سياسية

(المجهر) ترسم المآسي من صفوف الانتظار على بوابات الصرافات

منهم من افترش البسيطة ومنهم من توكأ على حائط “الصرافة” وآخرون طووا الشارع ذهاباً وإياباً علهم يقتلون الوقت والغضب الذي أوغل صدورهم وهم يجلسون كل يوم في انتظار أمل استعصم عنهم، وجوه شاردة تسطر ملامحها ألف كلمة وكلمة في سفر الهموم، هذا هو حال أولئك المواطنين الذين احتشدوا منذ الصباح الباكر وحتى مساء يوم أمس (الخميس)، أمام مبنى الصرافة الشهيرة التي تقع في تقاطع شارع المك نمر مع البلدية.
وجدناهم وقد تعالت أصواتهم محتجين على الزمن المهدر في انتظار تسلم إشعاراتهم الصرفية من قبل الجهة المختصة، توطئة لفرز طلباتهم وصرف المستحقات المالية بالعملة الصعبة (الدولار).
رجال ونساء من مختلف الأعمار يضعون اليد على الخد وإسفين على الساعات التي تضيع في انتظار مأمول صعب الإدراك، جلسنا إليهم وسألناهم عن حالهم وسبب احتشادهم في الشارع العام، فأكد لنا معظم المحتجين أنهم يعانون ظروفاً قاسية، وذووهم أغلبهم مرضى في حال حرجة، وأن الإجراءات البيروقراطية تزيد عليهم صاع الهم صاعين، مؤكدين أن بعضهم رغم دقة الوضع الصحي لذويهم إلا أنهم لأكثر من أسبوعين يتراكضون بين الصرافات علهم يكملون المبلغ الذي يحتاجه مريضهم عله يسافر ويطيب قبل أن يدركه الموت في دكة الانتظار!…
الوضع الصحي لوالدي تدهور ولا زلنا ننتظر
وشكا عدد من المواطنين لـ(المجهر) عن تأخر صرفياتهم توطئة لسفر ذويهم لتلقي العلاج بالخارج، وقالت المواطنة (م) أربعينية العمر ولكن ظروف الحياة وتجربتها التي مرت بها عقب مرض والدها توحي بأنها أكبر بكثير من ذلك، قالت إن والدها طريح الفراش الأبيض بالعناية المكثفة بمستشفى كبير، وأن جميع إجراءات سفره من قبل القمسيون الطبي تمت، وأنها طيلة (15) يوماً تتردد بين الصرافات وديوان الزكاة من أجل توفير مبلغ (15) ألف دولار تكلفة عملية قررت له. وقالت والأسى يملأ عينيها إن والدها بحالة حرجة وتستدعي تدخلاً جراحياً عاجلاً وأنها طولبت من قبل الديوان بتسليمهم (2) ألف دولار قبيل استلامها إيصال صرفية بمبلغ العملية، معللين ذلك بالإجراء الاحترازي. وأوضحت أنها للآن استطاعت أن توفر نصف المبلغ، مشيرة إلى أنها حضرت إلى الصرافة منذ السادسة صباحاً في انتظار استلام إخطار ببدء إجراءات السفر. وأضافت (الوضع الصحي لوالدي زاد سوءاً والأطباء أكدوا لنا أننا إن لم نتعجل سيموت والدنا الذي تدهور وضعه الصحي بسبب الانتظار وطول الإجراءات).
وقال مواطن فضل حجب اسمه إنه توجه أمس الأول إلى بنك السودان وأن البنك وجهه إلى الصرافة من أجل إكمال إجراءاته وتسلم إيصاله المالي توطئة للسفر، وأنه حتى هذه اللحظة لا يدري إلى أين يتجه حتى يكمل ما بيده من أوراق وينتقل للمرحلة الثانية من الإجراءات الصرفية.
من جانبها قالت المواطنة (ز) أنها أكملت كافة إجراءاتها وأن وثائقها تحمل الختم الأخير من اتحاد الصرافات، مبدية أسفها من أن الإجراءات التي عقبت ذلك لم تسر وفق ما هو متعارف عليه من حيث قيمة المبلغ وموعد الاستلام. وقالت إن المسئولين قالوا لها (تستلمي الفبدوك ليه بس).
(ز) التي بدت مستسلمة أبدت خوفها من أن يتم صرف مبلغ أقل بكثير من المطلوب وبعملة غير (الدولار)، والمعروف أنه لا يتم التعامل بغيره في رحلات العلاج. وتابعت قائلة: الأختام للصرفية وضعت بالجواز وليس أوراق القمسيون الطبي، والأيام تمضي ومريضهم حاله يزداد سوءاً ولكن لا مجيب.
بعدها دخلنا إلى الصرافة قاصدين مكتب المدير الذي تعذر بأنه في اجتماع، في وقت نفى فيه موظف يعمل في الصرافة فضل حجب اسمه وجود شح في السيولة، مؤكداً أن الإجراءات غير عقيمة، وأن الصرافة تقوم بتصديق جميع المبالغ المطلوبة في استمارات المقدمين، وبين أن الإجراءات التي تتم روتينية وأنها للحفاظ على حقوق أصحاب الأولوية.

الخرطوم ـ مهند بكري ـ ميعاد مبارك
المجهر