية منها والزاراعية ومن باب الاتفاقيات الامنية من دحر ووقف التطرف العابر
    بالرغم هناك دول لا يروق لها خطوات السودان المتسارعة في كافة المجالات تريد ان تحد منها من زرع الفتن وتحريض بعض أبناءه ودعم إيواء معارضين له.
    حما الله السودان من فتنت بعضهم ونتقدم بإذن الله بخطوات ثابته في تحقيق الرفاهية للمواطن السوداني الذي صبر كثيرا.
    والله المستعان

  3. اللهم من اراد بوطننا الحبيب شر فأجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره حان الان يا ابناء الوطن ان تتحدوا وتدعوا الفرقة والشتات وتنبذوا العداوة وتتوحدوا لرفعة هذا الوطن المليء بالخيرات العظام ويحاول الحاسدون والحاقدون ان يدمروه لكي تكون لهم الهيبة والسطوة في المنطقة ولايريدون لنا التقدم وهم من حقدهم وحسدهم نسوا بأن الارزاق بيد الله والملك بيد الله يأتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء .. اللهم اجعل وطننا السودان في قمة دول العالم واحفظه من الحاسدين والحاقدين برحمتك يا ارحم الراحمين .