أيها الشعبيون ..تعلموا من شيخكم
كم سعدت للنجاح الكبير الذي حققه المؤتمر الشعبي من خلال مؤتمره العام الأخير ذلك أنه لم يكن في الإمكان أبدع وأروع مما كان، فقد خرج بوحدة كاملة لا تشوبها شائبة وكم كنا نتوجس خيفة من أنفاس حرى خرجت قُبيل انعقاد المؤتمر، فالحمد لله الذي جعل كبار الشعبي يتّعظون من مواقف وتجارب مريرة سابقة أذهبت كثيراً من ريح الإسلاميين وجعلت بأسهم بينهم شديداً وأذاقوا خلالها بعضهم بأس بعض والأخطر من ذلك أنها أنهكت بلادهم وألحقت بمشروعهم الإسلامي خسائر فادحة شوهت من صورته وشمتت بهم الأعداء خاصة من قوى اليسار وبني علمان الذين صوبوا سهامهم نحو المشروع الإسلامي قدحاً في صلاحيته ومشروعيته بدلاً من أن يوجهوها نحو الاتباع المقصرين.
كلمات أود أن أوجهها ، وكلي أمل وتفاؤل ، للأمين العام الجديد د.علي الحاج الذي نال إجماعاً غير مسبوق منحه مشروعية ربما لا تقل كثيراً عن تلك التي أوتيها شيخه الكبير الترابي بعبقريته الفذة وشخصيته الفريدة سيما وأنه جاء في مرحلة هي الأخطر والأهم في تاريخ السودان الحديث بالنظر إلى حالة المخاض التي ينتظر أن تحدث تحولاً سياسياً هو الأكبر منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً من خلال إنفاذ مخرجات الحوار الذي ينتظر أن يكون للمؤتمر الشعبي بقيادة علي الحاج وبقية القوى السياسية دور كبير في إنفاذها خلال السنوات الثلاث القادمة أي حتى عام 2020.
بالرغم من الإجماع الذي ناله د.علي الحاج إلا أن مداولات المؤتمر العام كشفت عن تيارين رئيسيين انصاع أحدهما للأغلبية بصورة تثير الإعجاب ومضى الشعبي نحو المشاركة في الحكومة بغرض استخدام آلياتها لإنفاذ تلك المخرجات وهو منطق سديد لا يمكن هزيمته مهما كانت مبررات أصحاب الرأي الآخر .
أجدني مضطراً إلى التذكير بوقائع تاريخية محددة لعلها تكون معينة لنا في التعامل مع الواقع الماثل.
عبقرية الشيخ الترابي وتجرده وسموه وترفعه عن حظوظ النفس الأمارة وعن المرارات والسخائم التي تسيطر على الصغار هي التي قلبته رأساً على عقب من حالة العداء السافر الذي أعقب سنوات السجون والاعتقالات والتضييق إلى الاستجابة التامة لدعوة الرئيس للحوار بل وإلى الصبر الجميل على الخروقات الكثيرة التي اقترفتها الحكومة بعد انطلاق الحوار فقد والله نفد صبرنا نحن في المعارضة مما اضطرنا إلى تجميد مشاركتنا في الحوار غضباً من تلك الخروقات بما فيها قيام الانتخابات التي أجرتها الحكومة بالمخالفة لخارطة الطريق المبرمة من قبل الحكومة والمعارضة.
أعترف الآن أن الشيخ كان كبيراً وأبعد نظراً حين صبر على خرق العهود والمواثيق كالعهد به بينما كنا نحن صغاراً محدودي البصر والبصيرة لم نر بذات العين التي أوتيها الشيخ الذي شاء الله تعالى أن يعيش حتى يرى المخرجات التي صاغها بيديه وفكره قد أجيزت.
لا يستطيع كائن من كان أن يخطئنا في موقفنا عندما انسحبنا من الحوار لكننا تعلمنا بعد ذلك أنه مهما كانت حيثيات الموقف الصحيح فإنه يمكن أن يكون هناك موقف أصح منه لا يحسن تقديره إلا الموفقون المتجردون من الأهواء.
ورجعنا بعد ذلك التمنع إلى الحوار ووقعنا الوثيقة الوطنية التي لم نشارك في صياغتها كما لم نشارك في مداولات الحوار حول القضايا الوطنية الست ..رجعنا عندما اكتشفنا أن تلك المخرجات تحوي خيراً كثيراً يجدر بنا أن نسانده حتى وإن لم يحتو على كل مطلوباتنا فما لا يدرك كله لا يترك جله كما تقول الحكمة المعروفة.
رجعنا خوفا على بلادنا من أن تصير إلى ما صارت إليه دول أخرى في محيطنا الإقليمي (كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ). عندما أعقد مقارنة بين موقف الشيخ الكبير بعد انطلاق الحوار وهو (يلوك) الصبر ويتجرع مرارات خرق العهود والمواثيق مما لم نطقه أو نستطيع معه صبراً وبين عدائه القديم الشديد للإنقاذ بعد المفاصلة التي ذاق جراءها كثيراً من الابتلاءات والسجون والاعتقالات – وهو بالقطع – حسبما أظن – أطول السودانيين سجناً واعتقالاً وأكثرهم صبراً على لأوائه وعذاباته منذ الاستقلال – أدرك كيف أفاد الشيخ الترابي واتعظ من دروس المفاصلة فقد كنت والله أناصحه في تلك الأيام لكي يخفف من غلواء خصومته وتمر الأيام فتنعكس المواقف ليناصحني – والله العظيم – بالتقليل من غضبي من الحكومة فيا له من كبير فقد والله ذرفت دموعاً لا أذكر أنّي ذرفتها منذ زمن وأنا أشهد تأبينه مساء أمس الأول السبت.
لم أذكر تلك الواقعة ألا لأذكّر د.علي الحاج وشباب الممانعة وجميع رجال الشعبي ونسائه أن السلم خير من الحرب وأن الصبر على بعض المخالفات بل على خرق العهود ربما يكون في أحايين كثيرة أفضل وأعظم أجراً، فلو صبر الشيخ في أيام المفاصلة صبره على الحوار الآن لكان حال السودان والمشروع الإسلامي غير الحال فهو أبو المشروع الجدير بالتضحية أكثر من الآخرين وهو الأكبر من أطماع الآخرين.
لذلك حذار من استعجال حصد الثمار ذلك أن تحقيق المطلوبات الوطنية بالتدرج حتى ولو في دورتين خير من الاستعجال المفضي إلى الحروب والهلكة والخصومات المدمرة.
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة
ماعايز اكمل القراءة في هذا الموضوع لكن تحذيرك ل د.علي الحاج راح شمار في مرقه وكلامك كلو شمار في مرقه وانت اصلا شمار في مرقه والله لو لا ا لبشير انت ماتنفع غير دقاق دلوكه اذكرك ول اخليك علي كده.