هل نفذت الحكومة خطتها لضبط المنابر؟
أصدر المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد بولاية الخرطوم على نحو مفاجئ قراراً قضى بإيقاف خطيبي مسجد الخرطوم الكبير الشيخ كمال رزق ود. إسماعيل الحكيم من اعتلاء منبر الجمعة دون الإفصاح عن أسباب الإيقاف من قبل المجلس كجهة مسؤولة من إدارة الحقل الديني في الولاية خطابة ووعظاً.
ولا يعد قرار إيقاف إمامي مسجد الخرطوم الأول من نوعه، وإنما هناك قرارات مشابهة صدرت في وقت سابق بإيقاف أئمة ودعاة من إلقاء الخطب في المساجد أبرزهم د. محمد علي الجزولي.
الإمام المحترف
واتهم رئيس المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد بولاية الخرطوم السابق بدر الدين طه، بعض أئمة المساجد بالتفلت والخروج عن المسار العام واللياقة أثناء خطب الجمعة وصدر قرار بإعفاء عدد منهم، ثم جاء قرار وزير الدعوة والإرشاد الاتحادي د. عمار ميرغني الذي منع بموجبه حلقات الوعظ التي تقيمها بعض الجماعات السلفية في الأسواق والأماكن العامة ما أثار جدلاً كبيراً، وتبع ذلك قرار بإعفاء عدد من الأئمة ومنعهم من مخاطبة المصلين، وجرى طرح مشروع عرف باسم الإمام المحترف الذي قال رئيس مجلس الإرشاد وقتها بدر الدين طه إنه يهدف إلى ترقية الأئمة وتطويرهم والاهتمام بسكنهم ومعاشهم.
غير أن قرارات منع وإعفاء الخطباء والوعاظ تتبعها حزمة من التساؤلات أبرزها هل هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة غير معلنة من قبل الدولة لترقية الهيكل الديني، وحماية أماكن العبادة من التوظيف السياسي كما أشار وزير الإرشاد من قبل، وعطفاً على حديث رئيس مجلس الدعوة السابق بدر الدين طه الذي أشار فيه لوجود أئمة مساجد متفلتين يخرجون عن المسار العام أثناء خطبة الجمعة. والسؤال الأهم عن كيفية تطبيق هذا الحظر على أئمة المساجد والوعاظ ومنعهم من ممارسة أي نشاط سياسي وإلزامهم بالقيام بالمهام التي تعاقدوا عليها مع الدولة في شخص وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في ظل وجود أئمة متطوعين لإمامة المصلين في صلاة الجمعة، وهل هناك شرط من قبل الدولة بأن يظل هؤلاء الأئمة بعيدين عن السياسية وإثارة نزاعاتها وتأثيراتها من على منابر الجمعة التي قد تخلق تشنجات وتؤثر سلباً على الطمأنينة داخل بيوت الله حتى يضمن للمسلمين تأدية شعائرهم داخل المساجد بهدوء؟
في هذا الخصوص استنطقت (الصيحة) د. إسماعيل حكيم أحد الأئمة اللذين شملهما قرار الإيقاف الأخير، فقال إن الآلية التي أصدرت القرار لم تبلغهما بالقرار مباشرة وإنما أبلغت لجنة المسجد بأنه سيتم استبدالهما بآخرين وهما اللذين سيتوليان إمامة المصلين في الجمعة دون توضيح الجهة التي أصدرت القرار لأي دواعٍ ومسببات.
نافياً أن تكون هناك قضية في أي شأن ملفتة للنظر وتناولوها في خطبهم حد إصدار قرار بحقهم، وأضاف أن المجلس لم يستدعِهم أو يخاطبهم بأن قرار الإيقاف جاء من لجنة المسجد، وأكد حكيم أن قرار الإيقاف كان إخطاراً شفاهياً ولم يأتِ بخطاب رسمي من المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد.
إخطار مباغت
عن موعد صدور القرار قال حكيم كان يوم (الخميس) وأشار إلى أن الشيخ كمال رزق كان قد فرُغ لتوِّه من إعداد الخطبة التي سيُلقيها على المصلين ليفاجأ بإخطار لجنة المسجد له بألا يؤم المصلين في الجمعة وأخطرته بأنه سيكون هناك بديل له على أن يتم تكريمه في وقت لاحق.
ونفى حكيم أن يكون سبق هذا القرار صدور أي توجيه لهما بتناول أي قضية وشأن ليخالفاه ولم يسبق أن تم توجيههما بشأن محاذير يحرم تناولها، بوقتٍ لم تكن هناك موضوعات بعينها يتم تحديدها لتناولها في الخطبة، وأبان أنهم كانوا يستقون موضوعات خطبهم من الرأي العام السائد في حينها حول القضايا المطروحة في الساحة ويقومون بمعالجتها في إطارها الإرشادي والدعوي والتنبيه للمخاطر والإشكالات.
وعما أن كانوا يتناولون السياسة في خطبهم أجاب حكيم بالإيجاب قائلاً إن كثيراً من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها تمت معالجتها من خلال تناولها في منبر مسجد الخرطوم العتيق، وعما إذا كانت هناك جهة في الدولة قد ضاقت ذرعاً بالنقد الذي يوجهونه من على المنبر خلال الخطبة جاء رده أنه يخشى أن تكون عملية الإيقاف هذه مرتبطة بسياسات ودعاوى لتكميم الأفواه وكانت البداية بهذا المنبر الذي يأتي إليه مصلين من خارج ولاية الخرطوم، مضيفاً أنه لا يرى أي جديد في الخطبة التي يلقونها ويستدعي إيقافهم وهي ذات الموضوعات التي ظلوا يتناولونها على مدى السنوات السابقة، منبِّهاً إلى أنهم لن يسكتوا على هذا القرار وسيقاومونه رغم أنهم غير حريصين على زيادة شقة الخلاف أكثر مما هي عليه وقال: “لكن سنسعى لمعرفة أسباب ودواعي صدور هذا القرار حتى لا يكون عملاً شفاهياً دون مكتوب صادر من جهة رسمية بعينها”. مؤكداً في ختام حديثه أن لجنة المجلس غير مقتنعة بالقرار والآن لديها تحرُّك واتصلت بعدد من الجهات لمعرفة الأسباب والجهة التي أصدرت القرار وهم الآن أسندوا الأمر إليها لتقوم بتقصي الأسباب بدلاً عنهم.
توفيق أوضاع
من جانبه نفى رئيس لجنة مسجد الخرطوم الكبير د. الياس بكري أن يكون هناك قرار مكتوب قد صدر بإيقاف هؤلاء الشيوخ من الصعود لمنبر الجمعة وإنما هناك توجيه من مدير الدعوة بولاية الخرطوم وحسب ما نقل إليه كرئيس للجنة المسجد بأن هذا التوجيه يأتي في إطار توصيات مؤتمر المساجد الذي انعقد قبل فترة، التي من ضمنها تكوين لجنة للمساجد الكبيرة لدراسة توفيق أوضاعها وتحديد الدروس التي تقام فيها ويتم إلحاقها ببعض الجامعات وهذا ما تم توضيحه من أسباب لهذا التوجيه، لكن لم يصدر قرار رسمي بهذا التوجيه بالإيقاف من مجلس الدعوة ويبدو أن رئيسه لا يعلم بهذا التوجيه الذي أبغلنا به مدير الدعوة في المجلس.
عن تفسيره لإيقاف هؤلاء الشيوخ قال الياس إنه حسب علمه أن هناك ترتيبات إدارية ستتم في شأن تصنيف الأئمة بأن هناك أئمة فصل أول يتولون أمر المساجد الكبرى لتتم متابعتهم من قبل المجلس وكما هو معروف شيخ كمال رزق ومعه آخرون متطوعون وليسوا أئمة تابعين للمجلس الأعلى للدعوة الذي يريد أن يكون أئمة المساجد الكبيرة عبر برنامج مدروس وتابعين لهم وهؤلاء من حقهم أن يظلوا أئمة الفصل الأول التابعين للمجلس لأن فيها كثيراً من الإيجابيات منها محاسبتهم في حال الغياب، واستبعد بكري أن يكون تناول القضايا السياسية في الخطبة أحد الأسباب مشيراً إلى أن كثيراً من الأئمة يتناول أمور سياسية في خطبهم، وعاد د. الياس ليؤكد في خاتمة حديثه لـ(الصيحة) أنه حسب حديث رئيس مجلس الدعوة الذي أكد له أن لم يصدر هذا القرار ولا علم له به، وإنما هو توجيه شفاهي عبر الهاتف بأن هناك ترتيبات إدارية أملت إيقاف هؤلاء الشيوخ وزاد: “ذات الحديث أخطر به شيخ كمال رزق شفاهة عبر الهاتف لكن لم يكن هناك قرار مكتوب صادر بهذا، وهذا ما ادخلنا –والكلام للياس- في مساءلة من قبل مجلس الدعوة الذي نفى أن يكون هناك قرار صدر بهذا الشكل منه وإنما ظهر في الصحف على لسان لجنة المسجد”.
وعن شكل الهيكلة التي ستتم في إطار هذه الترتيبات قال إنه سيتم تغيير القوانين واللوائح المنظمة لعمل المساجد وكذلك مجلس الأمناء. كل هذا طبقاً لتوصيات مؤتمر أئمة المساجد.
مشاورات
وأرجع المجلس اﻷعلى للدعوة واﻹرشاد بوﻻية الخرطوم التغييرات في الأئمة، لأسباب تتصل باستيعاب (50) إماماً وتدريبهم على مهام اﻹمامة.
وقال إعلام المجلس في بيان تلقته (الصيحة) إن مشاورات جرت مع عدد من لجان المساجد بوﻻية الخرطوم خاصة التي تضم أئمة متعاونين متطوعين وتحتمل أن يكون بها أكثر من إمام من أجل استيعابهم في مناشط المساجد من دروس ومواعظ وخطب جمعة.
وأعرب البيان عن تقديره لجهود الشيخ كمال رزق في العمل الدعوي ولفت إلى أن رزق ما يزال عضواً بمجلس اﻷمناء والمجلس الاستشاري.
الصيحة
كنا نأمل ان تضبط المنابر الحكومة!
المنابر تورطت في الوقوف بجانب تيار يعمل ضد الحوار الوطني والتعديلات الدستورية الصادرة عنه ورغبة الشعب ورئيس الجمهورية في بناء الإستقرار وتحقيق الحريات واستخدمت التكفير والزندقة ضد أحزاب الحوار الوطني وتعديلات رئاسة الجمهورية.
اضبطو لينا ناس نافع والحاج آدم ومحمد حاتم سلمان و و و