استشارات و فتاوي

مشكلة بسيطة كبرها زوجي!

السؤال
طرح موضوع في مجموعة على “الواتساب” عن تعدد الزوجات، وكنت وزوجي من المضافين في المجموعة، وكان زوجي متحمسًا جدًا للنقاش، وكنت أقرأ وأنا في حالة ضيق بسبب مشكلة معقدة مع أخي، وزوجي لا يعلم بالمشكلة، بالإضافة إلى مشاكل أولادي في المدرسة. لا أنكر أنني كنت مغتاظة من ردود زوجي على موضوع التعدد، ولكنها ليست المرة الأولى التي أسمع ردوده في هذا الموضوع، وكحال كثير من الزوجات ينتهي الموضوع بشجار عابر، وفي كثير من المرات إذا فتح هذا الموضوع أتجاهله أو أضحك، وينتهي الأمر.

بعد انتهاء زوجي من النقاش على “الواتس” كنا نضحك ونتكلم على السرير، وفجأة تذكر الموضوع، وكان يتكلم بلهجة رأيتها جادة، وكنت أحس أنه مغتاظ أيضًا من ردود النساء في المجموعة، فقلت له: أنت لماذا توجه الكلام لي؟ رغم أني ما علقت ولا بكلمة، تحسسني كأني أتحداك، قال: أنا ما وجهت الكلام لك ‏لحالك، لكن كلكن. أسلوبه كان مستفزًا، وحمي النقاش بيننا قليلاً؛ فدفعته بيدي بحركة -والله- لا إرادية ودموعي في عيني من قهري من أسلوبه في الكلام، ومن تفكيري في مشكلة أخي، ومشاكل العيال، ومن نفسي؛ بسبب رد فعلي، فغضب مني وزعل، فاعتذرت له مباشرة، واستسمحت منه؛ لأنه فعلاً ما كان قصدي، لكن زوجي -للأسف- من النوع الذي يكبر المواضيع وهي صغيرة، وأهلي وأهله يعرفون هذا الشيء، وأنا دائمًا أتغاضى عن أشياء كثيرة زعلني بها، لكني أرجع فأقول: الموضوع لا يستحق أن أكبره.
في اليوم الثاني تكلمنا بشكل عادي، وفي اليوم الذي بعده قلت له: هل ما زلت زعلانًا مني؟ فقال: مد يدك حز في نفسي، ولا أستطيع أن أتجاهلها لك. رغم أني -والله- دفعته بهدوء، ‏لكن كما ذكرت هو يزعل ويكبر الموضوع. فقال لي: سأعمل استفتاء، وسأسأل أكثر من واحد: ماذا سيعمل لو هو في مكاني؟ واليوم رد علي وقال: بقي أن يسأل النساء. ولا أدري من هؤلاء النسوة اللاتي سيسألهن!
نفسيتي متعبة؛ لأنه أصلاً حتى لو عمل استفتاء فلا أحد كان بيننا غير ربي، والرجال سيقولون له هذه قليلة أدب، ولا بد أن تتربى. لا أدري لماذا أشعر أن في رأسي شيئًا! أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
فإننا ندعوك إلى دعوة زوجك للاحتكام للمختصين في موقعكم، وعندها سوف يتعرف على الأمور على حقيقتها، بل سيدرك أن الذي حصل إنما يدل على حبك له وغيرتك عليه.
والغيرة هي أن يكره الإنسان المزاحمة فيما حقه الاختصاص، ولاشك أن أخص خصوصيات الزوجة زوجها، ونسأل الله أن يعين الزوجات على فهم نفسيات الأزواج وطرائق تفكيرهم، كما نتمنى أن يعرف الرجال نفسيات الزوجات وطرائق تفكيرهن، وأنماط شخصياتهن، بل ينبغي لكل شريك أن يدرك أن شريكه له مواصفاته الخاصة، كما أن احترام المشاعر ضروري وهام، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الذنوب.
أرجو أن يعرف الرجال أن كثرة المناقشات حول موضوع التعدد من الأشياء التي تفقد الزوجات الأمن، وإذا فقدت المرأة أمنها؛ فإنها تحول حياتها وحياة من حولها إلى جحيم.
رغم أن كثيرًا من الرجال يتحدثون فقط، بل ربما ظن بعضهم أن حديثه عن التعدد قد يجعل زوجته تهتم به وتلتفت إليه، وربما استجدى بعضهم الاهتمام بذلك.
نحن ندعوا كل امرأة إلى الاحتفاء بزوجها، والاهتمام به، واحترامه؛ لأن الرجل إذا وجد الاحترام والتقدير؛ غمر زوجته بالحب وحقق لها الأمان.
الواضح أن الموقف لا يستحق، ومع ذلك فنحن نتمنى أن تنتبه كل زوجة لتصرفاتها مع زوجها، وزوجة الرجل الحساس ينبغي أن تتعامل بالحذر، وتتحلى بالوضوح، وتحرص على تفسير الغامض، والانتباه لكلماتها وتصرفاتها، بل وتعابير وجهها.
وعليه؛ فنحن نكرر دعوتنا له للتواصل مع أهل الاختصاص، وليس مع عموم الناس. ونذكر الجميع بأن الحلول للمشكلات لا يمكن استيرادها؛ لأنها مثل الأدوية؛ فالدواء الذى يعالج شخصًا معينًا قد يكون سببًا لموت شخص آخر.
بالإضافة إلى أن الرجال لا يمكن أن يفهموا ما حصل بالضبط، ونتمنى أن لا يفشي أسراره إلى الناس.
وهذه وصيتنا للجميع بتقوى الله، وندعوك إلى تكرار الاعتذار له، والسعي في إرضائه.
ونذكر زوجك وإخواننا الرجال بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا: (استوصوا بالنساء خيرًا)، وقد كان عليه الصلاة والسلام يحتمل من زوجاته ويقدر ضعفهن، ويتفهم ما جبلت عليه النساء من الغيرة، وصبر على من كسرت الإناء في حضرت الأضياف، ولم يزد على أن يتبسم ويقول لأصحابه: “كلوا، غارت أمكم” ثم حفظ لزوجته الأخرى حقها، بأن أرسل لها إناء سليمًا مقابل الذي تكسر.

وهذا الرفق واللطف كان هديًا له صلى الله عليه وسلم. ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، والاستقرار والسداد.

د. أحمد الفرجابي
شبكة المشكاة