الوسيط القطري نائب رئيس مجلس الوزراء: لم نقبل بفتح وثيقة الدوحة وقلنا للحركات “مصداقيتنا ستكون على المحك”
بمشاعر فيَّاضة تنضح بالودّ والتقدير والاحترام لشعب السودان، تحدث نائب رئيس مجلس الوزراء أحمد بن عبد الله آل محمود وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء بدولة قطر لـ(السوداني) مجيباً بشفافية وصدق معهودين عليه عن مسار التنفيذ لاتفاقية الدوحة التي أثمرت استقراراً وطمأنينةً بأرض دارفور، في انتظار اكتمال مسيرة السلام مع بقية الحركات وخروج النازحين من المعسكرات وعودتهم إلى القرى التي تُسهم دولة قطر في إنشائها.
رغم ضيق الوقت، لم يضنّ علينا نائب رئيس الوزراء القطري بالمعلومات والحقائق عن مسيرة التنفيذ وعوائق الطريق، التقيت بالسيد آل محمود بفندق كورنثيا بمقرن النيلين عقب وصوله للخرطوم للمشاركة في اجتماعات لجنة متابعة تنفيذ وثيقة سلام دارفور.
ما هي أجندة الزيارة التي جاءت في سياق اجتماعات لجنة متابعة تنفيذ اتفاق الدوحة والوقوف على سير مشاريع إعادة الإعمار والتنمية بدارفور؟
تم الاجتماع الأول حول إعادة الإعمار والتنمية في دارفور، وتناولنا بالنقاش المشاريع التي قامت في دارفور، وخطة العمل التي تم الاتفاق عليها وما تم بشأنها وهل تم إنجازها كما اتفقنا ومعالجة المستجدات.. أما الاجتماع الثاني مع لجنة متابعة سلام دارفور عن ما تحقق على أرض الواقع من تنفيذ لما جاء في الوثيقة، سواءً في تقاسم السلطة أو الثروة، والعدالة والمصالحة، أي كل الوثيقة.
كيف تُقيِّم مسار تنفيذ اتفاقية الدوحة وتطبيق مخرجات الوثيقة على أرض الواقع؟
مسار التنفيذ جيد جداً، وأذكر حديث التيجاني السيسي عن تنفيذ 90% من المشاريع التي تم وضعها. وخلال الفترة الماضية أعتقد أن الأمور سارت في الاتجاه الصحيح، وتم تجاوز الصعوبات التي مرت بالتطبيق في فترة من الفترات، ما يجعل التنفيذ بمستوى أفضل مما كنا نتوقع. عموماً نحن راضون عن التنفيذ الذي يمضي على قدم وساق والمشاريع ما تزال ماضية سواء على مستوى المشاريع القطرية بمفردها أو تلك الثنائية بالاشتراك مع الأمم المتحدة.
ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتكم؟
الصعوبات كانت في بعض المسائل البسيطة، واعترضتنا في وقت كنا نريد فيه إقامة مشاريع تكون محل رضا من جميع أهالي دارفور، فمثلاً نسعى لإنشاء 10 قرى نموذجية، وتأخرنا فيها بسبب الاختلاف في اختيار المواقع، لدرجة أننا اتفقنا على 8 مواقع وتعطلت قريتين.. وبعد محاولات جئت إلى الفاشر واجتمعت بالنائب الأول لرئيس الجمهورية وتكلمنا مع المسئولين واستفسرنا عن التأخير، فكانت الإجابة بأنه ما يزال هناك خلاف حول القرية العاشرة.
أخيراً، قبل فترة قصيرة تم الاتفاق على العشر قرى. ووجهنا بالبدء في التنفيذ لأن كل الأمور جاهزة؛ الميزانية والمخطط، وستكون هناك قريتان في كل ولاية من ولايات دارفور وبالتساوي.
ما عدد القرى التي تشتملها الخطط ككل؟
سابقاً خمس قرى وحالياً 15 قرية، وبالإضافة إلى القرى هناك التسريح والدمج وهي نقطة مركزية وأساسية نهتم بها، بحيث نستوعب من جاءوا إلى السلام، حتى يعيشوا حياة كريمة ويبدأون في عمل اقتصادي ويدخلون في التنمية، ولدينا برنامج في هذا الموضوع، وتم الدمج في عدة مراحل 2014م و2015م، 2016م، ستة آلاف وخمسة آلاف وتسعة آلاف، وعشرة آلاف، وعلى قدر الأمور التي تتوفر علينا.
وفقاً لتوصيات المانحين كانت هناك توصية بإنشاء بنك بتمويل 2 مليار دولار.. ماذا حدث؟
هذا البنك دخلت فيه عدة جهات، لكنها تسببت في تأخيره بشكل أو بآخر، لذا نحن أخذنا قراراً في قطر على ألا نتوقف، وتم عقد اجتماع في الدوحة، وناقشنا الجهات الأخرى، والآن في زيارتي هذه ناقشناهم، واتفقنا مع ممثل صندوق قطر للتنمية على اجتماع يبدأ الانطلاق منه نحو التنفيذ وألا ننتظر أية بيروقراطية تأخرنا. ونرى أن بنك دارفور بنك مهم وسيساعد على الحركة الديناميكية في دارفور، وسننسق مع الأطراف ونقوم بعمل الإجراءات حتى لا نتأخر أكثر من ذلك.
ما هي طبيعة الصعوبات التي تؤخر قيام البنك؟ نرغب في تفاصيل إضافية؟
هناك صعوبات في بعض الجهات التي تأخذ فيها القرارات مدة طويلة وكذلك الموافقات، نحن نقول طالما تعهدنا فإننا سنأخذ على عاتقنا إنشاءه، وأن نقول لمن يتأخرون إننا سنتحمل المسئولية وننطلق. لأن هذا واجبنا فمن يأتي معنا مرحباً به، ومن يرى في نفسه شيئاً آخر له الحرية في ذلك.
الدوحة أحدثت استقراراً.. لكن تظل المعسكرات رمزاً مستمراً للأزمة وتجسيد لها؟
هذا ما نريد أن نقوم به في القرى النموذجية عبر العودة الطوعية، هذا ما نسعى إليه مع اليوناميد.. نحن ندفع وبقوة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وما نفذ من برنامجنا معهم يقدر بـ30% من المبالغ المخصصة والباقي 70%.. الأمر الذي يدفعنا لسرعة التحرك. وخلال مؤتمر الدوحة للمانحين هناك كانت استراتيجية للتنمية العاجلة والمتحركة بدارفور، كان فيها حوالي 177 مليون دولار، تحملنا منها 50% من القيمة الكلية، ووقعنا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على حوالي 858 ألف دولار، واتفقنا على البرامج، كالعودة الطوعية والإنعاش والتعليم والصحة.. الآن تبقى من البرنامج 88.500 مليون دولار على الدول المانحة، إذا سارت خطتنا سنجتمع بها.. ونحن التزمنا في مؤتمر الدوحة بـ 500 مليون دولار، بمعنى أن أمورنا تسير ولكن أنا أتحدث عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي..
حالياً خصصنا 70 مليون دولار للقرى النموذجية الـ10، فقط لدينا الرُحَّل، ونعلم أن أكبر مشكلة بدارفور هي المياه، لذا خصصنا 50 مليون دولار لحل مشاكل الرحل، وتحدثنا مع الأمم المتحدة عبر دراسة للحفاظ على المسارات التاريخية.. وآخر الخطوات قامت جمعية قطر الخيرية بإنشاء حوالي 300 محطة مياه و200 بئر بخلاف المشاريع الأخرى.
في مؤتمر الدوحة أعلنت التزامات من قبل المانحين لكن من الواضح أن مستوى الالتزام ضعيف؟
الحقيقة عندما تعود للتاريخ ومؤتمرات المانحين التي قامت في الفترات الماضية، فإن ما يعلن شيء لكن في التنفيذ فإن القليل فقط ينفذ. ولكن نقول إن مؤتمر المانحين في الدوحة 2013م أكثر مؤتمر جمع مبالغ في تاريخ المؤتمرات، وحصل على ثلاثة مليارات وزيادة.. حالياً نحن مع البريطانيين في مشروع بنيالا، ونقول لابد أن نعمل لأجل السلام والاستقرار، أي لا ننتظر تحققهما لكن علينا أن نبني لأجلهما، الآن بدأ العالم يفهم خطتنا، وحالياً السودان بدأ في حقبة مختلفة وأصبح رقماً مهماً في المنطقة، وأصبحت الدول تنتبه لأهمية السودان، وتلاحظ أن دولاً عيَّنت مبعوثين أيضاً لدارفور وللسودان، هذه بشاير بأن السودان بدأ يتعافى، وأكبر دليل على السلام زيارة سمو الأمير تميم بن حمد إلى دارفور مما يعكس الاستقرار والسلام في الإقليم.
في مايو 2016 التقيتم بمناوي وجبريل وتم الاتفاق على ترتيبات إجرائية، لكن من الواضح أن الأمر لم يتحرك بعد ذلك؟
الاجتماع في البداية جمع كل الأطراف، وهو بمبادرة منهم طلبوا لقاءً في باريس وذهبت إلى هناك وتحدثنا واتفقنا على أن يقدموا ورقة حول السلام وندرسها ونرد عليهم، وقدموا ورقة فيها وجهة نظر، إلا أن الوسيط المشترك لم يوافق عليها ولا نحن..
ما هي وجهة نظرهم؟
وجهة نظرهم تتلخص في أنهم يريدون أن يفتحوا وثيقة الدوحة من البداية، أي أن تفتح فقرة فقرة.. فقلنا لهم وبكل صراحة -وهو موقفنا حتى الآن باقتناع- إن هذه الوثيقة بنيت على أساس متين عبر مؤتمر أهل المصلحة، والنازحين واللاجئين والمجتمع المدني، فكيف ستكون مصداقيتنا إذا غيرنا فيها كما ترغب الحركات؟.. بل وأكثر من ذلك، افتراضاً أن التغيير تم بالفعل، فهل سيرضوا أن تُفتَح الاتفاقيّة لأجل من يأتي بعدهم؟ بالإضافة إلى ذلك، كيف نفتح شيئاً أقرَّه الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية على أنها الأساس لحل الأزمة؟، بالتالي عندما تفتحها فإن ذلك بمثابة هدم للأساس وعودة للمربع الأول.
وهل وقف الأمر عند هذا الحد؟
بعدها بفترة طلب المبعوث الأمريكي اجتماعاً في الدوحة، لنرى كيفية تحقيق السلام الشامل، وجاء المبعوث الأمريكي والوسيط المشترك والحكومة، واستمعنا له وبعد النقاش تم الاتفاق على أساسين، وبعد الاتصال بالحركات تم إبلاغهم عبر الوسيط المشترك بالرسالة التي تقول بأن هناك أساسين من أجل السلام؛ التوقيع أولاً على وقف العدائيات وثانياً الدخول في مفاوضات على أساس وثيقة الدوحة للسلام، وما يتم الاتفاق عليه يكون بروتوكولاً يُضَمَّن في الوثيقة، هذا ما تم إقراره من الجانب الأمريكي بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والإفريقي.. هذه النقطة الجوهرية، ونتمنى أن يتفهم الأخوان هذه النقطة.
وأقول إننا كقطر حصلنا على الاستقلال في السبعينات وجئنا إلى المجتمع الدولي وهناك اتفاقات وُقِّعت قبلنا وتم الاتفاق عليها، فهل يحق لنا أن نقول افتحوا الاتفاقيات ليناقشوها؟، بالتأكيد لا يمكن ذلك. الوثيقة تم وضعها كوثيقة جامعة حتى يتم تضمين ما يتم الاتفاق عليه لاحقاً، بعد أن يطرحوا ما يريدون، وتتم إضافته في البروتوكول على ألا يتناقض مع الوثيقة.
تضمين الوثيقة في الدستور صَعَّب استيعاب مطالب الآخرين، أقصد الحركات المسلحة التي لم توقع؟
لا أعتقد ذلك.. دخولها في الدستور أعطى ضماناً لمن يريد أن يدخل حيث يضمن لهم الالتزام لأن إدعاء كل الحركات أن الحكومة لا تلتزم بذلك.
طالما الحكومة وضعتها في الدستور فالدستور أكبر التزام. كما أنها لم تمنع الحركات من الانضمام كأبو القاسم إمام الذي قال لي عندما جاء إلى الدوحة “نحن اطلعنا على الوثيقة ونحن مقتنعون بها ونرى أنها تحقق مطالب أهل دارفور”.
كيف تم الاختراق بضم أبو القاسم إمام؟
الفضل في ذلك للحكومة من بعد الله، والاتصال الذي تم من بعض الأشخاص هنا وهناك، وإيصال المعلومة عن الوثيقة، لأن هناك عدم فهم لمن لم يشاركوا فيها، ولكن بعد تضمينها في الدستور تم الاطلاع عليها.. أبو القاسم إمام رجل عاقل وقابلته وهو رجل يعي ما يقول وما يعمل.. نقول إن الأخوان في دارفور أصبحوا يدركون أن أهلهم يحتاجون إلى تنمية، ونتمنى أن يضعوا يدهم في يدنا لتحقيق ما يريده أهل دارفور وهم أهل المصلحة العليا في السلام والاستقرار.
هناك مخاوف من تراجع الاهتمام القطري بالشأن السوداني والدافوري خصوصاً؟
نحن تربينا في كافة عهودنا على أن نقول كلمة وننفذها، هذا مبدأنا، وما قلناه وتعهدنا به سيكون، وقفنا في أحلك الظروف وسنقف في الظروف الطيبة.
هل هناك ضغوطات تمارس على قطر للانسحاب من ملف دارفور؟
ليس هناك من يثنينا عن عزمنا وتنفيذ ما قلناه لأهل دارفور في سبيل التنمية والحياة الكريمة، وسنقف معهم هذا واجبنا..
نحن دخلنا في هذه العملية ويعلم الله ماذا واجهنا وما هي المحاولات لإفساد ما نقوم به استناداً على قاعدة فقهية بالتوكل على الله (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا).. وبنية صافية.. ونرى حالياً أن الأمور تسير بعد أن كانت صعبة.
هل هنالك جديد في الموقف من دمج المسارين دارفور والمنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان)؟
هذه قصة طويلة وقديمة بدأت من قبل الدوحة، حيث جاء للدوحة من فترة طويلة الرئيس ثامبيو أمبيكي ومعه اللجنة كلها وتحدث عن فكرة دمج عملية السلام وقلت له إذا نجحنا في دارفور فأنت نجحت في مهمتك في السودان ككل، وإذا فشلنا في دارفور المهمة كلها ستفشل.
الدمج في بعض الأشياء يُحدِث مشكلات، وتطورت الفكرة وقلت له إن الامم المتحدة عينت وسيطاً مشتركاً لدارفور، ورأينا أن الدمج ربما لا يحل مشكلة دارفور بل ربما يعود بها إلى الخلف، بل وهناك قيادات حركات ضد هذا الاتجاه.
وأعرف أن قيادات الجبهة الثورية مختلفة في ما بينها وقلت لا يمكن التفاوض في أجندة مختلفة للوصول لأهداف مشتركة، لذا قلت لسنا معنيين بالدخول فيما لا يعنينا أو يخصنا، نحن نحترم إمبيكي ونحن سعينا لتحقيق سلام دارفور، دمج الملفين يعني عملياً توقف مشاريع التنمية في دارفور.
ماذا عن مسار العلاقات السودانية القطرية؟
كانت متميزة والآن متميزة بأكثر وكذلك في المستقبل، لأنها قائمة على الصراحة والوضوح. وجهة نظرنا السودان بلد واجه صعوبات كثيرة وخلق مشاكل له هو في غنى عنها، لكن صبر الناس ووقوفهم خلف قيادة البلد كانت أساس الثبات في الأوقات الصعبة، وأعرف حجم المؤامرات التي يتعرض لها وبحكم إمساكي بالملف أعرف ذلك جيداً؛ مؤامرات كثيرة سعت لزعزعة السودان ونحن نعلم أن زعزعة السودان تعني زعزعة المنطقة ككل، عندما أخذت وثيقة الدوحة لسلام دارفور وذهبت إلى جان بينج في الاتحاد الإفريقي قلت له هذه الوثيقة التي توصلنا إليها قبل أن أذهب إلى الأمم المتحدة، فقال لي بالنص: بلغ الأمير سلامنا وشكرنا فما قام به لم يعمل للسودان بل لإفريقيا كلها، لأنه إذا تفككت دارفور تفككت دول.
السودان دولة حالياً قوية، قياساً على الجيران وأنا إنسان عادل في الوساطة مع الأطراف، لكن عندما أرى السودان بظروفه الاقتصادية وأهل الجنوب يأتون ويأكلون ويشربون ويشاركون في الخبز، وأكثر من ذلك من سورريا أيضاً، فأنتم تستحقون الاحترام والتقدير.
حوار: رئيس التحرير
السوداني
بلادي بلاد ناسا تكرم الضيف وحتى الطير يجيها جعان من اطراف تقيها شبع ، اللهم لك الحمد . ونسأل الله ان يحفظ لنا هذا الوطن .
الهم تحفظ قطر هي الاخت الحقيقيه ولي اخواننا الافارقه